| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

السبت 12/1/ 2008



ليس الحكومة وحدها المعارضة فاسدة ايضا

مالوم ابو رغيف

لأن النظام البعثي حرّم المعارضة حراما اسلاميا ووطنيا ودوليا واعتبر المعارضة مساوية للخيانة ـ بل انها الخيانة بلحمها وشحمها، والعقاب الوحيد للمعارض هو الموت او الموت سجنا، بالطبع ليست معارضة نظام الحكم، فمعارضة نظام الحكم هي اعتراض على حكم بطل الاسلام والمسلمين والعروبة والعروبيين صدام لعنه الله، والاعتراض على صدام هو اشد كفرا من الاعتراض على الله، هو الكفر والرجس والدنس و فعل الكبيرة التي لا عقاب لها سوى موت المعترض هو وعائلته وذريته وربما جيرانه واقربائه بإطعامهم للوحوش، بعثيين او حيوانات، لذلك اصبحت المعارضة تعويض عن سنوات الحرمان، واحدى الميزات التي يدّعيها الجميع ويمارسها الجميع ويصرح بها الجميع.
والمثير للضحك ان الحكومة معارضة لنفسها :
فوزرائها معارضون
وجنودها وشرطييها معارضون
البرلمان معارض
رئيس الوزراء هو وزمرته او نوابه ومستشاريه الذين لا يعرف عددهم معارضون
ورئيس الجمهورية هو وجوقته او نوابه ومستشاريه الذين لا يعرف عددهم معارضون
الاحزاب معارضة
المنظمات معارضة
المراجع العظام معارضون \ المرجعيات كلها معارضة وعلى رأسهم قاسم الطائي واليعقوبي ومقتدى الصدر بعد ان يوفقه الله و يأخذ الشهادة سيصبح ايضا معارض مرجعي او مرجع معارض، وعمار الحكيم معارض ايضا مع ان ابوه هو الامر الناهي على المجموعة الشيعية الحاكمة.
وما يميز هذه المعارضة عن غيرها انها تعترض على الجيد والسيئ، على الصحيح والخطا، يكتبون بأنفسهم الدستور ويصادقون عليه وعلى جميع مواده ثم يعلنون انه غير مقدس فيعترضون عليه، يعلنون انهم اخوانا في الدين، ويقتل بعضهم البعض الاخر، يعلنون انهم امناء ومخلصين واذا بهم يسرقون او يدعون الاخرين يسرقون لهم ويغضون البصر عنهم .
وبالطبع ما يقومون به ويفعلونه ليس معارضة، فالمعارضة لها قوانينها وانظمتها وآدابها واصولها، اما هذا الهوس الارعن فليس بمعارضة على الاطلاق، انه فوضى وانفلات، هو خروج على القانون الغائب، هو انتهاك للمعارضة الحقيقية، فتختلط الاوراق ولا يستطيع حتى الله تمييزها.
فهل تفخيخ السيارات معارضة.؟
وهل قتل المرأة في شوارع البصرة والعمارة معارضة.؟
وهل التأمر مع البلدان العربية والاجنبية على الوطن الجريح معارضة.؟
وهل معاداة الشعب الكوردي معارضة.؟
وهل تسقيط الشيعة واعتبارهم صفويون وفرس مجوس وطعنهم بولائهم لوطنهم معارضة.؟
وهل تعميم السوء على هذه الطائفة او تلك معارضة.؟
وهل تشكيل المليشيات والجيوش مهما كانت الحجج معارضة.؟
وهل قتل المسيحيين وتفجير الكنائس والاضرحة و قتل الأيزيديين والمندائيين والشبك معارضة.؟
بالطبع هناك معارضة، لكن مصابة ايضا بأمراض الانانية والاهداف الحزبية الضيقة، مع ان هذا حق مشروع، لكن الاهم يتقدم على المهم، والاهم في وقتنا الحاضر هو المصيرالاسود الذي ينتظر العراق لو بقي الصراع بين الاحزاب السياسية، بين ممثلي الطوائف ومرجعياتهم، لو بقى صراعا خبيثا كما هو عليه الان، لو بقي صراع لا يعرف سوى شهر السيوف وحد السكاكين ونحر الرقاب من اجل المال - السلطة.
لقد خُلقت حالة من الطمع والجشع والشراهة، خلقتها الحكومة، خلقها السياسيون، ربما الامريكيون، فمن هو في داخل الحكومة، وزيرا او نائبا برلمانيا او مستشارا الخ، فهو في الجنة بكل ملذاتها، حتى بغلمانها المخلدون وحور عينها الموجودات في فنادق الايفاد بنجومها الخمسة وموتيلات السمسرة وعقد الصفقات . هذا الفساد الذي خلقته الحكومة او سكتت عليه ولا تزال ساكتة عليه لأنها تمارسه، لأن نفعه يعود عليها، خلق معارضة فاسدة ايضا، صراع لعين من اجل جنة الحكم من اجل الظفر بقصورها،، بفللها، برواتبها الخيالية، بملاذها، بترفها، بتبذيرها، بصلاحياتها، بأمنها وامانها وممارسة شذوذها باسم الوطن.
ولأن الجنة هي مركز التفكير عند المسلمين، اكانت على الارض او في الاخرة، جنة السلطة او جنة الله، ولأن طرق ووسائل الدخول اليها مختلفة، يدخلها الغزاة والمنتحرون او السارقون في سبيل الله ، ولان ما يتحقق في الجلوس على كرس السلطة من الترف والبذخ الذي لا يخطر على بال. يكفي مثلا ان تصبح مليونيرا في ثلاث او ستة اشهر من دون تعب ولا مشقة حتى لو كانت المشقة في سبيل الله، لذلك نرى الجميع مشغولين في حسابات ومؤامرات الوصول اليها، ومنغمسين في تفكير عميق لمعرفة اخس السبل للدخول اليها، لقد اصبحت جنة الله وهما بينما جنة الحكم واقعا رأيناه بأعيننا، ففي جنة الحكم كل شئ ممسموح ، الاختلاس و الحرمنة واللصوصية والشهوات الحيوانية والجشع حد البلادة واشياء اخرى هم ادرى بها من عندنا نحن المعذبيين على الارض.
الحكم وميزاته هي موضع تفكير السياسيين العراقيين، هو موضوع النضال وليس الشعب الذي يعيش في جهنم اهمالهم، في حرها و زمهريرها في عذابها وشقائها، في مجازرها وتدميرها، في فقرها واملاقها، في تكدس الناس في اكواخ تسمى بيوت، في الموت السريع والبطئ حتى ان اصابتهم حمى او صداع او سعال، ماتوا على عجل، فلا يوجد دواء ولا ماء ولا هواء ولا غذاء الا ملوثا، بينما من يحكم، من هو في الحكومة او من يعيش في ظل جنتها، في المنطقة الخضراء او ما شابهها، ان ارتفع ضغطه قليلا سيهرع الى لندن في طائرة خاصة وعندما يعود سيستقبله المنافقون، المعارضون وغير المعارضين يفرشون الورد تحت اقدامه. حتى اهل النار يعلنون انهم نسوا عذابهم لعودته.
انها معارضة فاسدة حقا مثل فساد الحكومة.
ثم ينصحنا احدهم بعدم خلط الاوراق.
لقد احترقت اوراق الجميع وفات وقت الفرز.
 


 

Counters