| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

السبت 1/5/ 2010



النزعة السلطوية وأزمة تشكيل الحكومة.

مالوم ابو رغيف

المشكلة التي تعاني منها الحالة السياسية في العراق هي نزعة الاحتفاظ بالمنصب، وهي نزعة لا نراها في المجتمعات المتحضرة التي تأصلت بها الديمقراطية وأصبحت تقليدا وتراثا وتكوينا ملازما للشخصية الوطنية. نزعة الاحتفاظ بالمنصب وليدة المجتمعات السلطوية الشمولية، فالإنسان في هذه المجتمعات تتحدد قيمته وكرامته وحصانته بمنصبه أو سلطته ، فهو في حصن حصين وسد أمين من المحاسبة والعقاب مادام هو أو حزبه في المنصب السلطوي ووزير التجارة السابق الفاسد عبد الفلاح السوداني الذي خرج من تهمة الفساد مثلما تخرج الشعرة من العجين دليلا لما نود قوله وما نرمي إليه.

هذه النزعة السلطوية التي تتناقض تماما مع القيم الديمقراطية هي التي تسبب شعورا بالنقص عند السياسي الذي قد يُنحى من منصبه ولا يستمر في موقعه، ولربما، وهي حالة ليس مستبعدة، إن يكون مسئولا عن الفساد أو ساكتا عليه، وان الإشاعات التي تبث هنا وهناك قد تكون ليست مجرد إشاعات ولها نصيب من الصحة ومثلما يقول المثل المصري يا خبر بفلوس بكرة يبقى بلاش.

المالكي لا يتصور نفسه إلا رئيسا للوزراء وكأن الله لم يخلقه إلا لهذا المنصب ولا يختلف علاوي عن المالكي بهذا التصور، فبعد إن خسر علاوي بانتخابات 2005 قاطع البرلمان العراقي ولم يحضر جلساته وقضى معظم أوقاته يعد عدته من اجل عودة مظفرة للكرسي ولم يشير له الإعلام، أكان الإعلام العربي أو إعلامه الخاص إلا بصفة رئيس الوزراء الأسبق. والجعفري أصر لأخر لحظة على البقاء بالمنصب ولم يتنحى عنه إلا مشترطا إن يخلفه رجل يكون من حزب الدعوة فكان السيد المالكي، الجعفري مثله مثل علاوي قاطع البرلمان وتكبر على أعضائه ولم يحضر جلساته وقضى وقته يتصرف تصرف المتنفذين.

فلا يختلف علاوي عن المالكي أو عن الجعفري فهؤلاء الثلاثة مستعدون للتحالف مع الشيطان للعودة أو الاحتفاظ بالمنصب.

هذه النزعة بالطبع لا تقتصر على هذا الثلاثي وتتعداه إلى الكثير من السياسيين الذين يتنقلون ما بين المناصب والوزارات وكأن العراق قد خلا إلا منهم، هذا رغم شحة قدراتهم وفقر كفاءاتهم وعدم تحقيق تقدم يذكر على مستوى الازدهار الاقتصادي أو العمراني أو ألخدماتي في عهودهم. نزعة التسلط هي التي تجعل الوزراء والبرلمانيين يستغلون نفوذهم ويسخرون الوزارات لخدمتهم فيشكلون مكاتب وأحزاب ومنتديات وكتل تمول من الفساد المالي والإداري ومن التعاقدات والمعاهدات الإقليمية العربية والأجنبية وكذلك ما يمنحه المنصب من نفوذ وامتيازات وتأثير للفوز بالانتخابات والوصول إلى منصب رئيس الوزراء.

في المجتمعات الديمقراطية، وعندما يكون هناك تنازع سياسي يكون الحل بالالتجاء إلى القضاء الذي هو صاحب الكلمة الفصل. لكن يبدو إن الأحزاب والكتل التي تود الاضطلاع بمهمة بناء مجتمع الديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون لا تحترم القضاء ولا تنصاع لإحكامه، فلازالت عقلية الحاكم الشمولي متجذرة فيهم، ومع إن الكثير منهم قد عاش في الغرب، إلا إن حضوره كان جسديا أما عقليا وفكريا فلم يفارق أعشاش الأفكار الاستبدادية الشمولية الموروثة.

لذلك وبدلا من اللجوء للقضاء العراقي تهدد قائمة علاوي باللجوء للخارج، إلى جامعة الدول العربية التي لا تحل رجل دجاجة أو إلى الأمم المتحدة التي لا زلنا نعاني من مجلس الأمن الدولي التابع لها وفصله السابع ، بينما تقوم الحكومة حسب ما يشاع بتنصيب قضاة من حزب الدعوة لتكون القرارات والإحكام لصالح الدعوة وهي عملية تسييس للقضاء وتدخل سافر في شؤونه.

بركة مياه السياسة العراقية راكدة تنتظر من يلقى فيها حجرا، وبدلا من أن ترمي الأحزاب الكبرى الحجر لتحريك المياه ، يتقاذفون ويتراجمون بالأحجار فيما بينهم ويستعينون بالخارج للإجهاز الواحد على الأخر.

بينما تكتفي بقية الأحزاب بالتفرج وكأنها خارج اللعبة السياسية.

العراق ليس ملكا صرفا لرؤساء الأحزاب حتى وان حققوا فوزا بالانتخابات، وليس ورثا لأحد، لقد ولى عصر الحاكم المستبد والبطل الأوحد ولا نود رؤية وجه بطلا ولا رمزا ولا قائدا، فعلى القضاء تحديد وقتا زمنيا محددا لتشكيل الحكومة وتثبيت حكم القانون وإعطائه مهابة وقوة وزخما وان لم تتشكل الحكومة إعادة الانتخابات.
 

 

free web counter