| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الأحد 19/9/ 2010



أي حكومة نريد؟

مالوم ابو رغيف

الإرهاب في العراق رغم شكله الديني الخبيث ووجهه الطائفي القبيح إلا انه مرتبط ارتباطا وثيقا بالسياسة الفاشية، مظهر دموي لجوهرها البشع، وسيلة للابتزاز وفرض الخنوع والخضوع على الأحزاب و على الناس بمجملهم.

وليس بعاقل من يعتقد إن هذا الكم الهائل من السيارات الملغومة بالمتفجرات و كل وسائل الخراب والدمار وكل هذا القتل والموت والذبح ليس سوى ممارسات خاطئة لبعض المجانين والمنحرفين والشاذين الدينيين لإشباع هواياتهم الدموية بقتل الناس. ليس هناك إرهاب من اجل الإرهاب ولا قتل من اجل القتل، اللهم إلا في حالات مرضية منحصرة في بعض المرضى النفسيين الدمويين الذي لا يرجى إصلاح أعطابهم الدماغية.

في بداية المرحلة السياسية الجديدة وبعد القضاء على البعث وتشكيل الأحزاب الطائفية والوهابية والتيارات الدينية أو تلك العبثية الجوهر الطائفية المظهر، تحول العراق إلى مذبح ومسلخ تكاد لا تنشف فيه الدماء، ترمى فيه الجثث بإهمال، منزوعة الرؤوس مقطعة الأطراف، كأنها بقايا حيوانات نافقة لا يقربها احد. القتل والموت أصبحا زائران مخيفان يفرضان نفسيهما يوميا عنوة وجبرا من دون استئذان، الخطف والاغتصاب أصبحا هاجسان يثقلان القلوب بالقلق والرعب، فلا الصغار ولا الكبار، لا الإناث ولا الذكور بمأمن، لقد وصل الإرهاب إلى المنطقة الخضراء والى البرلمان والى الوزارات. قادة الإرهاب لم يكونوا أشباحا ولم يخفوا أنفسهم، كانوا معروفين للقاصي وللداني البعض منهم أصبح مطبلا للمقاومة وناطقا رسميا باسمها ناسيا إن أصحابه خلعوا ثيابهم على جرف نهر دجلة وهم يلوذون بالفرار من دبابة أمريكية واحدة في مشهد مخزي شاهده العالم من على شاشات جميع الفضائيات العربية والأجنبية، وآخرون انخرطوا بالعملية السياسية معرقلين لعجلاتها وكابحين لزخمها وتقدمها، بينما كانت مهمة بعضهم نشر الفتنة والشر بين الناس، ورغم كل هذا الخبث السياسي والارتباط الإرهابي والإجرام العلني كانوا يحتلون مناصب عليا تحيط بهم حراسات صلدة لا يمكن اختراقها، جل قوامها من المتمرسين بالقتل وسفك الدماء، بينما كان الساسة العراقيون الذين يدعون الإخلاص للوطن والدفاع عن الناس مترددون خائفون يتوددون لهذه الحثالة من الإرهابيين، يتحابون إليهم ويزورهم في أوكارهم، يصلون خلفهم.

كلما أنفضح أمر احدهم و ابعد إرهابي عن العملية السياسية وكشف عن تورط منظمة أو حزب بالإرهاب، كلما قلت وتيرة الإرهاب، لذلك عندما ابعد عدنان الدليمي عن العملية السياسية وعندما أنفضح تورط حارث الضاري وابنه مثنى ومنظمتهم هيئة علماء المسلمين الإرهابية وهربوا خارج العراق وولى ناصر الجنابي الإدبار واختار خلف العليان الأردن مكان له وهرب المجرم الجزار اسعد الهاشمي ومشعان ركاض الجبوري كما ولى مقتدى الصدر إلى إيران وانفضح أمر إرهابيي عصائب الحق وحُل جيش المهدي وضيق على المليشيات الإجرامية، قلت وتيرة الإرهاب والقتل والخطف والاغتصاب، حتى القاعدة بدأت تفقد الكثير من قوتها مع إن انتشارها بين السنة كان نتيجة للصراع الطائفي وحملة الهجوم المذهبي والديني على الشيعة التي شنها الإعلام العربي الأصفر متهمهم بالصوفية وخيانة الوطن والعمالة للأمريكان ولإيران والتأسيس للهلال الشيعي ونشر المذهب ألصفوي محذرة من خطر اندثار العروبة وانقراض العرب.

