نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مالوم أبو رغيف

 

 

 

 

الخميس 10 /8/ 2006

 



المصالحة والاعلام والحوار الوطني


مالوم ابو رغيف

المصالحة، هكذا مجردة، من دون تفسير ولا تمييز ولا اشارة تدل على نوعية اطرافها، فهي ليست مصالحة وطنية ولا مصالحة اسلامية، ولا مصالحة طائفية، هكذا هي مصالحة وبس، ومع من.؟ مع مجاميع مسلحة، مجاميع صغيرة في مقدمة المشروع واليوم وان لم يتغير شئ اصبحت مجاميع مهمة. فعندنا كل شئ من دون مقدمات ولا مؤخرات.. بعض الاحيان نرى المقدمة ونحسب انها مؤخرة والعكس صحيح.

وكلمة مهمة مثل كلمة مصالحة لا تعني شئ ايضا، فنحن لم نعرف مجاميع مهمة لا على مستوى ممثليها ولا على مستوى اعمالها، فكيف لحاشية المالكي اضفاء صفة مهمة عليها، ام انها من بركات واختراعات وزير الحوار الوطني ومحاسنه وتقليعاته بعد ان قيل انه وحده الذي يعرف هذه المجاميع ويعرف عددها وعتادها واهميتها، فهو على اي حال وزير للحوار، اي للحكي وطق الحنك..

لم يسجل التاريخ يوما وزيرا للكلام حتى لأجمله، ولو كان كذلك لكان هناك وزير للشعر وللشعراء وللقصص وللقصاصين وللحلاقين ايضا، لانهم كثيرو الكلام من دون مداليل، مثل رئيس برلماننا الذي وان كان طبيبا الا انه يذكرنا بالحلاق رغم بهذلة شعره ونثره.

ولان الحوار الوطني اصبح له وزارة ووزير، وحراسا وحاشية للوزير، ورواتب ونثريات وصرفيات واكراميات، فان المثل القائل اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، ذهب معناه وانعدمت فائدته ووجب عدم العمل به. رغم ان الحوار او الكلام وان كان من ذهب او الاف مؤلفة من الدولارات، يدور همسا كهمس العشاق في ليالي الخلوة والحظوة.

لكن المفهوم والمعروف هو ان الحوار الوطني يجري بين احزاب ومنظمات وجمعيات سياسية علنية، وان كان تنظيمها سري، لها برامجها واهدافها وانظمتها وفلسفتها وتاريخها وموقعها في المجتمع..وليس معقولا ان يختصر الحوار الوطني برجل واحد، يقيده الحلال والحرام وتعاليم الاسلام. فالحوار دلالة على الكثرة، رأيا وعددا وليس على الاختصار او الاقتصار..وان كان ذا صفة وطنية او انسانية او ديمقارطية، ان كان يهم الناس فيجب ان يكون امامهم او على الاقل يطلعون على نتائجه في اشواطه ومراحله، على نقاط البحث فيه، على المطالب والاهداف، على نقاط الاختلاف والخلاف..على نوعية المتحاورين والمتخاصمين...لا ان يجري في الغرف المظلمة، بين اربعة حيطان، عندها يصبح اشبه بالمؤامرة ويصبح المتحاورون متآمرين.

اما الاعلام ، والمفترض ان يكون اعلاما ديمقراطيا شفافا، ان لا يجامل ولا يتزلف، ينقل الحقيقة كما هي، يكون السلطة الرابعة بعد ان غابت كل السلطات، او ان وجودها من عدمها سيان، ان يصور الواقع كما هو من غير رتوش ولا تزييف..هذه الاعلام وفي مناخ المصالحة المصطنع، تراجعت فيه اهمية الاحداث، واصبحت جرائم القتل والتنكيل وتناثر الجثث وانتشالها من الانهار والاخاديد والحفر والمجاري، في ذيل نشرة الاخبار، او يتم تجاهلها بالمرة..والسبب واضح..ضحك على ذقون البشر والايحاء بان حكومة المالكي ووزراءه المصونون والمحصنون قد نجحوا بقمع الارهاب واشاعة جو من فرح المصالحة، فمهرجانات شعر يتغنى بها الشعراء والرواديد ومجالس عشائر تذبح بها الخرفان وتقام بها الولائم ، بينما في كل دربونة وزقاق تقام مجالس العزاء والحزن وترى وجوه الناس يملؤها الهم والغم.

في شهر واحد وفي مناخ المصالحة والحوار الوطني وفي ظل ندوات وفعاليات وبهرجات الاعلام الحكومي تسلمت مشرحة بغداد اكثر من 1850 مقتول، لا نعرف كم تسلم نهر دجلة وكم تسلم نهر الفرات، وكم تسلمت الحقول والمزارع والحفر وكم جثة ستبقى مجهولة الى الابد لا يعثر اصحابها عليها....

هل تتحلى الحكومة العراقية بتشكيلتها الطائفية الخائبة بالشجاعة لتخبرنا عن الحقيقة...حقيقة المصالحة وكم من اشواط قطعتها واي حوار يدور.. ان تعترف بحقيقة عجزها وفشل خططها التي وان كان اسمها الى الامام الا انها قادتنا الى الوراء...هل لها ان تجعل من الاعلام مرآة للواقع، لا ان ينقل صورة مشوهه او يتجاهل الاحداث ..ان يكون اعلاما لكل الوطنيين والاحرار وليس مقتصرا على المتدينين.