| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد ناجي

muhammednaji@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    السبت 12/3/ 2011

 

رسالة مفتوحة لرئيس (المهزلة العراقية)

محمد ناجي

(من استثقل الحق أن يقال له ، أو العدل أن يعرض عليه ، كان العمل بهما عليه أثقل) - علي بن أبي طالب (ع)

برغم الظروف الصعبة والمعاناة في زمن النظام البائد ، إلا أننا وبقية العراقيين كان لدينا ثقة وأمل وحلم بغد أفضل وعراق أجمل بعد زوال نظام الطغيان ، وهذا ما منحنا العزم والإصرار على تحمل الصعاب ومواصلة العمل في مواجهة النظام الدكتاتوري البائد ، وعلى هذا الطريق سقط آلاف الشهداء من خيرة أبناء وبنات العراق ، ومن مختلف المكونات والانتماءات .

وبعد سقوط الصنم عام 2003 تعزز هذا الأمل بشحنة هائلة من التفاؤل بعراق أفضل وأجمل ، ولكن سرعان ما كشفت الوقائع اليومية الملموسة وهن هذا الأمل ، وإن سفينة العراق تبحر نحو الخراب والتخلف ، وأن بوصلتها مثبته ، عن سبق إصرار وتعمد ، في الاتجاه المعاكس لطموحات الناس ومصالحهم ، لأن من يدير دفتها ليسوا أفضل من قراصنة الصومال وأنهم درسوا وتربوا بعقلية وأساليب عصابات الجريمة المنظمة (المافيا) ، ولم يكونوا يوما من تنظيمات سياسية مناضلة ، وكل إدعاء غير ذلك محض افتراء ، وحتى شعاراتهم كذب وخداع وتضليل ، ووعودهم ضحك على الذقون ... وغرق الحلم الجميل في بحر الظلمات .

دولة السيد المالكي !
أكتب لك هذه الكلمات كمواطن عراقي له الحق في أن يقول رأيه في طبيعة أداءك السياسي ومسؤوليتك ، وغيرك ، فيما وصل اليه العراق اليوم . فأنت حاليا ، ومنذ سنوات ، تقف على رأس الدولة العراقية ، والعملية السياسية ، التي تحولت بجهودك ومن سبقك ، إلى مهزلة تجاوزت مخيلة أي حشاش ومخبول وفاقت اللامعقول ، وطالما إنك لم تفعل ، ولن تفعل ، شيء ذو قيمة فعلية لمعالجة الوضع ولو بعد 100 شهر وليس 100 يوم ، فأنك بحكم موقعك وصلاحياتك ، لست مشتركا في المسؤولية فحسب ، بل تتحمل القسط الأعظم من الممارسات التي تصل إلى حد الجرائم التي يرتكبها الموظفون (السوقية) ، باختلاف مراكزهم ، ليس آخرهم وكيل وزير التربية والتعليم أو نظيره محافظ البصرة ! أو غيرهم من الموظفين المتخلفين والمزورين والفاسدين واللصوص ، الذين وصلوا إلى مناصبهم دون أية كفاءة غير الموالاة لك أو لغيرك من أعضاء المافيا السياسية ، والذين تزخر بهم مؤسسات الدولة ، ويتحكمون من خلال سطوتهم بمصائر الناس ومصالحهم .

يا أيها الأمل المقدس !
حضرتك مثل أي طامح ومولع بالسلطة حرَفت والآخرين ، مؤسسات الدولة عن دورها ، بعد أن إعتمدت مبدأ الولاء وليس الكفاءة والنزاهة في المرشحين لمناصب الدولة وعضوية مجلس النواب ، وأفسدت العدد الأكبر من نواب الشعب وإشتريتهم بالاموال والامتيازات ، فتخلوا عن دورهم وباعوك صوتهم القادر على مساءلتك وحتى تنحيتك ، وأصبحوا جوقة مبخرين وعازفي دفوف وأبواق إعلامية لك في وسائل الإعلام ، وهم يوفرون لك أغلبية (موافجين) تسمح لك الحضور المطمئن إلى مجلس النواب والتهرب من مسؤوليتك بإلقاء اللوم والمسؤولية على عاتقهم ، كما فعلت يوم الخميس 10 آذار . كما خرقت الدستور الذي نص في عدد من مواده على نواب لرئيس مجلس النواب ونواب لرئيس الجمهورية ، فما هي مواده التي خولتكم تنصيب 3 نواب لرئيس مجلس الوزراء !؟

