| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الأربعاء 14/2/ 2007

 

 

كركوك والحقوق المسلوبة

 

مالوم ابو رغيف

في الوقت الذي يستمر فيه طرد الشيعة من مناطق كثيرة من العراق وعلى الاخص في محافظة ديالى حيث يجبر الناس على ترك بيوتهم وقراهم ومزارعهم ويهددون بالقتل والحرق وهم على قيد الحياة اذا ما رفضوا الرحيل، تصر الجهات التي تقتل الشيعة وتهجرهم وتشن عليهم حربا اشبه بحروب الابادة، تصر هذه الجهات على بقائهم في مدينة كركوك وتعلن ان كركوك مدينة عراقية يجب ان يتعايش بها العرب السنة والشيعة والكورد والتركمان. فهل محافظة ديالى ليست بالمدينة العراقية التي يجب ان يتعايش فيها الجميع فلماذا يرحل الكورد والعرب الشيعة وتبقى فيها طائفة من نوع واحد فقط.؟ وهل هذا التعايش لا ينطبق على الانبار ومدنها وعلى سامراء وتكريت والموصل وبغداد ويختص بكركوك فقط.؟
ان من الحماقة ان لا نرى ما خلف الاكمة، ولا ماذا يدور خلف الكواليس التأمرية، ومن البلاهة ان تجتمع كلمتنا مع من كلمته لا يراد بها الا الباطل وهدفنا مع من هدفه ازهاق اراوح الناس وتحقيق مأربه الخبيثة، فلا بد من وضع تمييز لهذا التلاقي غير المنطقي وغير المعقول. فهناك دائما فرق بين التهجير وبين الترحيل او الاعادة، فرق بين طرد عائلة واحتلال منزلها بعد قتل اطفالها ورجالها وسلب اموالها وابعادهم كالمصابين بالجذام الى العراء كما يحدث في ديالى وبين اعادة من اتى ليشغل بيتا محتلا وملكا مغتصبا وارضا مصادرة، فرق بين ان يعاد المواطن برغبته الى الارض التي قدم منها وبين مواطن اخر يقدم الى ارض طُرد اهلها منها.
ترى الا نشعر بألآم الناس الذي كنا نناضل من اجلهم عندما هجروا واجبروا على السير في اراضي وعرة مزروعة بحقول الالغام في برد الشتاء القارص.؟ الا يحق لهؤلاء الرجوع الى بيوتهم التي فارقوها اجبارا وشربوا من كأس الغربة المرة حتى الثمالة.؟ من لا يعرف كيف عاش المهجرون الكورد في الالم والمرارة والفزع اليومي من قنابل البعث الحارقة، كيف حرم اطفالهم من المدارس وكيف عاشوا يكابدون الجوع والفاقة والاحتياج، من لا يعرف هذا سوف ينظر الى المسألة من ناحية غير انسانية، نظرة سطحية، يتجاهل ان الحق يجب تطبيقه واخذه وفرضه، فلا الجرائم تتساقط بالتقادم ولا الحق يزول بالتقادم، فمن سلب حقه وصودرت ممتلكاته يجب اعادتها له بأي ثمن.
كما علينا ان ندرك ايضا ان مشكلة كركوك ما كانت ان تكون بهذه الحدة ولا هذا الطابع من الصراع العنيف لو لم يلتجأ العرب والتركمان الى رفع شعارات لا تتفق مع الواقع ولا مع الحقيقة ولا مع الآم البشرومعاناتهم ولا مع امالهم وتطلعاتهم. في البدء كان شعار كركوك مدينة تركمانية، ثم كركوك مدينة عراقية، ثم كركوك مدينة عربية، ثم شعار لا الله الا الله كوردستان عدو الله، وبعد نفاذ هذه الشعارات ابتدأت لغة المهاترات والتدخل الاجنبي التركي بشؤون العراق والعراقيين وهددت مجموعة التوافق ومقاومتها الفاسدة بإستخدام تركيا وقوتها وجبروتها ان الحقت كركوك بكردستان. ثم كانت لغة اخرى اصبحت هي لغة التعامل اليومي كما هو الحال في عراق اليوم، لغة التكفير والتهجير والقتل والمفخخات، فهل من يريد التعايش اكان في بغداد او اي مدينة عراقية ومنها بالطبع كركوك هل عليه ان يتبع لغة القتل والاغتيالات والمفخخات والعبوات الناسفة.؟ هذه اللغة الدموية التي يسميها الخبثاء لغة المقاومة هي السكين الذي ستقطع العراق وتحيله الى همبرغر وساندوج جاهز لدول الجوار المفتوحة الافواه نهما وشراهة للافتراس.
لو اعترف المحرضون على البقاء اوالقادمون الى كركوك الذين لولا اغراءات الاموال والوظائف والبيوت والاراضي المقدمة من حكومة المقابر الجماعية البعثية لما وطأت اقدامهم هذه المدينة، وكلنا يعرف هذا ولا يجهله، اقول لو اعترف هؤلاء القادمون بكردستانية كركوك، او على اقل تقدير لو سكتوا وصمتوا ولم يتدخلوا بالصراع الدائر بين تركيا الطورانية العنصرية والبعثيين والطائفيين من جهة وبين الكورد العراقيين من جهة اخرى وهذا اضعف الايمان، لما كانت المسألة بهذه الحدة، لكنهم ومثل ما يقول المثل العراقي، هم نزل وهم يدبك على السطح، انظموا الى الجالغي التركي واصبحوا كومبارسا في فرقة العزف التي لا تكل ولا تمل من عزف مقطوعات الشقاق والنفاق والتنكر للحق والرقص على جثث الضحايا والدماء المسفوكة.
فإن كان مصير كركوك لا يتحقق الا بإستفتاء شعبي، فهل يعقل ان يشارك بهذا الاستفتاء من لا ينتمي الى المدينة قبل قوانين البعث الظالمة الهمجية اذا كان موقفه وصوته معروفا وواضحا لصالح قوى العنصرية والطائفية والبعثية البغيضة.؟
من لا يقبل ان يتم ذلك في بلده عليه ان لا يقلبه في المدن الاخرى.؟
من وقف ضد قميص عثمان عليه ان لا يرفع قميص عثمان اخر ويطالب بحق يعرف الجميع انه باطل.؟
علينا ان نعترف بحقوق الاخرين لكي نجبر الاخر على الاعتراف بحقوقنا، علينا ان نعيد الحقوق للاخرين كي نتعلم عدم التفريط بحقوقنا التي يفرط بها الجميع.