نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الثلاثاء 18 /4/ 2006

 


 


اقتسام الدكتاتورية


مالوم ابو رغيف

رغم جراحات الناس وعذاباتهم وفقدانهم لاحبتهم، كان هناك املا يداعب اعينهم الحزينة، املا ان يعوضوا صبرهم خيرا وان يعرفوا للحياة معنى اخر غير معنى البؤس الذي عرفوه في نظام الهمج البعثي.

حطموا تماثيل القائد الرمز، ليس الحجر فقط ،انما صورة الجلاد المترسخة في ذهن الضحية. ظنوا او توهموا، ان صورة القائد وحاشيته وجلاوزته والمتملقين له وعشيرته واقاربه وضحكاته المقرفه وطريقة كلامه زالت الى الابد. فلم يسقط القائدَ قائدٌ اخر، ولم يهزم الجنرال الوطني جنرالٌ وطني اخر. جيوش اجنبية دقت معاقل الهمجية وقضت على قادة وعلى اوهام مَن كانوا يحلمون ان يروا صورهم معلقة على الحيطان، تهتف الناس باسمائهم، يوزعون المكارم والعطايا على الشعب الجائع، يطلون على الحفاة العراة من شرفات قصور ضخمة ورثوها من الدكتاتور، فلا يرث الدكتاتور الا دكتاتور اخر.

هل كان الشعب واهما.؟

هل خدعه الوطنيون والمؤمنون والمعممون وآيات الله وحججه.؟

كان الناس منشغلين في البحث عن احبتهم في الاقبية، وسجون تحت الارض ، تحولت اصابعهم وايادهم الى معاول تزيل ما تجمع من تراب السنين من على عظام هي شاهد على مأساة الانسان. دموع والام ، لكنا لم نرى احدا من الذين يحتلون القصور الان ويجوبون الصالات طولا وعرضا بحللهم الاوربية وربطات عنقهم الملونة ومؤخراتهم الغليظة. الم يدعوا انهم قدموا ضحايا وشهداء.؟ الم يصوروا لنا قبل ليلة التاسع من نيسان انهم يبكون دما وليس دموعا على مصير الشعب.؟

لم نرى مناضلا واحدا يقف في مقبرة ولا يدا تلامس اصابعها الرقيقة كانها اصابع العروس فجا في الارض، ولم يبحث احد عن صديق او حبيب او جيران ولم نرى لحى تتخضب بالدمع لهول المأساة، ولا كف تمسح الحزن من وجه يتيم.

القادة الجدد كانوا ايضا منشغلين باقتسام اسلاب الدكتاتور، قصوره ، امواله، تحفه ، سياراته، سيوفه، بيوته، نواديه، حدائقه، منتجعاته في طول البلاد وعرضها. ربما اتفقوا على التقسيم فيما بينهم في اجتماعاتهم السرية الوطنية الى النخاع، فلم يُروى او يُشاهد ان مليشيا مؤمنة او وطنية اصطدمت مع مليشيا نصف وطنية او نصف مؤمنة اثناء الاستيلاء على الاموال المنقولة وغير المنقولة.

لم يقتسموا كنوز الدكتاتور فقط ، لكنهم اقتسموا ديكتاتوريته، وزعوها فيما بينهم. فالدكتاتورية ليست الا مجموعة من الهمجية والقبائح ، لم يختصموا فيما بينهم عليها، فهي تكفي الجميع.

فمنهم من يصادر الارض والبنايات، ومنهم مَن يقتل، ومنهم مَن يهمل ، ومنهم مَن يسرق ومنهم مَن يُهرّب، ومنهم مَن يزوّر، ومنهم مَن يخدع الناس ويوهمهم بجنة الخلد، ومنهم مَن يدعي بطولة حب الشهادة وسط حراسه، ومنهم مَن لاتراه الشمس. ومنهم مَن يجبن ، ومنهم مَن يعتقد ان الله قد اختاره لهذا المنصب،ومنهم مَن يسير المظاهرات له او لغيره ، ومنهم مَن يقول انه منصب بأمر الشعب، ومنهم مَن يهب ويعطي بغير حساب.

لو ان الدين الاسلامي لم يحرم التماثيل والاصنام ، لرأينا الاف التماثيل والاصنام تتفوق عددا على الحواجز الكونكريتية في مداخل ومخارج البنيات وتزيد على عدد صور قدس الله سرهم.

وتزداد الفجوة بين الفقر والثراء الفاحش، وتستعد رؤوس الاموال المسروقة لشراء الاسهم في شركات النفط التي ستباع لرأسمالية عراقية تستثمر اموالها في الخارج ، وتغرق السوق بمنتجات سوق الهرج . شركات لا يسأل احد عنها لان السؤال عنها نوع من معصية لله فهي من فضل الله ورزقه.

لنا قطط سمان ، تسرح وتمرح في المنطقة الخضراء، فالمطبخ العراقي كبير جدا يتسع للكثير من قططنا وقطط الجيران وكله بحمد الله وفضله. لكن كل ما اتمناه ان ينتشر مرض انفلونزا القطط فيفتك بها شذرا مذرا..او يكتشف اهل البيت ان هذه القطط لا فائدة ترجى منها ، فهي لنهمها وجشعها تخاف من فئران هربت اسرابا امام دبابة امريكية واحدة.