لقد سمعت جنابك الكريم تتحجج بعدم القدرة على التصرف والمحاسبة وتطبيق البرامج لغياب أو تناقض القوانين ، وربما بسبب المحاصصة والتوافق الهش بين الكتل السياسية ، فهل أكتشفت هذا اليوم ، أم قبل إستلامك لكرسي الحكم الذي تمسكت به ووضعت البلاد والعباد على كف عفريت لمدة 9 أشهر ؟ بالاضافة إلى أن هذا التبرير لا يعفيك من المسؤولية عن التغطية على الفضائح المالية والسياسية ، ومنها ضمن تنظيمك ومسؤوليتك المباشرة ، مثل تلك التي كتبت عنها الصحافة الدنماركية لمعمم هو عضو في تنظيمك ورشح ضمن قائمة دولة (القانون) ! وحاليا عضو في البرلمان ، ومقرب منك ، كان يستلم مخصصات المساعدة الاجتماعية من المال الذي تحصل عليه الخزينة الدنماركية من مؤسساتها ومواطنيها دافعي الضرائب ، ومنهم من يعمل في إنتاج وبيع الخمور ولحوم الخنزير والدعارة !! وصاحبك يستلم الملايين من أموال الشعب العراقي ، ويتهرب من دفع الضريبة ويتنكر للدولة التي رعته وقدمت له ملاذا آمنا أيام محنته ، فماذا فعلت له ؟ وهل يمكن الإطمئنان حقا لأمانتكم وحرصكم على أموال الناس وحقوقهم !؟

يا بشائر الخير !
إن أي مواطن بسيط ، تضطره الحاجة لمراجعة أي من دوائر الدولة في عهدكم الزاهر ، يعرف بأن موظفيكم بدلا من القيام بواجبهم في تقديم الخدمات للناس ، هم (بإستثناء عدد قليل غير مؤثر في تغيير واقع المهزلة العراقية) بين من يجتهد ويبدع باستغلال المال والحق العام ، وبين من يتاجر بالدين ويرفع في مكتبه ، مثلا ، لافتة وجدتها معلقة في مكتب سكرتير وكيل أحد الوزراء – لا تقل للصلاة عندي عمل بل قل للعمل قد حان وقت الصلاة ! وبين من يستهتر بمتاعب الناس ويستخف بهم ويدفعهم إلى السير في طريق الآلام ، ويدخلهم في دهاليز المتاهة المعتمة والمضنية ، لكي يتقبلوا بعدها ما يطلبه منهم (الحبربشية) لإنجاز معاملاتهم ، وبالطبع بالاتفاق مع موظفي دولتكم السعيدة والزاهرة .

