| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الخميس 18/9/ 2008



أزمـــــات

مالوم ابو رغيف

ما من شك ان العراق يعيش في خبيصة من الازمات، في ازمات هي اشبه ما يكون بالضوضاء تختلط فيها الاصوات والضجيج فيتعذر فرزها وتبيانها، ازمات مترابطة متشابكة ملتفه على بعضها ضاعت فيها رؤوس الخيوط والتفت على نفسها، كل محاولة للعثور على راس الشليلة يزيد التكور تعقيدا وتشابكا. قالوا ان هذه الكرة المتشابكة من الازمات الخانقة ستحل وتنفرج خيوطها وتنساب بسلاسة دون جهد ان استطعنا حل ازمة الامن والعنف في البلاد، فلا ماء ولا كهرباء ولا تحسين وضع معاشي ولا اقتصادي ولا صحي ولا دبلوماسي دون امان.

ضجت الناس بالدعاء والتهليل والتكبير ووّحدت صفوفها ودعت للقائد البطل المالكي ولجيشه ولشرطته بالنصر المؤزر المبين، حدث وان كسب معركة هنا ومعركة هناك، حدث وان حارب المليشيات وتم نزع بعض من سلاحها وبعض من شرها وشرورها، حدث وان ضعفت القاعدة وقالوا انها وّلت الادبار خارج العراق، حدث وان العشائر السنية سدّت مضافاتها بوجه الارهابيين واعلنت انها صحت واستيقظت وتطهرت من اثمها المبين وحملت سلاحها لمطاردة صديق الامس عدو اليوم القاعدة والمتطرفين . حدث وان اهل البصرة لم يطيقوا صبرا واعلنوها صريحة انهم ضد جيوش المهديين والمهدويين والصدريين والايرانيين على مختلف فصيلاتهم واجناسهم وانواعهم ، استبشروا خيرا بتطهير مدينتهم من رجس هذا الجيش الاجرامي الخبيث. قالوا لقد تحسن الامن وانخفض العنف واسترجعت الناس عاداتها وتجرأت على التجول ليلا ليس لغرض الفسحة والترويح عن النفس انما هربا من فضائل الاسلام السياسي بإنعدام الكهرباء كليا في هذا القيظ الاجرامي وموجات الحر والغبار القاتلة.

فإن كان الامن هو الأساس لحل الازمات فلماذا يا سادة يا كرام وبعد تحسن الامن وبعد كل هذه الدعاية والتصفيق والاهزوجات لــ (درويلنا الورد الي راح يوّصلنا ويرد)، المالكي ولفيفه من حلوين الجهامة وعلى راسهم الوزير النحرير بيان صولاغ، لماذا لم ينسلت ولو خيط واحد من كورة الازمات التي جعلت العراقيين وكأنهم مصابين بالربو فلا يتنفسون الا بالتي واللتيا ويكادون ان يختنقوا حسرة ولوعة.

على عكس التوقعات، انتشرت الامراض وسقطت الناس ضحايا الكوليرا، لتأسن ماء الشرب وتلوثه وراحت الكهرباء في خبر كان وانشغل الوزراء بأخوات كان وان ولعل ولاجل وكل انواع التبريرات المباركة وغير المباركة الصادقة والكاذبة فالمسؤول يجب ان يقول شيئا وان يحمد الله ويشكره ويعدهم بالجنة وانوارها وضيائها وانهارها التي من عسل ومن خمر ومن ماء رقراق وخل ياكلون بسلامة خالهم. زادت الاسعار، غلى الايجار، انعدمت الوظائف، زادت الرشاوي والخاوات ، كثر وترعر اللهيبيات واللهيبية ، وارسلت لنا آيات الله الايرانية كلورا منتهي الصلاحية، تحت شعار قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا وعلى الله فليتوكل الشاربون.

مارست الحكومة مع العراقيين ما يعرف باللغة الانجليزية بــ
tantalization او العلعلة، جعلونا مثل :

              كالعيس في البيداء يقتلها الضما          والماء فوق ظهورها محمول

او مثل ما تقول عفيفة اسكندر :

اواعدك بالوعد واسقيك يا كمون

فالعراق، هو عراق الخير والثروة، عراق النفط والنخيل والاعناب، عراق دجلة والفرات، عراق القناعة والبساطة، عراق كل ما يطلبه سكانه القنوعين دائما حياة آدمية، الستر والامان والصحة، فهل اصبحت هذه المطالب البسيطة في عهد هؤلاء الاسلاميين الذين يخافون من الله ويخشون ناره ويتجنبون غضبه كما يدّعون ويزعمون، هل اصبحت عصية على الحل رغم الميزانية الانفجارية ومليارات الدولارات التي نصدقها عندما نرى اللعاب السائل من افواه الوزراء واعضاء البرلمان وكبار اصحاب الكتل والاحزاب وليس لاننا نرى تطبيقاتها على الارض او نلمس تحسنا معاشيا قد طرأ على حياة المواطن المسكين.؟

بدلا من التقدم العمراني والصناعي والزراعي نرى العراق يتحول الى معسكر كبير جدا فأغلب الشباب العراقي، مضطرا لا راغبا لانعدام فرص العمل، لانعدام المصانع والمشاغل، نراه يتجه الى العسكرة، فهي المهنة الوحيدة التي تعرضها الدولة، لكن ليس ببلاش ايضا، ففي عهد حكام دكاترة اللهم لك الحمد، كل شئ بسعره. لقد غرق العراق بالجنود والشرطة والجيوش والصحوات والمليشيات والعصابات والانتحاريين والانتحاريات والمجاهدين والمقاومين ورجال الدين فكيف تنمو وتزدهر الحياة الديمقراطية في غياب كل مظاهر التحضر والمدنية.؟

وكيف ستحل كورة الازمات هذه في معادلة طردية كلما زادت الميزانية انفجارا كلما كثر اللصوص واللهيبة واشتدت الازمات.
 

 

free web counter