نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمد ناجي

muhammednaji@yahoo.com

 

 

 

 

الجمعة 11 / 8 / 2006

 



وماذا بعد !؟


محمد ناجي

شاهدت وتابعت في تفجيرات سابقة ، كنت على بعد أمتار منها ، في أكثر من زمن ومدينة عراقية ، الطريقة التي يتعامل فيها الناس مع الحدث . وهي لا تتجاوز الصراخ والعويل وبيانات الاستنكار واجترار الأخبار والاشاعات ، وربما زاد عليها المسؤولون بإعلان منع التجول ، للأفراد أو للمركبات فقط ، ليغلق الناس محلاتهم ويجلسون في بيوتهم ، لمشاهدة الجزيرة أو هيفاء وهبي ونانسي عجرم ، ليخرجوا صباح اليوم التالي لممارسة أعمالهم وكأن شيئا لم يكن ... وهكذا حتى حدث ارهابي آخر ، ليتكرر هذا النمط السلوكي الذي تعود عليه الناس .
بعد واحد من هذه التفجيرات ، كتبت داعيا لتشكيل (لجان للدفاع الذاتي) أو (لجان شعبية لمناهضة الارهاب) ، في مقالة نشرت في صحيفة (المدى) بعددها المرقم 638 الصادر بتاريخ 6 نيسان 2006 . ولم تسمح لي الظروف بمتابعة تنفيذها وتحقيقها ، حيث غادرت العراق وأنتظر الأن عودتي بأسرع وقت . ولا أعرف كيفية تنفيذ الدعوة المماثلة التي أطلقها السيد عبد العزيز الحكيم ، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى ، قبل فترة .
واليوم ، بعد تفجير النجف ، وقبله ، لا أعتقد بأن للإستنكار والإدانة معنى ، فالكلمات لن تفعل شيئا ولن تأتي بجديد ، وهي تقف عاجزة وباهتة أمام الدم العراقي المقدس الذي تنتهك حرمته ويسفك يوميا بغزارة في طول البلاد وعرضها . وليس للعراقيين ، ضحايا الارهاب والحقد الأسود والعنف الأعمى ، غير التخلي عن سلبيتهم والمبادرة الى التحرك والعمل الواعي والمنظم ، دون انتظار اشارة من أحد . والأمر لم يعد بحاجة الى فطنة وجدل عقيم ، فقد سقطت ورقة التوت (المقاومة الشريفة) وبدا أصحابها عراة في وضح النهار وتحت شمس آب اللهاب ؛ فالمقاومة ليست بالسلاح فقط ، وهي على مر التاريخ ، موقف ومشروع حضاري وأخلاقي إنساني لا يملكه هؤلاء الارهابيون الظلاميون وطلاّب السلطة المتمرسون على القتل في تورا بورا ومؤسسات الطاغية المهزوم صدام ، والذين يستهدفون الجميع ، بدون تمييز ، ويقتلون من أجل القتل ؛ فلابد من حل ووقفة جادة أمام الأسئلة الراعفة التي تواجه الجميع :
- فماذا بعد ؟
- هل سيمر الحدث كغيره ، بانتظار تفجير آخر في النجف أو غيرها من مدن العراق ؟
- ألا توجد نهاية لهذه الدوامة ؟
- هل ننتظر ليأتي الحل من رامبو أو أبو زيد الهلالي ، أو ربما يتدلى بزنبيل من السماء ؟
- هل نسينا الآية الكريمة (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ؟
- وهل نسينا المثل القائل (ما حك ظهرك مثل ظفرك) ؟
- هل بقي أمل في صحوة ذاتية لأصحاب القرار ، النواطير النشامى ... ؟
- ألا يوجد خيار لعمل آخر غير بيان الاستنكار وفوضى الهتاف وتخريب الممتلكات العامة ؟
- ألا يمكن ولو لمجموعة واعية ونشطة ، مهما صغر عددها ، أن تقوم بعمل ما ، أضرابا أو اعتصاما سلمياّ داخل ضريح الامام علي (ع) مثلا ؟ لتحرك الشارع وتفرض ، نعم تفرض ، على السيد المالكي رئيس الوزراء أن لا يكتفي بغصن الزيتون بل يكون أكثر حزماً ، ويخرج من حالة التصريحات ، الى العمل ، التزاما بما طرحه في البرنامج السياسي للحكومة ، الذي حصل على موافقة كل الفعاليات السياسية ، والذي نص في الفقرة 4 : "نبذ العنف وإدانة منهج التكفير بشكل واضح وصريح ، والإرهاب بكل أشكاله ، والإصطفاف لمكافحته وتطبيق قوانين مكافحة الإرهاب بشكل فعال وعبر مؤسسات القضاء ومؤسسات الدولة ذات العلاقة ، وإيجاد كل الظروف الملائمة لترسيخ روح المحبة والتسامح بين أبناء الوطن مع إحترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان" . وأن يكون عند كلامه الذي صرح به في مجلس النواب وهو يقدم مبادرة المصالحة والحوار الوطني : "وان من يصر على العدوان والارهاب والقتل فسنمد له يدا تحمل موقفا قانونيا حازما حماية لوطننا وشعبنا من عبث المجرمين" ؟
الحدث الفاجعة ، بحد ذاته ، يفرض على السيد المالكي ، وهو المسؤول الأول في الحكومة ، أن يتحرك بخطوة ، فعلية ، في إتجاه ما ، فلماذا لا تكون هذه الخطوة بإتجاه تفعيل قانون مكافحة الارهاب ، الذي يجرّم كل من يقدم الدعم اللوجستي والاعلامي للارهابيين ، وإن دخل دار أبو سفيان ! أو تعلّق بأستار الكعبة ؟ أم إن هذا بحاجة لموافقة السيد زلماي خليلزاده ، لأن القانون يخل بالتوازن السياسي ويخرب جهود المصالحة والوحدة الوطنية ، ويعكر مزاج بعض دعائم الارهابيين التي تتواجد في مؤسسات الدولة ، كما يجلس بعضها في مقاعد مجلس النواب ؟
وهل ... ؟ ولماذا ... ؟ وكيف... ؟ الأسئلة كثيرة ، أتمنى ألاّ يأتي ، الجواب بعد خراب البصرة !

11/8/2006