نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الخميس 13 /4/ 2006

 

 


سياسة المقايضة عند الجعفري ورهطه
 


مالوم ابو رغيف

ميزة الاحزاب الاسلامية السياسية انها تضع مبادئ النزاهة والامانة والتقوى والخوف من الله في مقدمة شعاراتها ومبادئها الحزبية. وتصور للناس انها تختلف عن بقية الاحزاب الاخرى، فلا يهمها المناصب ولا المراكز ولا الجاه انما قول الحق والصدق. وتذهب ابعد من هذا عندما تدعي ان جل عملها مكرس لخدمة الناس من اجل مرضاة الله والحرص على المبادئ الاسلامية النبيلة.

شئ حسن وجميل، ان لا يكون السياسي منافقا او افاكا، ويخدم الناس بتجرد تام عن طموحاته وغاياته الانانية وعن طمعه وجشعه وان يفضل مصلحة المجموع على مصلحته الخاصة، فيكون اخر من يأكل واول من يضحي.

لكن كل هذه الاقوال والادعاءات سوف لن تصمد طويلا امام اول فرصة يُخير فيها السياسي بين مصلحته ومصلحة المجموع، فينزع التقي الورع كل مساحيق الايمان ويبدو على حقيقته مثل بقية السياسيين غير انه اشد منهم كذبا.

من المبادئ الاسلامية التي يتشدق بها السياسيون الاسلاميون هي المساواة بين البشر بغض النظرعن لون بشرتهم وانتماءاتهم القومية، هكذا قالوا قبل سقوط النظام وهكذا قالوا بعيد ازالته. وادعوا انهم لا يكترثون اذا حكم العراق المسيحي، المندائي، الايزدي، العربي او الكردي، اذا توفرت فيه النزاهة والعدالة والامانة والانصاف.

مرت سنة واحدة منذ تنصيب الجعفري رئيسا لوزراء العراق، سنة واحدة وهي ليست مدة طويلة ولا وقت كاف لكي تتساقط المبادئ والشعارات فتبدوا شجرة الايمان والحكمة والمساواة بين البشر جرداء خالية من اي ورقة مخضرة. فلم يعد اي كرسي يختاره الشعب هو الكرسي الذي يفضله السيد الجعفري، ولم تعد مصلحة الناس كما تراها الاغلبية هي الاولى بالاتباع بل مصلحة الجعفري الشخصية ومصلحة الاقارب والمعارف والجيران والنسائب.

ولو فرضنا ان ذلك ما لا يمكن تجنبه عند اغلب سياسيي المرحلة الراهنة فكيف لنا ان نفسر سقوط شعار لا فرق بين عربي على اعجمي الا بالتقوى.؟

لاكثر من مرة صرح رهط السيد الجعفري والموالين له  بأن رئيس العراق يجب ان يكون من القومية العربية، واخيرا قالها الجعفري بعظمة لسانه مثل ما يقول المصريون احباب الجعفري وشاتمي شيعة العراق وشيعة العالم. اما لماذا يجب ان يكون، يبرورون ذلك بادعائهم الفارغ بان العراق عربي وهو جزء من الامة العربية اولا، وثانيا لكي يتقبله المحيط العربي.

القول الاول بان العراق عربي، قول لا يتطابق مع الدستور الذي نص على ان الشعب العربي في العراق هو جزء من الامة العربية الخائبة وليس العراق ككل بجميع مكوناته. وهذا النص ما جاء الا بعد ضغط من مكون يرى ان الاسلام دين عربي وليس شئ اخر. وهو تناقض واضح مع الاسس الاسلامية ومع مبادئ الامة الاسلامية التي يجرى الترويج لها والنفخ في قربتها المثقوبة.

اما القول لاجل ان يتقبله المحيط العربي كما يقول السيد جواد المالكي فان ذلك يعني تبعية تنتقص من كرامة العراقي وتقضي على ما تبقى من الروح الوطنية. الدول الديمقراطية الحرة لا تنتخب قادتها بناء على رغبات الاخرين او قبولهم او عدم قبولهم ، بل على مصلحتها ووحدتها الوطنية. كما ان من يود السيد الجعفري شراء رضاهم، هم من يصدر الارهاب ومفخخات الموت الينا ويحتضن جزاري المقابر الجماعية، اكان الدول المحيطة بالعراق او البعيدة. من الاردن الى سوريا ومن دول الخليج العربي الى اليمن ومن مصر الى السودان. اليس عيبا عليكم ان تفكروا مثل هذا التفكير البليد المنافق حين تفضلوا رضا العرب على رضا العراقيين .؟

على ما يبدو ان السياسة عند االجعفري هي سياسة المقايضة، وافق علي ان اكون رئيس وزراء رغم عدم كفاءتي ورغم جلوسي لا اعمل شئ طوال النهار سوى تحضير المصطلحات لمؤتمر صحفي قادم لا اجد ما اقوله غير ترديد بعض مما سبكته من كلمات ليس لها من معنى. اغمض عينك معي على كل هذا الانهيار في الوضع الامني والوضع المعاشي سنكون دهن ودبس.

الشئ المحير هو رغم اتضاح موقف العرب المعادي تجاه الاغلبية الشيعية في العراق واتهامهم بالعمالة الى ايران وبعدم الولاء الوطني، واتهام كل الاحزاب الاسلامية الشيعية بأنها صنيعة ايرانية، يحاول السيد الجعفري شراء رضاهم وتقبيل اياديهم ويفرط بالصفاء والانسجام واللحمة الوطنية لكي يكون خارج قوس اتهامهم.

لقد قال الشعب مرارا بأن الكوردي العراقي لهو اجل واشرف واقرب ملايين المرات الى القلب والشعور والوجدان من اي عربي مهما كان مقامه او درجته او عروبته، فقبل ان نكون عرب او مسلمين نحن عراقيون بالدرجة الاولى، لقد قالها الشعب الاف المرات فهل الجعفري هو ورهطه صم لا يسمعون.؟