| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

الأثنين 15/11/ 2010



حكومة التوازن القلق

مالوم ابو رغيف

المفارقة في العملية السياسية العراقية هي إن الشعب الذي كان ينتظر تشكيل الحكومة على أحر من الجمر كي تنهض بواجباتها وتحل مشاكل البلد الأمنية والاقتصادية والوطنية،اخذ بالتذرع والدعاء إلى الله إن لا تسوء العلاقات بين الأطراف المشكلة لها ليس لحل مشاكل الوطن بل حتى لا تتدهور الأوضاع أكثر مما هي عليه ألان..

وهذا الأمر ليس مستغربا في بلدان الشرق الأوسط، فالحكومات الشرق أوسطية بمصارفها الباهظة وامتيازاتها واستهلاكياتها وحماياتها واختلاساتها وفسادها واتفاقاتها المريبة تكون في العادة عبئاً ثقيلا جدا على الوطن والمواطن، فما بالك والعملية السياسية في العراق بنيت على المحاصصة الطائفية واقتسام الغنائم والمناصب ثم أتونا بمصطلح جديد هو التوازن الذي يعني تأسيس مناصب ووزارات ليس لها ضرورة وليس لها فائدة لتكون عبئاً إضافيا على كاهل الميزانية التي تئن من ثقل مصاريف ونثريات الرئاسات الثلاث ورواتب جيش البرلمانيين العاطل عن العمل.

في بلد يعاني من انعدام الماء والكهرباء والدواء وتفشي الأمية والجهل وسوء المدارس وضعف المناهج وتفشي التثقيف الديني الغيبي بين الناس يتحفنا قادة الكتل السياسية بتأسيس مجلس للدراسات الإستراتجية.

عن أي استراتيجيات يتكلمون ؟
وأي بحوث يقدمون ؟
وأي دراسات يعنون ؟
سيبقى الأمر سر من أسرار عالم الغيب.

يبدو الأمر مضحكا حد البكاء، فليس من المعقول، ونحن البلد الذي يعيش على تصدير النفط وحده، البلد الذي ينفق أكثر مما ينتج، البلد الذي يستورد حتى رغيف الخبز، البلد الذي ولسبع سنين لم يستطع إن يطمر الإرهاب إلى الأبد، إن يكون لنا مجلسا للدراسات الإستراتيجية، ليس لأننا عازمون على محو الأمية ولا على ثورة فنية أو زراعية أو علمية ولا لاكتشافات طبية، فحكومتنا بأحزابها الدينية لا تفهم لا بالتكتيك ولا بالإستراتيجية، الغاية الوحيدة هي إرضاء القائمة العراقية لتشارك بالحكومة ويبقى المالكي في منصبه ولو إن حاله سيصبح مثل حال وزير بلا وزارة.

المالكي الذي سوف لن يغامر برفض أي اسم من الأسماء المرشحة للمناصب الوزارية، فموافقته تحصيل حاصل، فهو لا يملك الوقت للمناورة ولا يملك القوة لفرض إرادته، إذ إن أي رفض سيفسر على انه عدم التزام وتنصل من الاتفاقات المسبقة.

الأمر الأخر الذي ينبغي الإشارة اليه هو إن الكتل السياسية المشاركة بالحكومة سترشح صقورها للمناصب الوزارية وليس حمائمها، خاصة وان العلاقات بين الأحزاب الحاكمة اكتنفها عدم الثقة والتشكيك وحملات التسقيط. حكومة صقورها لا تحاول إلا افتراس بعضها البعض الأخر وسيبقى المواطنون العراقيون خاضعون لما تفرزه العلاقات بين الاحزاب السياسة وليس للقوانين الحقوقية.

إن الأجواء السياسية والطائفية ونوعية العلاقات بين أحزاب الكتل الحاكمة والمصالح المتناقضة المتباينة لها تؤشر على ولادة حكومة غير مستقرة، قلقة قد لا تستمر طويلا وان استمرت ستكون عاجزة مقعدة لا تستطيع انجاز أي من المهمات المناطة بها.
 

 

free web counter