نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الثلاثاء 16 /5/ 2006

 


 


وزارة الدفاع ووزارة الداخلية والكامخ بينهما


مالوم ابو رغيف

ما ان يحل النهار حتى يكتشف الناس عشرات الجثث بعضها ملقى على ارصفة الشوارع واخرى مرمية باهمال في البساتين او محشورة في المجاري او مبعثرة بين الاحياء السكنية، في كل مكان يخطر او لا يخطر على البال هناك جثث اصبحت مجهولة الهوية حتى وهي تحتفظ برؤوسها، وما ان ينتهي الشفت الاول للقتل حتى يبدا الشفت الثاني، سيارات مفخخة عبوات واحزمة ناسفة ورش المتسوقين بوابل من رصاص الرشاشات الاتوماتيكية. الامر الذي يعني ان تصريحات وحملات وصولات وجولات بيان جبر ما هي الا انتصارت دون كيشوت على طواحين الهواء. اما وزير الدفاع، فقد فضل الانزواء والانطواء وترك اسمه يُنطق من فم دون كيشوت المجلس الاعلى، لأمرين الاول التأكيد بان وزير الدفاع ما زال موجودا وثانيا لنفي صفة الطائفية عن وزير الداخلية فلا يشير اليه الا (اخي سعدون) تعبيرا عن الحب الطائفي بين الاسلاميين.

في الفترة الاخيرة، وبعد ان اكتشف الناس ان الوزير ليس له الا الثرثرة والتهديد عن بعد، اختار باقر صولاغ اسلوب التشكي بدل اسلوب التحدي الذي عودنا عليه في بداية استيزاره لاجل ايجاد اعذار لتقصيره في السيطرة على الفلتان المليشياوي والبعثاوي والسلفاوي والمقتداوي. ولان مصطلح المرجعيات اصبحت الكلمة الاكثر تداولا بين الناس، عزى السيد صولاغ الفلتان الى تعدد المرجعيات الامنية، فمرجعية وزارة الدفاع ومرجعية للقوات المتعددة الجنسية ومرجعية لوزارة الداخلية ومرجعية للشركات الامنية ومرجعية لحراسات المسؤولين الشخصية. ثم يستمر بالشكوى دون ان يظهر عليه انه متأثر او مبالي او حتى ممتعض مما يحصل، فيتحدث عن الاختراق بين صفوف قوات وزارته وكيف انه لم يستبدل الضباط او يحاول تغيرهم لئلا يقال عنه انه وزير طائفي. فسمعة السيد الوزير التي لم يفده حرصه على بقائها ناصعة( ان كان حريصا ) هي كل ما يهتم به، اما ارواح الناس فليس هي مشكلة الاسلامي بثياب افرنجية. واذا لم يكن وزير الداخلية المسؤول الاول عن الاختراق الحاصل في وزارته فمن هو المسؤول اذن.؟

وكيف للناس معرفة كفاءة الوزير وتكنوقراطيته!! ان لم يستطع تطهير دهاليز واقبية وخبايا ومكاتب اجهزته البوليسية.؟

واذا لم يجرأ على الاشارة الى المقصرين والمذنبين ولا يطرد المخترقين، فكيف يأمل الناس بان هذا الوزير قادر على المحافظة على امنهم وسلامتهم وهو لا يستطيع ضمان امن وسلامة الوزارة من المتسللين والمخترقين.؟

اما وزير الدفاع ، والذي وحسب صولاغ او حسب قانون المحاصصة بين السنة والشيعة، يتولى مسؤلية امن بعض المناطق في بغداد تميزت بتحكم الارهابيين بها مثل الاعظمية، مثلما يتحكم المليشياويون بالمناطق التي تحت سيطرة بيان جبر، فقد اختار السكوت وعدم الظهور والجلوس في حجرة في وزارته او في المنطقة الخضراء دون ان يحقق وعدا قطعه على نفسه بهدم بيوت الارهابيين ومساعديهم واعوانهم على رؤوسهم.، لم يبر بوعده مع انه المسلم المتقي والمؤمن  بقول وعد الحر دين، بالطبع لا احد يستطيع نكران الصعوبات والمعوقات والتناقضات فيما بين هذه الاجهزة الامنية التي تعمل وفق شعار اسمك بالحصاد ومنجلك مكسور، لكن لماذا لم يتشكى وزير الداخلية من ذلك سابقا وابتدأ الان بتبيان الاشكالات التي رافقت عمله بعد ان تبين له انه سيفارق كرسي وزارة الداخلية غير مأسوف عليه.؟

