| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

                                                                                    الأربعاء 16/2/ 2011



أليس نظامنا الحالي نظام لصوصي أيضا؟

مالوم ابو رغيف

استبشرنا خيرا بسقوط النظام الصدامي وتأملنا إن ينهض العراق من كبوته ويلتحق بركب الدول المتقدمة أو تلك التي تسير حثيثا على درب التنمية العلمية والبشرية والمدنية. أملنا أن يصبح العراق مركز إشعاع للديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ومثالا تتبعه الدول ونظاما تتوق إليه الشعوب وحكاما نحسد عليهم لنزاهتهم واستقامتهم وتفانيهم بخدمة الوطن والمواطن.
وإذا بنا نفاجئ إن الحكام الجدد كانوا من أسوء وافسد واجبن وأخبث واجهل الحكام الذين عرفهم التاريخ، إنهم نادرة هذا العصر بل العصور في عدم النزاهة والحرمنة والتخلف وعدم الحياء.
لم يهتم هؤلاء البلداء بحياة الشعب ولم يحافظوا على مصلحته، كان أكثر ما يهمهم هو رضا الحكام العرب عنهم، رأيناهم مرارا وتكررا بوجوههم المهانة في الفضائيات العربية تكال لهم الأهانات والشتائم ولا يستطيعون حتى ردها، رأيناهم كيف كانوا يتسولون زيارات الدكتاتوريات العربية وأنظمتها الشمولية وكيف يشيدون بها وبما حققتها لبلدانها، رأينا كيف هرول الجمع المهان من حكام العراق الجدد إلى السعودية بعد هلاك الملك فهد ليسارعوا بتقديم العزاء للوهابيين وليعلنوا ولائهم له ولنظامه المتهرئ لعلهم ينالون حظوته ورضاه. ورأينا كيف إن الملك السعودي يصفق الباب مرة بعد الأخرى بوجه هذا المسئول أو ذاك دون اعتذار ثم ليعاود المسئول العراقي المحاولة دون كرامة ليصفق الباب بوجهه مرة أخرى
لقد افرغوا العملية السياسية من جوهرها الديمقراطي ليجعلوها عبر ما يسمى بالديمقراطية التوافقية عملية لصوصية هدفها تقسيم ثروات العراق فيما بينهم. معامل وأملاك وعقار وبساتين وأراضي شاسعة في مراكز المدن ومناطقها الهامة بيعت بأرخص الأسعار على رموز الزمر الدينية واستيلاء كامل على قصور وبيوت مسئولي النظام السابق وأملاكهم ومقتنياتهم الثمينة وكأنهم الورثة الشرعيين بينما يلاحق الفقراء والمعوزين ويطلب منهم إخلاء مساكنهم لأنهم استولوا عليها، ليعاد توزيع هذه البيوت بعد ذلك على إتباع أحزاب السلطة من الزمر الدينية.
وبغض النظر عن الرواتب غير المعقولة لإنصاف الأميين والدكاترة المزورين وعن مصاريفهم وعن منافعهم الخاصة فأن الكارثة الكبرى هي في تلك المشاريع الوهمية التي تحال على شركات ومقاولين لأقارب وأصدقاء المسئولين العراقيين الكبار، والتي تبقى حبر على ورق دون انجاز ودون محاسبة ثم ليؤسسوا شركات اخرى لترسى عليهم مقاولات بمليارات الدولارات لصبغ جدران مدارس أو تبليط سطحي لشارع واستيراد أشجار بلاستيكية من إيران. ولقد بلغ التلاعب بالمال العام مبلغا لا يصدق، مليارات الدولارات أنفقت على مشاريع الكهرباء والماء ورغم مرور وقت ليس بالقصير، لا زال العراقيون يعيشون بالظلام وتفتك بهم أمراض الماء الملوث. لا يوجد تفسير لسكوت الحكومة العراقية وعلى رأسها المالكي على المختلسين واللصوص وتركهم يعيشون بشكل علني في دول معروفة لا يغيرون محلات إقامتهم ولا أسمائهم ولا يخفون بذخهم وترفهم إلا افتراض إن هذه الحكومة وكبار مسئوليها مشتركون مع هؤلاء اللصوص بعمليات النهب للمال العام.
لا يوجد تفسير للمصاريف الباهظة على الفضائيات المملوكة لرجال الدولة الكبار وعلى وسائل الإعلام ورواتب المليشيات والسفرات والدعايات التي تبلغ المليارات زمن الانتخابات، إذا عرفنا إن هؤلاء الحيتان الدينية واللصوصية كانوا كما يزعمون مطاردين منفيين هاربين يعانون الغربة وشظف العيش. وإذا بهم وبعد سقوط النظام وتمكنهم من ثروات الوطن يغتنون فجأة ومرة واحدة، فيملكون عشرات الفضائيات والصحف والمكاتب الفخمة بمئات الموظفين والموظفات والمضايف والصالونات والسفريات الدائمة للدول الأوربية والدول العربية والمبيت في فنادق الخمس نجوم.
لقولوا لنا عن السر أصحاب الفاحش من الكلام والفعل والاغتناء!!
إن اغلب وكلاء الاستيراد في داخل العراق وفي خارجه هم من أقارب هؤلاء المسئولين، لا يسمحون لأي عراقي آخر إن كان شريفا أو نزيها بالعمل بوسطهم، لكن اللص، المحترف البارع بالاحتيال على القوانين يجد متسعا رحبا بينهم للاستفادة من خبرته، لذلك ترى السوق العراقية تزدحم هي الأخرى بالفساد والتلف، الأغذية والأدوية والأدوات الكهربائية والتجار.
كما إن جميع أولاد المسئولين وأقاربهم دون استثناء يحتلون المناصب العليا في البلد، بغض النظر عن مؤهلاتهم، فأي فرق بين نظامنا، الذي يقال عنه ديمقراطي، وبين أي نظام لصوصي آخر من هذه الأنظمة التي تثور عليها شعوبها لتلقي بها في مزابل التاريخ..
إن نظام الحكم في العراق هو نظام حكم العائلات... عائلات فوق العملية السياسية والقانونية هم فوق الدستور وفوق مبادئ الدين وفوق الشعب..
كذلك ما يسمون بنواب الشعب، لا يختلفون كثيرا عن أعضاء مجلس الشعب المصري المنحل، حتى لو كانوا شرعيين وغير مزورين، لكن صمتهم وسكوتهم عن فضح الفساد بالدولة وتفانيهم لنيل الامتيازات والمميزات وإهمالهم لمصالح الناس بحيث اعترض البرلمان السابق على زيادة مخصصات البطاقة التموينية بينما يطالب أعضاء البرلمان الحالي، في ظروف الضيقة المعايشة التي يعاني منها الموطنون، يطالبون بشراء سيارات مصفحة تبلغ قيمتها 75 مليار دولار.
العملية السياسية عند النظام المصري الراحل لا تختلف عن العملية السياسية في العراق، فعندهم مثلما عندنا، دستور وقانون وبرلمان وسلطة قضائية وتنفيذية وتشريعية وصحافة حرة وأحزاب وحرية تعبير.. لكن كل هذا الهيكل خاوي من جوهر لا تكتمل العملية السياسة الديمقراطية من دونه، هو فصل السلطات واقعا لا شكلا والمحاسبة وقوة القانون دون الأخذ بالاعتبار المنصب الحكومي أو المركز الديني والاجتماعي.




 

free web counter