| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الأحد 17/9/ 2006

 

 

فرمانات وزير الداخلية البولاني

 

مالوم ابو رغيف

اصدر السيد وزير الداخلية جواد كاظم البولاني اوامر وتعليمات وضوابط تحدد تصرفات الناس خلال شهر رمضان واوكل بالجهات المختصة مهمة اساقة المخالفين الى القضاء لينالوا جزائهم وفقا لاحكام القانون. لم تقتصر الاوامر على معاقبة المجاهرة بالافطار بل منعت اي نشاط فني في المطاعم والنوادي الاجتماعية والتي لا تنسجم مع قدسية هذا الشهر. القدسية بالطبع متروك تقديرها الى من ينفذ هذا الاوامر واولهم المليشيات الدينية وجماعات الاحزاب الاسلامية وهيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الطوعية.
القرار يتضمن بعض الاستثناءات المضحكة، فهو يستثني مطاعم الدرجة الاولى التي ستكون مثل بيت ابو سفيان، مفتوحة للزبائن ومن اكل فيها فهو آمن. وتستثني قرارات البولاني ايضا المطاعم السياحية على الطرق الخارجية، اي الاغنياء من حقهم ان ياكلوا والفقراء يطبهم مرض.
المقاهي وكل المطاعم الشعبية وعربات الاكل المتجولة تعتبر خرقا يمس بحرمة شهر رمضان الذي سيكون بخيلا جدا في ظل رعاية وزير داخلية لا يجد ما يفعله سوى مراقبة الافواه. فهؤلاء الباعة سيقطع وزير الداخلية رزقهم، وستوصوص عصافير بطون اطفالهم بسمفونية الجوع العام.

اذا كانت كتائب الشرطة والجيش والقوات المتعددة الجنسية لا تكفي لمنع الهجمات والتفجيرات والسيارات المفخخة، شتبقى الجث في الشوارع الى ان يدركها التفسخ لغياب من يحملها الى المشرحة ، فمن سيطبق اوامر مصادرة الحريات وتكميم الافواه.
بالطبع المليشيات..بما فيها مليشيات المقاومة الارهابية التي ستجد عذرا شرعيا للاجهاز على الناس بتهمة المجاهرة بالافطار، كالتدخين مثلا، او تهمة شم عرف من رائحة دواء ستفسر بانها رائحة كحول، وستهاجم جميع المطاعم حتى التي استثناها الوزير من كرباجه الايماني .اما مطاعم الاثرياء الجدد ذات النجوم الخمسة التي سيتناول السيد البولاني طعام الفطور فيها، فستحرسها الملائكة وفرق الحراسات الخاصة بكل سلاح ثقيل.
اما المطاعم التي يسمح بافتتاحها مثل مطاعم الطلبة وبعض اكشاك المعامل، فمن سيتجرأ على الاكل فيها ورجال البولاني، ليس بالضروة شرطة بل من يقرن الطموح والطمع بالايمان، من يعتقد ان العنف الاسلامي والكذب والدجل هم انجح وانجع وسائل للوصول الى قلب مسؤول ملتحي او من دون ربطة عنق.
هذه الاوامر لم يخترعها السيد البولاني فهي من موروثات الحملة الايمانية الصدامية التي ابقاها الاسلام السياسي كما هي ، لم يغير بها ولا بندا واحدا، لمسات صدام واوامره الهمجية الدينية لا زالت معمولا بها حالها حال جملة الله اكبر المرسومة على علم البعث.
اللطيف ان تاتي اوامر وزير الداخلية منسجمة مع تصريحات بابا الفتيكان القائلة بان الاسلام انتشر بالعنف والاجبار وليس بالفكر والاقناع، لتؤكد صحة ما ذهب اليه.
فهذه الاوامر التي تتميز جميع الدول التي لا تؤمن بحرية الانسان الشخصية وتجبره على تصرفات ربما تتناقض مع سلوكه العام وتستصغر ارادته وتملي عليه ايمانا اجباريا، هي نموذج حي للتسلط والتجبر والاستعباد الديني، وهي لا تنسجم ولا تتلائم نهائيا مع ادعاء الديمقراطية واقامة دولة حقوق الانسان واحترام حرية الاختيار. هي نموذج مصغر لما يكون عليه حال العراق اذا ما استمرت هذه الاحزاب الدينية في الحكم وتمكنت من التشريع المنفرد.
اغلب من لهم اليد الاولى في السلطة الان من المسلمين المؤمنين الذين كانوا في دول الغرب الديمقراطية، كانوا يصومون ويصلون حالهم حال بقية من المسلمين الذين هربوا من دول الاسلام للظلم المسلط عليهم سياسيا واجتماعيا من هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنك ومن قوانين تشابه قوانين الوزير البولاني. لم تعق محلات الخمور صيامهم ولا المطاعم سببت بافطارهم ولا المراقص و الاجساد العارية في الشوراع ولا الافلام الابحاية في اجهزة التلفزة قللت من ايمانهم. من يريد الصوم فهذا شانه، ايمانه، عقيدته، دينه ومن لا يرغب في ذلك فهو حر ايضا، له ما يريد وللاخر ما يريده.
اي قانوني اجباري هو قانون دكتاتوري، فان كان من حق الوزير معاقبة من يجهر بالافطار، عندها من حق المتطرف ان يجلد من يخالفه ويقيم الحد عليه وفقا لشرائعه. ما الفرق بين الاثنين.؟
لكن السؤال المطروح اليس الاجدر بالوزير البولاني ان يكرس كل جهوده لمراقبة المخربين والارهابيين والذباحين والمهربين والسارقين والخاطفين والمتسللين الى وزارته والمخترفقين اجهزته خيرا له من مراقبة دخان السجائر ورائحة الماكولات والتأكد من وجود ستائر وبردات وتضيع الوقت في جهد لن يثبه عليه الله ابدا؟
الله قال من شاء ان يؤمن ومن شاء ان يكفر والناس على اية حال لم تصل الى هذه الحالة الا اذا ارتأى السيد الوزير الملا البولاني الاستمرار باصدار مثل الفرمانات .
الم يقل البابا في محاضرته المثيرة للجدل بان الدين هو فاكهة الروح وليس فاكهة الجسد. فلماذا جماعتنا يركزون على الجسد وليس على الروح. على المظهر وليس على الجوهر؟
الدين هو المعاملة، هو الكلمة الطيبة وليس القوانين المجحفة حتى بحق الاله.