جناب السيد المالكي !
لديك سجل يكبر بمرور الأيام بالتجاوز على الحريات وحقوق الإنسان في أكثر من مكان ومناسبة ، وآخرها تخليك عن واجبك في ضمان وحماية حقوق المواطن التي كفلها الدستور ، وألتفافك عليه حين تطالبه بعدم التظاهر ، ومنع التغطية الإعلامية المباشرة ، وإستخدام أساليب البعث لتكميم أفواه الناس وتضليلهم وتخويفهم بحجج واهية ، ومعك جوقة المطبلين من السفهاء ومن وعاظ السلاطين ، ترددوا سوية إسطوانة مشروخة لتلصقوا تهمة (البعثية) بمن يعارضكم ، وخرج يصرخ من الأذى الذي لحق به جراء سياستكم وفشلكم واستخفافكم به ! وقد سبق هذا وتبعه التعدي على الصحفيين وإقتحام مقرات إتحاد الأدباء والحزب الشيوعي والأمة وصحيفة طريق الشعب ، بالإضافة لإستخدامكم أساليب بائسة وبالية في الرد على تقارير منظمات دولية تحظى بتقدير واحترام المجتمع الدولي ولها مصداقية لا ترقى إليها ذمم معطوبة وشهادات مزورة حصل عليها عدد من المسؤولين والنواب من (كوجه مروي) أو سوق مريدي .

كتبت ، ويكتب غيري ، وتعرض وسائل الإعلام يوميا الكثير من مظاهر (المهزلة العراقية) ، التي يكتوي بنارها المواطنين ، وسيظهر لاحقا ما هو أكثر وأخطر وأكثر شناعة مما ذكرت عن دوركم ، وغيركم ممن إمتلك القرار ، وشارك بمواقفه وعمله في تشويه العملية السياسية وتحويلها إلى (المهزلة العراقية) لأن الخراب والفساد السياسي والمالي والإداري يبدأ من الرأس وينتشر في المفاصل الدنيا للدولة والمجتمع ، وذاكرة العراقيين مليئة بالمواقف لمن سبقكم ، فضلا عما يرونه اليوم في الفضائيات عن مفاسد حكام تونس ومصر وليبيا .....

وقبل الختام ، وبما أنك وصاحب (الفضيحة الدنماركية) ومعكم الكثيرين من المدّعين زيفا بالانتماء إلى مدرسة آل البيت (ع) ، وتتنكرون لـ(شمعة علي) حين تتجاوزون على المال والحق العام ، أذكركم ببعض وصايا إمام المتقين علي بن أبي طالب (ع) إلى مالك الأشتر :
..... أن الناس ينظرون من أمورك ‏في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك ، ويقولون فيك‏ ما كنت تقول فيهم ..... أنصف الله ‏وأنصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك ومن لك فيه هوى‏ من رعيتك ، فإنك إلا تفعل تظلم ، ومن ظلم عباد الله كان الله‏ خصمه دون عباده ..... وليس شي‏ء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل ‏نقمته من إقامة على ظلم ، فإن الله سميع دعوة المضطهدين وهو للظالمين بالمرصاد ..... ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق ‏به الأمور ، ولا تمحكه الخصوم ، ولا يتمادى في الزلة ، ولا يحصر من الفي‏ء إلى الحق إذا عرفه ، ولا تشرف نفسه على طمع ، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه ، وأوقفهم في الشبهات ، وآخذهم ‏بالحجج ، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم ، وأصبرهم على تكشف ‏الأمور ، وأصرمهم عند اتضاح الحكم . ممن لا يزدهيه إطراء ولا يستميله إغراء ..... ثم إن للوالي خاصة وبطانة فيهم استئثار وتطاول ، وقلة إنصاف ‏في معاملة ، فاحسم مادة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال . ولا تقطعن لأحد من حاشيتك وحاميتك قطيعة ..... وإياك والإعجاب بنفسك والثقة بما يعجبك منها وحب الإطراء ، فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يكون من ‏إحسان المحسنين . وإياك والمن على رعيتك بإحسانك ، أو التزيد فيما كان من فعلك ، أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك ، فإن ‏المن يبطل الإحسان ، والتزيد يذهب بنور الحق ، والخلف يوجب ‏المقت عند الله والناس ، قال الله تعالى « كبر مقتا عند الله أن ‏تقولوا ما لا تفعلون » ..... وإياك والاستئثار بما الناس فيه أسوة .....

فأين أنت ، بل أنتم ولو من بعض هذا ؟ اللهم إشهد .....

 

 

 

free web counter