| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الأثنين 18/2/ 2008



عصافيرهم في اليد وعصفورنا على الشجرة

مالوم ابو رغيف

كل تكتيكات الاحزاب السياسية العلمانية منها والاسلامية لا تخلو من شعار الوحدة الوطنية او الدعوة اليه والعمل من اجله لتشكيل حكومة و الخوض في محاصصة وتوافق طائفي. لكن بالطبع تختلف هذه الاحزاب في ما بينها بتفسيراتها المختلفة لمعنى الوطنية وبالتالي لمعنى الوحدة. فالوطنية بنظر البعض هي الانخراط بصفوف المقاومة التي اثبتت الايام والاحداث والادلة بأنها ليست سوى ارهابيي القاعدة وازلام البعث وجنرالاته المدحورين وبعض الطامعين للسيطرة على السلطة،واذا كان البعض ممن ابتسم لهم الحظ وركبوا الموجة واستقلوا قارب السلطة ليجدوا انفسهم هكذا فجاة في المنطقة الخضراء التي رضى الله والمؤمنون عنها، فإننا عندها لا نلوم الطامعين للوصول الى السلطة ولا نأخذ عليهم طمعهم او طموحهم او احلامهم اكانت بأوانها او غير اوانها واستعداداتهم لركوب الموجة وركوب القوارب، اي قوارب تعبر الى ضفاف المنطقة الخضراء، لان بعض من يتربع على عرش السلطة او يجلس غافيا على كراسي البرلمان لا يختلف عن هؤلاء الطامعين كثيرا.

الوطنية لدى البعض هي الانخراط بالحكومة او التصفيق لقادتها وعدم انتقاد اخطائها والتستر على حراميتها ومهربيها ولهبيتها.

في حين وطنية البعض الاخر هي الارتباط بالحكومات العربية التي تتآمر على العراق شعباً وثروات وتاريخاً والاعلان دون خجل ولا حياء بمعاداتها للشيعة والتقليل من قيمتهم وسلب وطنهم منهم وارسال موجات الارهابيين الذين يأتون عبر دول العربان وكأنهم اشباح لا تراهم استخباراتها ولا قوات امنها المفتحة في القير وليس باللبن كما يقول المثل العراقي الدارج ليخربوا وليقتلوا ثم يعفى عنهم لتتوطد عرى الصداقة والتعاون للناطقين بلا اله الا الله محمد رسول الله.

من خلال بيانات الاحزاب الاسلامية وكبار رجالها يتضح ان معنى الوطنية عندهم ليس سوى حاصل جمع مكونات الشعب العراقي حسب النسب السكانية، وتحويل العراقيين الى ارقام محشورة في خانات الاحصاء والتسجيل والترقيم، فمن هو سني سيبقى هو واولاده واحفاده في خانات وسجلات خاصة بالسنة حتى وان اعتبر معاوية بن ابي سفيان فاسقاً وزنديقاً ولعن يزيد ابنه صبحاً ومساءً، ومن هو شيعي فسيفرز في سجلات اتباع آل البيت حتى لو كان ملحداً او قمرجياً او سكيراً. وفي ظل هذه المعادلة الرقمية المليئة بالسذاجة والضحالة يتهمش الانسان كفرد، ككيان ذاتي، وتتفه قيمته وتتضاءل لتصبح كسوراً لا تكون رقماً مهما اجتمعت الا اذا كانت اشلاء ضمن العدد النهائي للطائفة المحشور في داخلها رغم انفه.

هو ليس تحامل ولا هو تشويه للحقيقة، فهذا الذي يجري بالعراق اليوم لا يمت للوطنية بصلة ، الوطنية التي يجب ان تضع الانسان، المواطن الفرد في مركز اهتمامها كحياة ومعيشة حاضر ومستقبل. الوطنية تصبح كذب ورياء ودجل اذا تحدثوا عن الشعب دون الفرد ـ اذا تحدثوا عن الوطن دون المنطقة، فالانسان الفرد والمنطقة الواحدة يتهمشون ويضيعون ضمن معادلات المجاميع، فالشعب هو مفهوم هلامي لا نراه موجودا على ارض الواقع، والمكون يُخفي المكونين له ويتصاغرون مهما كثر عددهم عندما تتولى تمثيلهم احزاب طائفية يترأسها ارهابيي عدنان الدليمي او مقتدى الصدر على سبيل المثال وليس الحصر.

الغريب ان هؤلاء السياسيين الذين يتحدثون عن الوطنية او الشعب وعن الوطن لا ينسون انفسهم كأفراد ولا ينسون اقاربهم ولا ذويهم ولا قصورهم وبناياتهم،ولا يضيّعون انفسهم في تعبير الشعب الجمعي ولا هلامية الوطن الخيالي فعصافيرهم دائما في اليد وعصفورنا دوما على الشجرة ولا يسمحوا ان يكونوا مجرد ارقام هامشية في المكونات الطائفية والعرقية، فإن حصل وتركوا العمل في السلطة انسلوا من كل المفاهيم التي كانوا يغنون لها ويضحكون على ذقون الناس بها واستقلوا بذاتهم كرؤساء احزاب او شركات او سياسيين كبار هم رقم لذاته او بذاته كما يفعل النرجسي المؤمن الجعفري!!.

لا وطنية ولا ديمقراطية ولا حرية ان لم يكن الفرد هو اساسها ومحور اهتمامها، ان لم يكن الفرد سعيدا فيها ان لم تكن عصافيره بيده وليس معلقة على الشجرة او يأكلها في الجنة او في المشمش.


 


 

Counters