| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الأحد 16/9/ 2007

 

 


من اسكت صوت الربابة.؟


مالوم ابو رغيف

من عادة البلدان ان تفتخر بفناينها و رياضيها، بادبائها وشعرائها، بنحاتيها ورساميها، رجالا ونساء، فهؤلاء هم الهبة التي هي في كل البلدان كنوز نادرة واثار خالدة، باعمالهم وروائعهم يُخلد الوطن وتُسعد الناس، هؤلاء هم سفراء من غير سفارة ولا جواز دبلوماسي ولا طائرات خاصة، يعطون صورة جميلة عن الوطن، عن ناسه، عن نخيله، تراثه، عاداته وتقاليده، نضاله المرير، نكباته وانتصاراته، شهدائه وابطاله، هم صناع الحياة، صناع البهجة، صناع الحضارة.

وعندما نقول ان العراق بلد الحضارة، فلا نعني بذلك الاثار السومرية والبابلية والاشورية والكلدانية فقط، بل نعني ايضا ان العراق كان وما يزال بلد العطاء الموسيقي والادبي والشعري والفني والانتاج الابداعي، بلد الاسماء الرائعة في عالم الادب والثقافة والفن والنحت والرسم والشعر.

رجال ونساء الانتاج الابداعي هم من يعطون وجها جميلا حضاريا للبلد، هم من يرسمونه شعرا وموسيقى واغاني في عيون واذان الاخرين الذين لا يعرفونه، الذين يجهلونه، الذين لخطأ او لحكم مسبق لا يرونه الا متجهما عنيفا متوحشا، ينظرون الى الوجه المظلم منه، وجها يرسمه من يحقدون عليه من لا يرونه الا مرتبطا بدين او بمذهب او بطائفة.

ليس الاعلام العربي الطائفي الغوبلزي هو المسؤول الوحيد عن تلك الصورة البشعة للعراق في عيون العرب والمسلمين، بل هو عدم اهتمام الاحزاب الحاكمة والاحزاب المسيطرة بالابداع واهله، هو تعمد اهمالهم وتحويل اتجاهات الفن واغراضه الى اتجاهات واغراض دينية، تفصل المواطن عن بيئته ومجتمعه وتربطه بعالم الاوهام والاحلام وبتواريخ غابرة يعيشها وكأنها حدثت اليوم.

ظاهرتان لابد لاي عراقي ان لفتتا انتباهه واثارتا تساؤله وحركتا عواطفه، هما الاهتمام الغريب الفائق برجال الدين، لا نقول ونساؤه، فليس من نساء دين، فهو انتاج ذكوري صرف، وان تحدثنا عن القديسات فأنهن حدث عرضي، طارئات عليه، وافدات غير مرغوب فيهن، فليس من وجه للدين غير وجه الحزن والتوحش، غير وجه الذكر المتجهم، في الاديان الاخرى فرضهن مراعاة التطور وحركة هجران الدين، ولم يحين بعد زمنهن في الدين الاسلامي الا بحالات نادرة.

والظاهرة الثانية هي اهمال اهل الابداع بمختلف اوجهه، اكان فنيا او ادبيا، لذا تجد الشارع العراقي ملئ بجلابيب وعمائم ومحلات لبيع سيديهيات القرآن والاناشيد الدينية، وتفرغ منه الفنون الجميلة واهلها.. لقد اضطر الفنانون الى الرحيل، رحلوا الى بلدان اخرى، الى حيث النسيان بعد حين، فالفنان لا يشتهر الا بين اهله وبين ناسه وفي بيئته الاجتماعية.

ترى هل تفاخرت الشعوب يوما برجل دين.؟

هل اشتهرت وعرفت بين الامم برجال الدين ام برجال الرياضة والفن والموسيقى والادب والشعر

فبغداد لا زالت ترتبط بالف ليلة وليلة، ومصباح علاء الدين لا زال يشع في التاريخ وبساطه لا زال طائرا وسيبقى طائرا الى الابد، والمتنبي يبقى فوق عرش القلوب وزرياب الموصلي عصي على النسيان.. والدبكة الكوردية ستبقى تراقص جبال كوردستان ويبقى داخل حسن وحضيري ابو عزيز وزهور حسين ووحيدة خليل وغيرهم اصواتا تغني للحب الى الابد..

ما يؤلم حقا ان يسكت عازف الربابة ويبقى عازف الناي ينتج لحنا جميلا بإنتظار لحن الربابة الشجي... فمتى يأتي الراعي ؟