| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد ناجي

muhammednaji@yahoo.com

 

 

 

الثلاثاء 27/5/ 2008



الانتخابات و"عهد الأشتر"

محمد ناجي

بدأت الحرارة ترتفع ، هذه الأيام ، ويتطاير الغبار ، ويدور معهما الحديث ساخنا عن انتخابات المجالس المحلية للمحافظات ، فتتحول علامات الاستفهام إلى إشاعات مفخخة والتكهنات إلى قذائف كاتيوشا متطايرة . فأيها أفضل القوائم المغلقة أم المفتوحة ؟ ومن يريد هذه ومن يرغب بتلك ، ولماذا ؟ ومن سيرشح ومن سيفوز ، مستقلون أم أحزاب ؟ وما هو دور المرجعية ورجال الدين والعشائر و(الصحوات) ؟ وما مدى تأثير المال والسلاح على نزاهة الانتخابات ؟ وهل لدول الجوار مصلحة ، ومع أي طرف ؟ وهل ستجري لكل المحافظات بيوم واحد أم لكل محافظة يوم ؟ ..و.. و..
ومع الانتخابات ، تكثر الوعود السخية والمبالغة بها لكسب أصوات الناخبين . وهي وعود سرعان ما تتبخر ويتم تجاهلها ، بعد انتهاء الموسم الانتخابي في البلدان ذات التقاليد الديمقراطية والانتخابية العريقة ، فكيف سيكون الحال في بلد المحاصصة ، والففتي ففتي ، و الـ 99.9% ، ولا تزال (ديمغراطيته) في أول المشوار !؟
في الحملات السابقة ، استخدم العنف والتهديد والوعيد والرموز الدينية ، وبذلت أموال واستنفرت المشاعر الطائفية والقومية وصولاً إلى التزوير في صناديق الانتخاب ، نتمنى أن لا يتكرر الشيء نفسه هذه المرة أيضا ، خاصة أن الشارع يهدد ويتوعد المرشحين ، أفراداً وتنظيمات ، وعليهم أن يعيدوا النظر في حساباتهم ويستفيدوا من الخبرة المتراكمة من التجارب السابقة ، فيحترموا عقل الناخب وتعطشه للأمن وسيادة القانون ، والعمل والخدمات وكل ما يوفر له العيش بحرية وكرامة في بلد الرافدين . وأن يتم احترام شروط النزاهة والكفاءة في الترشيح ، وإلا فالناخب ، بيضة الميزان ، سيدير ظهره لهم . وهو لن يسقط هذه المرّة ، بسهولة ، في فخ الدعاية الانتخابية لأي شخص أو جهة ، بعد أن أصبح أكثر وعيا وخبرة من السابق ، وأدرك أنه سيدفع الثمن ولن يلوم إلاّ نفسه ، كما يفعل الآن ، لو كرر الخطأ فيسمح لكائن من كان ، باستغفاله والتلاعب بمشاعره وطموحاته ليمرر عليه أشخاص غير مؤهلين ، إلى مواقع المسؤولية ، ليس لهم من الكفاءة شيء ، حتى إن مواقف بعضهم وشهاداتهم المزورة ، جعلت منهم أضحوكة وموضع تندّر مُر وسخرية لاذعة ونكات تتردد على كل لسان .
هذه السجالات جزء من حركة حيوية نحو ترسيخ صندوق الانتخاب . وهي خطوة أخرى في مشوار طويل لابد أن نسير في دروبه المتعرجة والشائكة ومنعطفاته الوعرة ، وأن نتعثر ، قبل أن نصل إلى مرحلة النضج والاستقرار . لذلك فالمحافظة على استمرارية هذه الحركة ، وأن يكون الطريق إلى الصندوق سالكاً وخاليا من العبوات الناسفة وقطاع الطرق ، مهمة ذات طابع استثنائي ، وهي مسؤولية نتحملها جميعا ، أفرادا وتجمعات ، وعلى مختلف المستويات والمسؤوليات .
وعلى هذا الطريق نرى من المناسب أن نذكّر الأطراف المباشرة في المعادلة الانتخابية (المرشِح و المرشَح والناخب) بمقتطفات من وثيقة شهيرة عرفت بـ (عهد الاشتر) ، كتبت عنها مجلة الحقوق العراقية في عددها الثاني سنة 1941م قائلة : [ لا مراء بأن عهد الامام علي [ع] إلى مالك الاشتر عامله على مصر من أنفس الوثائق التاريخية الزاخرة بمبادئ الحكم وأساليب الادارة وأصول التشريع ، وأخلاق المسؤولين] ، ومما ورد في هذه الوثيقة :
(.... ثم اعلم يا مالك أني قد وجهتك إلى بلاد قد جرت‏ عليها دول قبلك من عدل وجور . وأن الناس ينظرون من أمورك ‏في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك ، ويقولون فيك‏ ما كنت تقول فيهم . وإنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم‏ على ألسن عباده . فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح . فأملك هواك ، وشح بنفسك عما لا يحل لك ، فإن الشح بالنفس‏ الإنصاف منها فيما أحبت أو كرهت . .......... ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق ‏به الأمور ، ولا تمحكه الخصوم ، ولا يتمادى في الزلة ، ولا يحصر من الفي‏ء إلى الحق إذا عرفه ، ولا تشرف نفسه على طمع ، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه ، وأوقفهم في الشبهات ، وآخذهم ‏بالحجج ، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم ، وأصبرهم على تكشف ‏الأمور ، وأصرمهم عند اتضاح الحكم . ... ) .
فهل هناك من يسمع ويتعظ ، أم لا حياة ، ولا حياء ، لمن ننادي ... اللهم اشهد !
 

نشر في صحيفة (المدى) البغدادية العدد 1234 الصادر الثلاثاء 27/5/2008 ص3





 


 

free web counter