لقد لاحظ العراقيون بان في كل أزمة أو منعطف سياسي ، يندفع بعض السياسيين للتحذير بان لهذه الأزمة السياسية أو عدم القبول بهذه المحاصصة أو الرضا بالتوافق ردة فعل وعواقب ونتائج دموية وخيمة، ويكون الأمر كما قالوا، توقعوا أو خططوا، تزداد أعمال الإرهاب حدة ووتيرة ويسقط المزيد من الضحايا ويكثر القتل والاغتيال والتخريب والتدمير، الضحية هي نفسها هي العراقي البسيط الذي يطارده الجميع ، الإرهاب والبطالة والمرض والجوع والحر والحكومة التي تهدده برميه خارج الخرابة التي تسمى بيتا لأنه استولى عليها من دون حق بينما كبارهم، رجال دين وتقوى أو رجال سياسة وقانون احتلوا وصادروا بيوتا وعمارات وأراضي وقصور ولا يهددهم احد بالإخلاء، وان حدث فان الحكومة ستمنحهم ما يكفي ويزيد على شراء هذا الملك ليكون لهم ولأولادهم من بعدهم بشكل قانوني وشرعي.

السياسيون الإسلاميون وغيرهم كانوا ولا يزالون يتحاشون الإشارة إلى الإرهاب بشخوصه، بأحزابه أو بالدول التي تموله وتناصره، يتكلمون عنهم وكأنهم أشباحا يهبطون كما تهبط الملائكة في ليلة القدر لا يراهم احد غير انه هبوطهم طول أيام السنة ولا يلبون إلا الموت والخراب، هذا التحاشي والجبن عن الوضوح علامة على ضعف الحكومة وعلى رخو وهزال السياسة العراقية التي يعكسها الموقف الرسمي أو الموقف العام لمجمل الأحزاب والقوى السياسية تجاه الدول المعادية لتطلعات العراق، الدول التي تأوي وتصدر الإرهاب وتنشر السموم الطائفية والمذهبية بين العراقيين، نراه هزال السياسة في الموقف المتسامح مع لصوص كابونات النفط، نراه في التساهل مع سراق ومختلسي المال العام، نراه في التساهل مع القتلة الإرهابيين وعدم تحميل دولهم مسئولية إجرامهم.

لذلك فان استمرار الإرهاب، استمرار انفجار السيارات المفخخة، استمرار قتل الشباب أمام دوائر التطوع العسكري، استمرار الخطف والقتل والاغتيال، استمرار التهريب وسرقة المال العام، استمرار التملق لدول الجوار، لا يعني إلا أمرا واحدا هو إن للإرهاب من لا زال يمثله في العملية السياسية، في البرلمان وفي الحكومة وفي الجيش وفي الشرطة وفي الاقتصاد وفي الوزارات وفي السفارات وبين الوزراء والمدراء ورجال الدين.

إن ما نريده ليس حكومة ترضي الجميع، بل حكومة ترضي الشعب تؤمن حقه وأمنه وسلامته وخدماته، حكومة تنظف البلد من وساخة الإرهاب ومن نتانته ومن عهره ونفاقه. حكومة لا تجعل الناس خداما لرجال الدين بل رجال الدين خداما للناس لان خير الناس من نفع الناس، حكومة لا تمتطي الدين لتصل إلى قلوب الناس فهناك من يمتطيه أيضا لنشر الخوف والذعر والإرهاب، بل حكومة تحقق عهودها ووعدوها وتقطع حبل كذبها بمقص صدق أفعالها.

بالمناسبة

هناك سؤال ينبغي الإجابة عنه أهمله المفكرون وهو لماذا كان الدين ولا يزال مطية للسياسيين لتحقيق مصالحهم الأنانية، مطيتهم للوصول إلى السلطة، ووسيلة لتجنيد الإرهابيين ؟

لابد وان ثمة خطأ ما

ثمة خطل ما

ثمة نقص وليس كمال في هذا الدين

فالكمال يحقق الحب والسعادة ورغد العيش

والنقص والخطل يكبر ويكثر ولا ينتج إلا الخراب.


 

 

free web counter