| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد ناجي

muhammednaji@yahoo.com

 

 

 

 

الأربعاء 8 / 11 / 2006

 



ONE WAY TICKET

 

محمد ناجي

استقبل العالم بمشاعر متباينة قرار الحكم على المجرم المدان صدام حسين ، فأغلبية العراقيين ضحايا النظام البائد هللوا وكبروا ورقصوا فرحا ، وآخرون من أيتامه ، وخاصة أولئك الذين "أكلوا من القدر العراقي حتى شبعوا" * كالنائبة الاردنية نريمان الردسان ، ومعها بعض العرب وخصوصا الفلسطينين مثل (حماس) اصيبوا بالخيبة والخذلان والهستيريا ، كما تفاوتت مواقف بقية الدول بين مؤيد ومعارض ومتحفظ تبعا لموقفه المبدئي من عقوبة الاعدام بحد ذاتها ، أو لطبيعة علاقته بالقدر العراقي ! وقد ألقى رئيس الوزراء السيد المالكي كلمة اشار فيها الى ان هذا القرار قد طوى صفحة الأستبداد والماضي الأليم للعراق والعراقيين .
وفي اعتقادنا إن الصفحة لا يمكن ان تطوى ، بأكملها ، إلا بمجموعة تحولات اجتماعية/اقتصادية/ثقافية ، أحدها وربما أكثرها أهمية حاليا ، هو تطبيق قرار المحكمة وتنفيذ الحكم بحق المجرمين المدانين . وهذا القرار سوف يكون ساحة صراع جديدة ، وتطبيقه عرضة لضغوط وتاثيرات ومناورات سياسية ، داخلية وخارجية ، على الحكومة العراقية التي يعلم الجميع انها تتحرك في فوضى شاملة ، وتقف على أرضية هشة ، ويمكن ان تتعرض وتتجاوب ، بسهولة نسبية ، لضغوط ومطالبات بالعفو ، بدأت حتى قبل اصدار الحكم ، وهو ما اشار اليه السيد المالكي في كلمته . ويمكن ان نتصور هذه الضغوط والمؤثرات كالتالي :
1- ضعف القرار والموقف العراقي ، الذي يمكن أن يمهد للخضوع لضغط الاميركان ، والذي يشاع أنهم يتفاوضون الآن مع البعث والمسلحين ، وربما يكون العفو عن صدام هو الصفقة ، والمخرج للتخبط الاميركي في العراق ، وهذا ما حدث مع آخرين قبله ، حين اطلقوا سراح الصحاف ، هدى عماش ، الكعود ... وغيرهم من دون علم الحكومة العراقية وبدون مبرر .
2- حاجة العراق الى الدعم والتاييد السياسي والمالي والأمني العربي والدولي ، الذي قد يدفعه لاصدار قرار بتخفيف الحكم وربما العفو والسماح بمغادرة العراق .
3- الموقف المبدئي للسيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني ، ورفضه التوقيع على عقوبة الاعدام ، وإمكانية إستغلال مثله الانسانية ، كما حدث في موقفه الايجابي من رسالة الاسترحام للمجرم المدان برزان التكريتي عند بداية جلسات محكمة الدجيل ، والذي كشف عن حقيقته المخادعة في الجلسات اللاحقة ، بالاضافة الى موقف انساني آخر للطالباني من عائلة صدام .
4- ضغط الموقف المبدئي الرافض بالمطلق لعقوبة الاعدام ، الذي تؤمن به دول الاتحاد الاوربي وعدد من المنظمات القانونية والحقوقية الدولية مثل منظمة العفو الدولية .
5- قيام صدام نفسه بمناورة مخادعة ، ربما بدأها في جلسة محكمة الانفال يوم 7/11 ، وطلبه للعفو والصلح والتسامح ، ونجاحه في تمريرها ، تحت ضغط الظروف الأمنية الصعبة. وهذا ليس غريب على شخص مثل صدام الذي فعلها أكثر من مرة . والعالم كله شاهد على تبجح صدام ثم خضوعه بعد ذلك لمنطق القوة . انه شخص لا يؤتمن سرعان مايغير موقفه ، ثم يظهر نفسه بمظهر المنتصر . ويمكن مراجعة عدد من المواقف منها توقيعه لاتفاقية الجزائر ثم تمزيقها واعلانه الحرب على ايران ، ليعود ويبعث رسالته الشهيرة الى القيادة الايرانية بعد احتلاله للكويت ، ثم تأكيده على عدم الانسحاب من الكويت ، ليعود ويصدر قرار بالانسحاب ، كذلك عدد كبير من مواقف التشدد ثم التراجع المتخاذل ثم التشدد ثانية مع مفتشي الأمم المتحدة ، الذين فتشوا حتى سرير نومه .... وغيرها من المواقف التي تثبث بأنه لا يتردد في التنازل حتى عن ورقة التوت التي تستر عورته ، ثم يتراجع عن موقفه في أول فرصة سانحة .
6- توسط الجامعة العربية وعدد من الدول العربية بالعفو عنه ، وعرض احداها استضافته ، والدولة الأكثر احتمالا هي قطر ، مقابل دعم سياسي ومالي وأمني وتمثيل دبلوماسي عربي في بغداد .
7- وجود اصوات وقوى ، وبحجة المصالحة ، تطالب بالعفو عن البعثيين والقتلة من المسلحين ، حتى من داخل الحكومة ومجلس النواب ، لذلك من غير المستبعد في ظل أي انعطاف في مجرى الاحداث ، سريعة الحركة والتغير ، أن يصدر حكم مخفف ، ومن ثم ، عفا الله عما سلف !
لذلك ومقابل هذه الضغوط المتوقعة ، وغيرها ، وإذا كانت هناك ، حقا ، إرادة صادقة في طي صفحة الماضي ، لابد ان يستمر العراقيون الضحايا واصدقاءهم من المثقفين والكتاب والنخب السياسية في الضغط من جانبهم والتأكيد بأن يكون تطبيق الحكم (خط أحمر) لا يمكن التراجع عنه ، وأن يقدموا كل الدعم لثبات الحكومة على موقفها الذي اعلنه المالكي في خطابه ، وأن ياخذ قرار المحكمة الدرجة القطعية بعد التمييز ، وينفذ قرار القاضي رؤوف الذي حجز للمجرمين تذكرة باتجاه واحد ... الى الجحيم " روحه بلا رجعه " ، ففي التراجع عن هذا القرار ضرر بصدقية القضاء العراقي وبالعملية السياسية ، والدولة العراقية الجديدة ، التي يطمح الجميع ان تكون فيها السيادة للقانون وحقوق الانسان ، والتي لا يمكن ان تسمح بأن يفلت فيها المجرمون من العقاب ، ليكرروا جريمتهم في غفلة من الزمن .
أما مايتردد من مخاوف وتهديدات بالحرب الأهلية ، فهي ليست سواء تخريف وهراء . فالحرب الأهلية ، إن قامت ، في العراق فلأسباب أخرى ، وليست بسبب طاغية وجرذ ، انتهى زمنه ووقف أمام العدالة مذعورا من القصاص الذي يستحقه ... " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب " .

*
هذا ما إعترفت به عضوة البرلمان الاردني نريمان الردسان في ندوة على القناة الفضائية (العراقية) مساء 6/11 في دفاعها عن صدام حيث قالت : إن صدام نصب في العراق لنا نحن الأردنيين قدرا كبيرا أكلنا منه حتى شبعنا !