| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الأحد 21/2/ 2010



الدولة الاستهلاكية للأحزاب الإسلامية

مالوم ابو رغيف

منذ ان جاء الإسلاميون وقبضوا على مقاليد السلطة واحتكروا أهم مناصب ومفاصل الدولة، لم يعرف العراق غير الاستهلاك. لقد حولوا العراق إلى فم استهلاكي ضخم، كل شيئ أعدوه وحوّره لكي يكون قابلا للاستهلاك، ليست الموارد فقط، إنما الدين والسياسة والاقتصاد.

الإسلاميون وأحزابهم ينظرون إلى الإنسان ليس كـكائن إبداعي منتج خلاق، بل كـكائن استهلاكي حاله حال الدواب والبهائم، همه الأكل والشرب والتناكح والرضا بعبوديته لرجال الدين والساسة الإسلاميين.
الإسلاميون يؤمنون بالقرآنية التي تقول، رزقكم في السماء وما توعدون. ، سابقا رزق الله كان معقودا بناصية وسنابك الخيول، غزوا وسلبا ونهبا وجزية، واليوم، ما دام النفط يجري في عروق الأرض. فان مهمة الإنتاج والتصنيع والإبداع لا تشغلهما مثلما يشغلها العراك الغبي ونبش التاريخ والبحث عما طمرته الأزمان من خرافات وخصومات استهلاكية.

لا يتطرق الإسلاميون إلى الإنتاج إلا عندما يذكر النفط، وهو السلعة الوحيدة التي ينتجها العراق دونما فضل لا لأصحاب الكروش والعمائم الغثة ولا لسياسيي الجوامع والمساجد والحسينيات الدجالين والنصابين، الذين يستحوذون على حصة الأسد من ميزانية الدولة السنوية لا لشيء يحسنونه أو يجيدون صنعه أو عمله اللهم إلا البراعة في فنون الدجل والغش والتهريب.
الإسلاميون وخبرائهم الاقتصاديون لا يحسبون للمستقبل حساب، فالمستقبل في علم الغيب، والغيب من علم الله، ولا يؤمنون بالتخطيط، فبالنسبة لهم الله هو الخطاط والمخطط، ولو كان باستطاعتهم لامتصوا أخر قطرة من نفط باطن الأرض، ولجعلوا باطن الأرض مثل ظاهرها، يابسا متصحرا. متجاهلين إن للأجيال القادمة حصة في هذه الثروة الوطنية أيضا وان أي زيادة غير طبيعية بالإنتاج تعني أيضا انخفاض الأسعار..

لم يتحدث إسلامي واحد، سياسي أو غير سياسي، مرجعي أو آية الله أو علامة ، سني أو شيعي عن بناء معامل ومصانع وأعمار ما خربته الحرب منها، لم يتحدثوا عن تأهيل أو إعادة تأهيل ملايين الشباب العاطلين عن العمل لمهن يتطلبها سوق العمل، لم يتحدثوا عن معاهد ولا عن مدارس حرفية ومهنية وصناعية، أنهم يتحدثون ويعيدون ويصقلون الكلام عن بناء المعاهد الدينية ومدارس تحفيظ القرآن التي تخرج ببغاوات لا تحسن سوى إعادة ما حشيت بها مخيخاتها من كلام، أو بناء وتشييد حسينيات ومساجد ومراقد بملايين الدولارات لإنتاج الملالي، أو إدخال عشرات ألاف الشباب في الجيش والشرطة في وظائف ليس لها مردود سوى الاستهلاك، أو استحداث دوائر لوزارات كسيحة كوزارة الحج والعمرة التي يجلس وزيرها نائما على كرسيه لا يستفيق منه إلا في شهر ذي الحجة.. نايم مولانا حلوة نومته.

عندما يتحول البلد إلى بلد استهلاكي، فان ذلك يعني أيضا انه يتحول إلى سوق للدول المجاورة وغير المجاورة، تبيع فيه سلعها رديئة الصنع لانعدام المنافسة الوطنية، فتزدهر معاملها ومصانعها ويفلس العراق ويفقر دولة وشعب.
يهيم الإسلاميون عشقا بمهنة التجارة،لأن النبي محمد كان تاجرا، يعتبرونها من اشرف وارفع المهن، يضعونها في قمة التسلسل الهرمي للعمل، فهي ومهما كان جشع وطمع وبخس التاجر مهنة مباركة، قد باركها الله وأنبياءه ورسله غاضين بصرهم عن فساد الذمم والضمائر، من أشباه التاجر والمختلس النحرير وزير التجارة المطعون بذمته ونزاهته الدعووي الحاج السوداني، ومهما كان الربح فاحشا والسعر مرتفعا والنوعية متردية والمصدر مشكوك فيه، إلا إنها تبقى حلالا بلالا، فالمثل الإسلامي يقول التجارة شطارة.

وشطارة الحزبيين الإسلاميين ليس في التجارة كمهنة وحرفة ومعرفة في أسس اقتصاديات و احتياجات السوق، ولا في توفير ما يحتاجه المواطن من متطلبات ضرورية، بل في احتكار السوق وفي اتخامه ببضائع تفسد الذوق والصحة والإصرار على إبقاء العراق بلدا استهلاكيا و سوقا مفتوحة لكل أنواع البضائع حتى تلك التي تسبب الأمراض ولا تصلح للاستهلاك الآدمي أو قد انقضت وانتهت صلاحية استخدامها خاصة الغذائية والدوائية منها.

المثل العراقي يقول إن القط يتمنى أن يصاب صاحبه بالعمى كي يسرق دون أن يراه احد، أما الإسلاميون فيتمنون أن يبقى العراق متخلفا جاهلا محتاجا استهلاكيا، فتزدهر تجارتهم الدينية والسلعية وتباع سلعهم وبضاعتهم على علاتها، فانعدام الكهرباء يعني انتعاش بيع المولدات الكهربائية، وقلة الأدوية والأطباء تعني انتعاش سوق التطبب بالشعوذة والرقية الشرعية والعلاج بالقرآن، فليس من خيار وليس من بديل أمام المواطن البسيط.

الإسلاميون العراقيون هم اقرب إلى السماسرة منهم إلى التجار، فالتاجر يورد بضاعة ويستورد بضاعة ويحرص أيضا على ازدهار اقتصاد بلده فتتعزز القدرة الشرائية للمواطنين، يزداد إقبالهم على الشراء ، اما تجارنا الإسلاميين من جماعات الأحزاب الإسلامية، مصاصين دماء الفقراء وأبناء السبيل والمساكين، فإنهم سكنوا حيث لا يعبد الله ولا يقدس، بلاد بوذا، حيث السلع البلاستيكية الرديئة، فاستوطنوا تايلاند والفلبين وتايوان وكوريا الجنوبية والصين، ولا ننسى سوريا والأردن ومصر وإيران.
تجارة مشوهه همها إخراج الأموال من داخل العراق واستثمارها في خارجه.

البرلمانيون والوزراء وكبار المسئولين الاسلاميين، أصحاب الرواتب والامتيازات الضخمة، هؤلاء الذين يتحدثون عن الوطن والوطنية وعن الله والضمير، كل ثرواتهم المشروعة وغير المشروعة يستثمرونها في بنوك الخارج حيث شركاتهم وعقاراتهم.
إنهم لا يستغلون ولا يستولون على ثروات العراق فقط، بل يصدرونها إلى الخارج، هم ليس بلاء واحد بل اثنين، جهلهم وتكاليفهم الكبيرة و تفريغ العراق من مردودات مبيعات نفطه فأي ممثلين للشعب هم أذاً.

 

 

free web counter