اسلوب التشكي وتعليق الفشل وعدم الكفاءة على شماعة الغير او على الظروف الصعبة، هو الاسلوب الشائع الذي اختاره اغلب وزراء حكومة الجعفري عند سؤالهم عن سبب الاداء المتدهور السيئ في عمل هذه الوزارة او تلك، وهو الاسلوب الذي يميز اي فاشل في الكون. ومهما كانت الظروف صعبة او المعوقات كبيرة التي تعترض وتعوق عمل الوزارة، فان الوزير الناجح هو الذي يستطيع التغلب على هذه الصعوبات ويحسن الظروف التي تعمل تحتها وزارته وان لم يستطع فان النزيه هو من يقدم استقالته ويعلن براءته من كل الذنوب التي تقترف باسم الوزارة، والجرئ هو الذي يضع النقاط على الحروف امام الشعب وامام البرلمان ويفضح بالاسماء من يسئ ومن يسرق ومن يرتشي ومن يعرقل.

يتضح من الصراع الدائر بين جبهة الائتلاف وجبهة التوافق للسيطرة على وزارتي الردع والقصاص( الدفاع والداخلية حسب المفهوم الاسلامي) بأن المسألة ليست المحافظة على الامن ووضع حد للاعمال الاجرامية السافلة بقدر ما هو الحصول على القوة والتحكم، فمن يطالب بوزارة الدفاع لا يخجل من مناداة الارهابيين والبعثيين بالاستمرار بالقتال وعدم القاء السلاح الا بأطار صفقة سياسية بينهم وبين الامريكيين وطز بالعملية الديمقراطية والقوى السياسية والبرلمان والوطنية التي يدعون انهم يقاتلون دونها اوالموت ما دام الاوغاد المقاومون سيلتحقون بالعملية السياسية ليزيدوا جبهته او حزبه قوة ومنعة. ومن يصر على الاحتفاظ بوزراة الداخلية يفتقر الشجاعة لوضع حدا لمليشيات الصبي مقتدى، او لمليشياته البدراوية، كما ان مدنه التي لم تدنسها المقاومة الشريفة تأن من كثرة جرائم المتدينين والمتدنيين كما انه يعتقد اذا كان للطرف اوغاده فنحن لنا اوغادنا ايضا "وماكو واحد احسن من الثاني" ففي الشر كلنا سوا.

و بقدر ما يعكس الامر صراعا طائفيا بين الاحزاب التي تنفي عنها صفة الطائفية، فانه يعكس ايضا تخوفا وتوجسا وشكوكا في علاقاتهم الثنائية، وان بقي هذا التوجس والشك يشوب العمل السياسي وتُشتم منه رائحة المؤامرة، فأن ذلك سيفشل اي محاولة او جهد وطني من شأنه ان يساهم في تكوين الشخصية العراقية المستقلة التي تحتكم الى القانون وليس الى المذهب، كما ان مناخ عدم الثقة سيحبط اي عمل عسكري او سياسي لوضع حدا للتدهور في الوضع الامني.

ان ما تحتاجه وزارة الداخلية والدفاع هو رجال يتصفون بالحزم والعزم وعدم التساهل وعدم الرحمة مع اي مجرم ارهابي او مجموعة غادرة، اكان تبرير الاجرام الوطنية، الدين، الطائفة، القومية او مقاتلة قوى الاحتلال. لذلك، كان لابد ان يكون الوزيران من خارج هذين التكتلين السني او الشيعي، وكان الافضل ان يمسك دفة هاتين الوزارتين وزراء علمانيين لا ينتمون الى اي مذهب او لا ينتمون الى الدين الاسلامي بالمرة.

نتمنى بالطبع للوزارة الجديدة النجاح الذي لن يكون من دون ابعاد الدين والشريعة عن السياسة الدنيوية وان تكون المرجعية الاولى والوحيدة للجميع هو الدستور العراقي والقوانين العراقية وليست اي مرجعية دينية مهما كانت ابويتها ورحمتها.