موقع الناس     http://al-nnas.com/

سامعين الصوط ...!

 

محمد ناجي

الثلاثاء 14 /3/ 2006

- السيارات المفخخة حالة عراقية يومية ، وهي من مكونات المشهد العراقي الأساسية ، وهي أكثر تواترا من الأزمات السياسية والمعيشية التي تكيّف معها المواطن بل أصبح يسخر منها ويغني لها :


كالتلي داوي الجرح ... كلتلهه شنداوي
كالتلي انته منو؟ ... كلتلهه زرقاوي
كالتلي كيف الوضع ؟ ... كلت الوضع عاوي
بس مرتي جابت ولد ... سميته علاّوي
علاّوي ابني كبر ... وهوه ارهابي صار
ولو لزم رمانته ... يفجرله أكبر دار
....................
أوصيك يوليدي
لا تزرع قنبلة بالشارع ... أضرب هاون
وبتفخيخ السيارت ... خل نتعاون
مالك أي شغله بعدوانك
أضرب فجر كل اخوانك
 

- وبالأمس ، كنت على مسافة 400 متر من أحد هذه التفجيرات (للمقاومة الشريفة) ، مما دفعني لتكرار الأسئلة ، خاصة وأنا أرى كيف يتفاعل الناس مع الحدث : فهل الجهات المسؤولة جادة فعلا في وضع حد لهذه الأعمال الإرهابية اليومية ؟ ولماذا لا يبحث الناس عن موقف جدي منها ، يتجاوز الصراخ والعويل وبيانات الاستنكار واجترار الأحاديث والإشاعات ؟
- إن الظروف ملائمة ، خصوصا في مناطق الوسط والجنوب ، التي على تماس مباشر مع "المناطق الساخنة" مأوى الإرهابيين ، والتي يتسللون منها إلى بقية المناطق ، بتشكيل "لجان دفاع ذاتي" أو "لجان شعبية لمناهضة الإرهاب" أو أية تسمية أخرى ، في كل شارع وحي ، ووفقا لآلية تلتزم بالقانون تضمن عدم التجاوز على حريات وحقوق الناس وكرامتهم ، وبالاشتراك والتنسيق مع قوات الأمن ، بل تحت رعايتها ، خاصة وان هذه اللجان قد تم الحديث عنها في الوسط السياسي على أعلى مستوى ، وعن نشاط مشابه لها في مدينة الرمادي وتصديها للإرهابيين هناك وكذلك في المحمودية . وهذه اللجان لا يمكن أن تكون ميليشيا لأن دورها يتحدد بالرقابة والدفاع عن المنطقة . وهي شعبية طوعية متنوعة ، من أبناء الشارع والحي الذي يسكنوا ويعملوا فيه ، بغض النظر عن انتماءهم السياسي القومي الديني الطائفي ، وهي ليست تابعة لتنظيم سياسي أيا كان نوعه ، بل تلتزم بالقانون وتحت إشراف الدولة وإدارتها .
- وبالتزامن مع تشكيل هذه اللجان ينبغي السيطرة على الحركة بين المدن ، وبالتحديد مداخلها ، فلا يسمح بدخول أية وسيلة نقل من خارجها ، بعد أن تنقل الكراجات إلى أطرافها ، ويمر المسافرون عبر بوابات الكترونية شبيهة بتلك الموجودة في المطارات مع تفتيش شخصي ، ثم بعد مسافة يمكن أن تكون 20 متر ، مثلا ، يوجد موقف لسيارات الأجرة مسجلة لدى الجهات المسؤولة تنقل المسافرين إلى داخل المدينة .
- أما وسائل النقل التي لا تريد الدخول إلى المدينة ، بل تمر بها في طريقها إلى مدينة أخرى ، فيشق لها طريق خارجي دائري يسمح بالمرور إلى كل المدن المجاورة ولكنه لا يسمح ، وفقا للتصميم الهندسي ، بالمرور إلى داخل المدينة ، ولو مؤقتاً ، بالإضافة إلى أن هذا الطريق يكون مراقب بالكاميرا ودوريات الشرطة . وعندها يمكن السيطرة على أية عملية ومعرفة مصدرها وصولا إلى القضاء النهائي عليها . وتجدر الإشارة إلى وجود مثل هذا الخط السريع الذي يمر خارج المدن ، وهو بحاجة إلى إدامة وتنظيم وتحوير وفقا للحاجة الراهنة . كما إن وضع الحواجز وغلق الشوارع وإجراء عملية التفتيش الشخصي حماية لمؤسسات الدولة ومقرات الأحزاب وبيوت المسؤولين حالة يعيشها المواطن ويعاني منها ، فلماذا لا نقلل من هذا التجاوز ، ونحمي المدينة وكل المواطنين ، ونقوم بنقل العملية إلى أطراف المدن بدلاً من داخلها !؟
- ومن الاعتراضات التي يمكن إن تثار بالضد من هذا المقترح ، هو أنه بحاجة إلى الوقت ، والتمويل ، وإمكانية اختراقه بالفساد المستشري في مفاصل الدولة والمجتمع . من ناحية الوقت فلا نعتقد بوجود مانع من المباشرة بالمقترح فورا . أما بالنسبة للتمويل فالدولة تصرف أموالاً طائلة ، بعضها في غير محلها ، وهي تضع الأمن في مقدمة اهتمامها ، لذا عليها أن توفر كل ما يتطلب تثبيت الأمن والقضاء على الإرهاب . أما الفساد وهو الوجه الآخر للإرهاب ، فهو بحاجة إلى وقفة جدية ، مؤسساتية وشعبية ، ولا يمكن السيطرة عليه بقرار إلاّ عندما يخرج المواطن من شرنقة مواقفه السلبية ويمارس دوره الطبيعي ، وإن تفعّل منظمات المجتمع المدني دورها ونشاطها ، وان تصعّد الصحافة خطابها ودورها المسؤول والحيوي في فضح الفساد والمفسدين ، وان تحظى هذه بالرعاية المناسبة والحماية من قبل سلطات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية ، ومن أمن العقاب أساء الأدب !
- ولكن تظل عقبة لابد من أن نضعها في الحساب ، وهو موقف أصدقاءنا الأمريكان ! فهل سيوافقوا على هذه الإجراءات والضوابط ، أم يفضلوا ترك الحالة سائبة ، على ما هي عليه ، كما فعلوا حين تركوا حدودنا (مدشرة) ! وهل لدى سياسيينا الجرأة للدفاع عن مصلحة المواطن والوطن في حال اقتضى الموقف ، كما فعلوا حين رفضوا دخول قوات من دول الجوار وبالتحديد من تركيا ؟
- ومرة أخرى نؤكد بأن الحل الأمثل يتجسد في مجموعة متناسقة من الإجراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، أما الاستمرار في "ترك الحبل على الغارب" فأنه يبقي الأسئلة مفتوحة على المجهول ، والجرح راعف في دوامة يومية ... حتى إشعار آخر !