نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الأربعاء 1 /3/ 2006

 

 

 

يوم مشهود في المحاكمة

 

مالوم ابو رغيف

الادلة الجنائية التي قدمها الادعاء العام، هي ادلة وشهادة تاريخية تدين الاستبداد الاجرامي، والهمجية والسقوط الاخلاقي ليس لنظام البعث وحده، بل لانظمة الاستبداد العربية. هي ليست ادانة لصدام ولحفنة الطغاة وللمعبد الديني الذي استند عليه البعث طوال سني حكمه، بل انها ادانة كاملة لكل اجهزة القمع السرية العربية التي تحكم شعوبا بالحديد والنار، هي ادانة لشعوب العربان الذين خرجوا بمسيرات ومظاهرات سافلة من اجل انقاذ راس الجزار من ان يكون تحت الحذاء، اي حذاء، حتى لو كان حذاء ابي رغال. هي ادانة لجميع الاحزاب والمنظمات الاسلامية التي ما فتأت تصدر فتوى اثر فتوى لاعادة حكم البعث الساقط.، هي ادانة لكل مجموعة او طائفة لا زالت تعتبر ان السافل صدام هو الرئيس الشرعي للعراق، هي ادانة لمجاميع السقوط الانساني الملقبة بالمقاومة العراقية ولمن يناصرها من احزاب تشربت بالوهابية والعنصرية والطائفية وتعتبر ان ما جرى في التاسع من نيسان هو يوم مظلم وكارثة قد حلت بالعراق. هي ادانة لكل من يعتبر ان اسقاط النظام هو احتلال للعراق وانتقاص من سيادته. فلقد وضحت الادلة ان السيادة كانت سيادة صدام، والعراق كان ملك السفلة من ال العوجة ومن جاورهم وتخلق باخلاقهم وتربى وفق مقاييس خستهم، اولئك الذين اصابهم الجرب البعثي فلا ينفع معهم لا دواء ولا احجية ولا رقية شرعية ولا حتى الله بقادر على تطهير هذه الانجاس والحثالات المتناهية بالقذارة والنتن.

هي ادانة للصحافة العربية الصفراء، وللكتاب واللشعراء وللاعلاميين العرب، اولئك الذين اعتاشوا على غمط الحقيقة وتزييفها، الذين كرسوا اقلامهم وافكارهم وجهودهم لخدمة نظام البعث الاجرامي، ولم يجدوها معيبة ومثلبة ان يترعوا كؤوس الطلا على اشلاء وجثث العراقيين . هي ادانة للمحامين العرب الذين تطوعوا للدفاع عن مجرم وضيع، فخانوا ضميرهم وقسمهم بالدفاع عن المظلوم لا عن الظالم،وانصاف المغبون لا الغابن. هي ادانة واسعة وشاملة لجميع من ارتبط بهذا النظام وساعده على ان يبقى طول هذه المدة جاثما على صدور الناس..

الان ليس الشهود الذين انبرى السفلة بالتشكيك بمصداقيتهم، ولا اثار المجزرة التي خلفتها اظلافهم وحوافرهم وبراثنم في الارض وفي الانسان، هذه المرة، مثل يوم القيامة، تشهد عليهم اياديهم وكلماتهم وتواقيعهم ومسؤلياتهم ومراكزهم وخطاباتهم، ولئن هذه المرة تخلتف عن سواها، فلا شاهد يلاسنوه، ولا حادثة يستطيعون انكارها، ولا تنصل يفيد، فاسودت واظلمت وجوههم على سوادها وعلى اكفهرارها، وغابت عنجهيتهم، واصبحوا كالكلاب المنهكة، فلا تجد من تعضه، ففضل برزان ان يغرز انيابه في لشة ميت هالك هو وضاح الشيخلي الذي يجب ان يحاكم وهو ميت، ليعرف التاريخ ان المجرميين لا يعفى عنهم لا امواتا ولا احياءا.

لقد بدا صدام كالفأر، منكمشا في قفصه، شاردا في ذهنه، متذكرا لضحالة وخزي جرائمه، لم يستدخم لا قلمه ولا قرآنه ولا اوراقه ولا لسانه القذر، لم يجد ما يسأل عنه الا التاريخ، حنين اغبر الى ماضي اجرامي تمنى ان يعود الزمن مرة اخرى ليحرق من بقي على قيد الحياة..لم يعرف ان وجوده في السلطة كانت في غفوة من التاريخ، لن يتذكرها الناس الا مقرونة بالموت والفجيعة والسقوط، مثل فترات الطاعون والجرب...

