| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

السبت 19/1/ 2008



نظرية الامام المهدي وحركات الدجل الدينية

مالوم ابو رغيف

احداث البصرة والناصرية الدموية، او تلك التي تحدث بمناطق مختلفة من العراق، سوف لن تتوقف، ستستمر باشكال مختلفة، فبالامس جيش المهدي وجند السماء واليوم انصار المهدي، وغدا ستظهر عناونين والقاب دينية اخرى، سترتبط بالمهدي او بغير المهدي، بالصحابة مثلا، تدعي جميعها المقاومة وتحرير الارض، مثل شعارات المقاومة التي رفعتها عصابات الاجرام الارهابية،الجيش الاسلامي، الوية العشرين، انصار السنة وحماس العراق وغيرها، ثم اتضح وبالدليل القاطع، انها ليست سوى عصابات يسّيرها شيوخ العشائر للحصول على الجاه والثروة وعلى مناصب عليا في الدولة وعقود استيراد وتصدير للاعمار الذي لن يراه احد، واموال تقدر بالملايين تدفع بعملة الاحتلال (الدولارات) مثل التي تحصل عليها المافيات المتمرسة بالاجرام.

واذا كانت حجج وادعات البعض بتسويق الاجرام بذريعة المقاومة تستند على شعارات ونداءات مغرقة بالطائفية المقززة، مثل تلك التي يرفعها ويحرض عليها الطائفي عدنان الدليمي، فان الارضية التي تستند عليها عصابات الاجرام الشيعية، هي ارضية دينية تتخذ من المهدي ومن علائم ظهوره ومن يمثله اسبابا وأُسسا في التثقيف بضرورة التصدي ومحاربة الحكومة التي تسيطر عليها احزاب الاسلام السياسي او رجالاته، الذين قد لا يكونون مرتبطين باحزاب اسلامية.

ان الثروة والغنى الفاحش الذي ظهر بشكل مفاجئ على معظم السياسيين الاسلاميين وغير الاسلاميين، ثروة وغنى فاحش يعجز عن توفيره حتى عفريت شبيك لبيك عبدك ما بين يدك، واحتكار شبه مطلق للمناصب والوزارات، والاستيلاء على الاراضي والعقارات، وشراء مئات الاف البيوت في طول العراق وفي عرضه او في الخارج، حالة من وضع اليد والاقدام والاستحواذ الكامل المفضوح التي رافقت وميزت سيطرة الاحزاب الاسلامية على الحكم، سببت بتوليد حالة طمع وجشع هيجاني شديد، استدعت من الحاسدين او الخصوم الدينيين الالتجاء للبحث عن مبررات دينية لسحب البساط من تحت هذه الاحزاب المشاركة لهم بالايمان بولاية الامام علي بن ابي طالب، وكرههم لبني امية وللنواصب بشكل خاص.

لقد وجدوا ضالتهم في نظرية المهدي، فقد اتفق جميع مراجع ورجال الدين الشيعة على ظهوره المحتوم، الا انهم اختلفوا على علائم الظهور وفقا للموقع السياسي او السلطوي الذي يشغلونه في الدولة. فالبعيدون منها، اي من السلطة، او من لا يقتنعون بما اعطي لهم، منصبا، حقائب وزارية، ثروات، يقولون بتكامل علامات ظهور المهدي، بقرب خروجه وباعطاء توكيله لرجل دين معين، جيش، فرقة او مجموعة يقومون بالتبشير له والتمهيد لظهوره الميمون.

لكن لا احد بالطبع سيتصور، ان من يقبض على مقاليد السلطة او يكون الامر الناهي فيها ويمسك صولجانها، اكان حزبا، فردا او مرجعية، سيبشر بنهايته ويصف حكمه بالجائر، المتحلل الظالم، التي درجة فساده تستدعي خروج المهدي للقضاء عليه بالانتقام من الفاسدين ونشر العدل بين الرعية واعادة الامور الى نصابها الصحيح كما تقول النظرية المهدية.

لذلك في ايران يخفت صوت التبشير بالمهدي، وفي العراق على المستوى الحكومي ايضا، فرجال الدين المتنفذين، هم وملاليهم، لم يعد يذكروا المهدي كثيرا وكأنهم قد نسوه، والتناسي تنصل وابتعاد عن عمد، لكنه دون المجاهرة ، فقسم كبير من الشيعة لا زالوا مضطهدين في الدول العربية وخاصة دولة السوء والارهاب الوهابي السعودية، وفي البحرين وغيرها، كما ان نظرية المهدي تجذرت في الوجدان الشيعي الشعبي ، كانت له عزاء كبيرا طوال مدة الاضطهاد الطائفي التي عاشها الشيعة في العراق لعقود طويلة من الزمن، ان لم يكن اضطهادا مباشرا فاهمال كبيرا لهم ، مثل ما يحصل الان على يد احزاب الاسلام السياسي والمراجع الدينية.

المهدي لا يمثل عزاءا واملا للشيعة الاثنى عشرية فقط، بل لكل الشيعة على اختلاف مذاهبهم ، فهم، اي الشيعة، لا زالوا يعانون من الاستبدادات الطائفية والاهمال الكامل لهم ولمدنهم ولمناطق سكنهم، لذلك لا تستطيع اي حكومة شيعية تهديم القاعدة النظرية التي يستند عليها خصومها ومنافسيها من الشيعة، الا ذا غامرت بشعبيتها وبمستقبلها، فالحكومة او رجال الدين او المرجعية الشيعية لا تستطيع نسف نظرية الايمان المهدوية، لانها عندها تنسف نفسها بنفسها وتتنكر لجماهير المؤمنين ، وهي كذلك لا تستطيع التثقيف بنظرية المهدي الشعبية، لأنها لا تتمكن من التوفير للجميع، للمرجعيات والاحزاب الشيعية الاخرى المنافسة ولافرادها، ما توفره لنفسها وللمقربين منها، من ما تشفطه وتلفطه وتتمع به من رواتب ضخمة ومناصب عالية وسيطرة كبيرة، فخروج المهدي مربوط بحالة الجور والتعسف الكبيرة، اي اذا ثقفت الحكومة وملاليلها بنظرية المهدي، عندها تكون قد ساندت الحركات التي تقول بقرب ظهور المهدي، فلا يوجد سوء وتدهور اكثر مما يعيشه العراقيون الان، اللهم الا في زمن المشانيق من ال العوجة، صدام وامثاله من المجرميين .

والحال هذه، ليس امام حكومة الاسلام السياسي الا حلا واحدا، هو القضاء على هذه الحركات بالقوة العسكرية والعنف وتسخيف وتخطيل اراء اصحابها الدينية، لكن دون المساس بالنظرية المهدوية نفسها او التقليل من مواطنها ونقاط ضعفها السلبية، التي يستغلها الدجالون بالسيطرة على عقول وافئدة الناس لمعيشتهم القاسية، ولاوضاعهم المزرية وامالهم المحطمة، وخيبتهم المريرة بحكومات الاسلام السياسي المفرهدة. دون التثقيف العلمي والمعرفي الحديث ونشر الوعي الاجتماعي والتربوي، دون الكف عن الفرهدة والاثراء غير المشروع. والسبب لانهم بانفسهم يستخدمون الدين من اجل التشبت بالمناصب وتبرير ثرائهم وتعليل اهمالهم لغالبية الشعب.

سيبقى الشعب فريسة للدجل الديني اذا استمر السياسيون بخلط الدين بالسياسة، وستستمر الحركات المبشرة بظهور المهدي،المنقذ الذي نحتاجه حقا لتخليصنا من الورطة التي نحن فيها.






 


 

Counters