| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد ناجي

muhammednaji@yahoo.com

 

 

 

 

الأربعاء 4 /1/ 2006

 

 

 

استحقاق انتخابي ... تكنوقراط ... قرار !

 

محمد ناجي

- الازمة السياسية الحالية التي يمر بها العراق ، ليست الاولى ولن تكون الأخيرة ، التي يسببها قصر النظر السياسي والهوس بالسلطة والمصالح الشخصية والفئوية . وللخروج من هذه الأزمة تطرح مختلف القوى حلولاً ورؤاً تعبر عن طبيعة هذه القوى ومصالحها ، في ظل احتقان واستقطاب حاد على اكثر من صعيد . ومن أكثر هذه الحلول ترديدا هو الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية ، بالترافق مع عدد من الاجراءات الاخرى . وفي الحقيقة لابد من الاقرار بأن الحراك السياسي يتجه الى هذا الحل ، البرّاق ، الذي يعني ... مكانك راوح !
- فالحديث عن ( حكومة وحدة وطنية ) في بلد توجد فيه حكومتان في أكثر المناطق استقرارا وتماثلا وهو اقليم كردستان ! لن يكون أكثر من شعار فاقد للصدقية ، يراد له ان يحقق أهدافا أخرى بعيدة عن مفهوم الوحدة الوطنية الحقيقية. ولا نأتي بجديد حين نؤكد بأن من يريد حقا ، من كل الفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية ، حماية وتعزيز الوحدة الوطنية عليه ان يجسد هذه الارادة بمواقف مسؤولة وخطاب سياسي ثقافي ديني وطني في مجمل العملية السياسية وفي طول الوطن وعرضه ، وليس فقط من خلال التعامل مع الحكومة وكأنها استئثار بالكعكة أو تقاسمها مع الآخرين . ويكفي ما مر بالعراق من تجارب سلبية ، منذ سقوط الطاغية وتشكيل مجلس الحكم والحكومات التي تبعته ، التي تسترت بعباءة الوحدة الوطنية ، ولم يقبض منها المواطن سوى الريح ، بعد ان لم تستطع ان تحل أزمات الامن والبطالة والخدمات ... ولم تتقدم فيها هذه الوحدة خطوة واحدة الى الامام ، فتحولت الى شعار بائس .
- وحتى في حال تشكيل حكومة الوحدة ، فهي ستكون عاجزة ومشلولة كسابقاتها ، أي حكومة (خرّاعة خضرة ... لا تهش ولا تنش) ، ضعيفة ومن دون قرار ، لأنها ستقوم على اتفاقات لمصالح ضيقة وتوازنات هشة يمكن ان تنهار في أي منعطف أو قضية حساسة يتعرض لها العراق ، وما أكثرها ، وربما يكفي هنا التذكير بأزمة القسم للجعفري وحكومته في الجمعية الوطنية. يضاف الى ذلك أن كل وزير فيها سيمثل طرفا ما ، وبالتالي لايمكن محاسبتة أو إقالته ، في حالة التقصير ، حرصا على الوحدة الوطنية المزعومة ! وفشل الحكومة والجمعية الوطنية في رفع الحصانة البرلمانية عن وزير الدفاع السابق حازم الشعلان تمهيدا لتقديمه للقضاء بتهمة الفساد ، بعد أن صدر أمر بالقاء القبض عليه ، حسب ماذكره الشيخ جلال الدين الصغير عضو الجمعية الوطنية في مقابلة مع قناة تلفزيون العالم ، دليل ملموس على هذا العجز ، يضاف لعشرات الامثلة ، التي حولت العراق الى ولاية ( كلمن إيده إله ) !
- ان من يريد ، حقا ، الخروج من الازمة والارتقاء بالعملية السياسية وتصحيح مسيرتها المتعثرة ، وتلبية حاجات المواطنين الذين عانوا الويلات ، عليه ان يساهم في ان تأخذ المؤسسات الديمقراطية حجمها والعملية السياسية ابعادها ومسيرتها الطبيعية ، التي شوهتها وأساءت اليها ممارسات بعض القوى السياسية في حملتها الانتخابية ، التي وصلت حد القتل واحراق المقرات للمنافسين ، واستمرت خلال عملية الاقتراع . واذا كان من الضروري اجراء تحقيق في التجاوزات والتزوير ومحاسبة المتورطين فيه ، وهو مايحصل الآن ، كي لا يفلت المجرم من العقاب ويكرر الجريمة ، فبالمقابل على القوى السياسية أن تثبت حرصها على الوحدة الوطنية ، ليس بما ستحصل عليه من الكعكة العراقية ، بل بمواقف وطنية في داخل مجلس النواب ، وتساهم في الاسراع بتشكيل حكومة استحقاق انتخابي ، قادرة على اتخاذ القرار ، يكون وزراءها من التكنوقراط ، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والعرقية والمذهبية ، سوى أن يتمتعوا بالكفاءة ونظافة اليد والسجل السياسي والمهني .
هذا الخيار ، الذي يتلخص بحكومة استحقاق انتخابي/تكنوقراط ، تساندها (وحدة موقف وطني) توفر لها اغلبية ودعم برلماني ومن ثم امكانية القرار ، هو الأفضل وهو واقعي بقدر ماهو صعب وبعيد المنال ، لأنه يعتمد ويتطلب ، كما في (حكومة الوحدة الوطنية الحقيقية) من كل الفعاليات السياسية ، وفي مقدمتها الأئتلاف ، المرشح لتشكيل الحكومة ، المساومة وتقديم التنازلات والتحلي بقدر أكبر من الاتزان والمرونة في التعامل مع الملفات المثيرة للحساسية في الساحة العراقية بدلا من التخندق والتعنت والتسرع بمشاريع ومواقف وتصريحات غير مدروسة ، وتأجيلها الى مرحلة أكثر هدوءاُ واستقرارا في الساحة السياسية ، التي تشهد استقطابا حادا . ويظل لدينا الأمل في الاستفادة من دروس الماضي والتجارب السابقة ، التي يمكن ان تدفع الجميع خطوة الى الأمام بدلاُ من الدوران في ... نفس المكان والزمان ، ونسمع من يحن لمستبد وطاغية ولى ... ويردد ( صدام حسين يلوك إلنه ) !
قد يتأخر الحل وربما يتأجل ، ولكن يبقى المواطن ينتظر ، بقلق ، حكومة وطنية في العمل والقرار وليس حكومة ... فوضى وهتاف وشعار .