لكنهم وهم في هذه الحالة في اقفاص خزيهم، وفي صورتهم الحقيقية التي تثير الاستغراب كيف ان يكون مجموعة من الاغبياء، الهمج السوقية على رأس بلد ولدت فيه الحضارة، بلد الثورات والنضال منذ مطلع التاريخ، على حالتهم هذه التي تشبه حالة زانية افتضح عهرها ولم يسعفها الانكار، حاولوا ان يشككوا ببعض الوثائق، غير مستحين ولا خجلين، لكن هل يعرف هؤلاء الخجل او الحياء وهم رضعوا الاجرام والسقوط منذ الولادة.؟

يحاول برزان ان يقول ان بعض المستندات لا تدل على انها من مديريةالمخابرات، المديرية التي وللغرابة، كل من ترأسها انكر اجرامه وحاول تصويرها على انها مخصصة لحماية العراق..حاول برزان ان يشكك بهذه المستندات لانها لا تحمل شعار الجمهورية، جمهورية ال العوجة وال تكريت وال من يدعون تحرير العراق فيقتلون ابناءة بالجملة..وان كل الاوراق والرسائل يجب ان تحمل شعار النسريين، النسور تاكل الجيف، فشعار جمهوريتهم مطابق لنهمهم وعاداتهم..بينما لا يستغرب هذا القميئ ان يعدم اربع اشخاص عن طريق الخطأ..او يُعدم طفل بالرابعة عشر من عمره وتصدر له شهادة وفاة!!

لقد تحول الضحايا في هذه المحكمة الى ارقام، فالعدد 48 يدل على المجموع، و96 يدل على عدد المعدومين، 46 يدل على من قُتل تحت التعذيب وهكذا... ما كان للمدعي العام ان يحيل الضحايا الى ارقام ، فيطرح رقم من رقم ويجمع مع رقم اخر..ما كان له ان يذكر الرقم الا مقرونا بالضحية، فهؤلاء الذين قُتلوا من دون ذنب لن يتحولوا الى ارقام على الاقل في قلوب محبيهمن وفي قلوب المخلصين للوطن..

مع هذا استطاع الدفاع وبنجاح ان يربط الادلة بعضها مع البعض الاخر، وكان مستذكرا للاسماء وللاحداث، ومستعدا للاجابة عن للاسئلة او الاستفسارات التي تطرح...

اما فريق الدفاع الغبي، الممثل بالصقيع خليل الدليمي، فانه يتصور كما يتصور سيده، صدام، ان مجرد عدم حضور المحاميين يعني عدم شرعية المحكمة وعدم عدالتها، وان ذلك، ان لم يفد الان، ففي مرحلة الاستئناف سيكون اساسا قانويا يستند عليه في النقض..وهو يحاول ايضا ان يجعل من القضية اعلامية اكثر منها قضائية، لانه يعرف سلفا، ان الجريمة بل الجرائم متلبستهم..فهل من قانون في هذا العالم يوقف انعقاد محكمة لان المحامي الصعلوك لا يعجبه القاضي ولا الادعاء العام.؟

لذلك يطالب خليل الدليمي بتوقيف المحاكمة لحين استئناف طلب اقصاء القاضي والادعاء العام. الطلبين الذين رفضا كلاهما لسخافة المنطق ولغياب الحجة القانونية المستندان عليها...

وعلى نفسي المنوال يرفض المجرمون المحاميين الذين عينتهما المحكمة للدفاع عنهما، نفس المنطق البليد...فريق دفاعهم الغبي يرفض الحضور، وزمرة الاجرام ترفض المحامين، ثم تلغى المحكمة بانتظار نتائج العلمليات الارهابية التي يقوم بها السلفيون والوهابيون والبعثيون والمتطرفون الطائفيون..

فاتنا ان نذكر ان الاسد الذي افتخرت به الوغدة رغد قد تحول الى نجعة شاردة على يد القاضي القدير رؤوف رشيد...