| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

د. مهران موشيخ مهران

 

 

الأربعاء 31/10/ 2007

 

التهديدات التركية وقوانين النفط والغاز والاقاليم

د . مهران موشيخ

بداية نسجل تمنياتنا بان ينتهي التوتر القائم مع الجارة الشمالية تركيا بخصوص الحزب العمالي الكوردستاني بسلام وعبر الحوار دون سقوط ضحايا واراقة دماء زكية ...ان الواقع المرير الذي نعيشه في العراق يحتم على قادتنا بذل قصارى جهدهم وتوحيد مواقفهم والعمل سويا من اجل انقاذ شعبنا من مآسيه ومحنته الدموية وتوفير مستلزمات الحياة له ابتداء من الامن والاستقراروالطمانينة ، بدل الانشغال بمشاكل شعب متواجد خارج حدود دولتنا العراقية ، فالاقربون اولى بالمعروف

ان التوتر القائم حاليا اخذ يتصاعد في الاشهر الاخيرة ليصل الى عتبة التهديد بالاجتياح العسكري في ذات الوقت كان القادة والرموز البارزة في الحكومة المحاصصاتية منشغلة بامور تشكيل اقاليم الوسط والجنوب والبعض الاخر كان منشغلا بالتناغم مع مشروع بايدن لتقسيم العراق واخرين رحبوا ودافعوا عنه اكثر من المشرع بايدن نفسه !. وكالات الانباء الاجنبية كانت تركز في نشراتها استمرار الحشود العسكرية التركية على الحدود العراقية وخطورة الحالة الامنية التي قد تؤدي الى شن هجوم عسكري ورغم ذلك رئاسة المجلس السياسي للامن الوطني لم تتحرك ساكنا ولا رئاسة ثلاثة +1 وكذلك اربعة +1 لم ترتقي الى مستوى مهامها ومسئوليتها في هذا الظرف العصيب والخطير بالمبادرة الى عقد اجتماع لدراسة مستجدات الوضع على الحدود واتخاذ التدابير الاحترازية سياسيا ومحاولة احتواء الازمة قبل استفحالها . نحن نعتقد ان رئاسة الحكومة في المنطقة الخضراء مقصرة في عدم دعوة قادة جميع الكتل السياسية والاحزاب الوطنية بما فيها القوى التي هي خارج العملية السياسية الى اجتماع موسع لاجراء مشاورات واتخاذ القرارات الجماعية الصائبة لتفادي وقوع كارثة جديدة ... ترى اليس العراق هو لكل العراقيين ؟

من الصعوبة بمكان التكهن بما سينجم عن التهديدات التركية ميدانيا في حالة الاجتياح العسكري ، لكن اليقين هو سقوط الرهان على المحاصصة الطائفية والعرقية وهشاشة التحالفات والائتلافات الخارجة عن المشروع الوطني اذ نجدها قد تصدعت في اول امتحان ميداني .... ان توتر العلاقات مع الجارة تركيا قد كشف النقاب اكثر من ذي قبل وبوضوح الشمس فشل العملية السياسية في العراق وزيف كل ما يقال عن حكومة وحدة وطنية

في الوقت الذي وكالات الانباء العالمية تتحدث منذ اشهر على تحشدات الجيش التركي على حدودنا الشمالية وصل تعدادها الى مئة الف عسكري وتنقل انباء القصف المدفعي لمواقع حزب العمال الكوردستاني داخل الاراضي العراقية ومعاناة ابناء شعبنا المسالم من الفلاحين من عواقب هذا القصف المدفعي نجد ان الاطراف القيادية المتنفذة كانت ولا تزال منشغلة بامور اغتنام الثروة النفطية واقتسامها بين الطبقة النخبوية لاقطاب المحاصصة . المليارات ما انفكت تسرق من نفط البصرة والملايين من ابناء شعبنا في الجنوب تعاني من المجاعة ! والاف الشباب العراقيين الاكراد يهربون عبر الحدود نحو اقاصي اوروبا مغامرين بحياتهم بحثا عن عمل ومن اجل لقمة عيش ! . ان استمرار القصف وتصعيد لهجة الخطاب العسكري التركي مؤخرا .... تشعب وتعددية وتضارب الموقف الرسمي العراقي ....غياب سمة المركز في حكومتنا .... وهلامية هرم الدولة العراقية في التعامل مع مسالة بهذه الاهمية والخطورة قد افرز واقعا لا بد من الوقوف عنده وقرائته عراقيا وايجاد الحلول الصائبة التي تخدم اولا واخيرا مصلحة الشعب العراقي قاطبة دون تمييز او تفضيل :

اولا ... ان الخارطة الجيوسياسية للعراق وتاريخه الحضاري اثبتتا من جديد استحالة العيش في امان ووئام بمسميات قومية خارج اطار الشعب العراقي الواحد الموحد

ثانيا ... ان التفاوت الكبير في تصريحات المسئولين بين التحدي ثم التراجع ،،، ناهيك عن المواقف المتضاربة بين حكومة اقليم كوردستان والحكومة الاتحادية من الازمة وكذلك المواقف المتباينة والانتقادات المتبادلة بين القياديين البارزين في هرم الدولة العراقية كلها مؤشرات غياب مركزية الموقف الوطني الناجم عن غياب المشروع الوطني

ثالثا ... يحز في القلب الم مرير ونحن نتابع صمت حلفاء كتلة التحالف الكوردستاني وكذلك صمت الوجوه والقيادات الدينية البارزة من التحشدات العسكرية التركية وخطراجتياح الحدود وكان اقليم كوردستان هو عضو غريب في الجسد العراقي وليس احدى الرئتين التي نتنفس منها جميعا

رابعا ...ما يلفت الانتباه ايضا هو غياب التحرك الجماهيري العفوي او حتى المنظم للشارع العراقي ( العربي ) في الوقوف الى جانب شعبنا في اقليم كوردستان والتضامن معه في حين نجدها تخرج بمئات الالاف في مناسبات اخرى ، في الوقت الذي في خمسينات القرن الماضي كانت شوارع بغداد تعج بالمتظاهرين احتجاجا على العدوان الثلاثي على مصر

خامسا ... يبدو جليا ان التوتر على حدود العراق الشمالية ليست بمعزل عن ارهاصات مستقبل محافظة كركوك وكل ما يرتبط بها من معلقات قوانين النفط والغاز والاقاليم وتوزيع الثروات

سادسا ... ان الخروج من هذه الازمة ومن دوامة الفوضى السياسية والامنية والفساد الاداري والمالي والنفطي الشنيع يستوجب في نظرنا الى  :

ا) دفن مبدا المحاصصة الطائفية والغاء هذا المصطلح المشين من القاموس السياسي العراقي وتحقيق المصالحة الوطنية والحفاظ على العلم العراقي خفاقا شامخا وهو يعانق فضاء بلاد الرافدين باكمله

ب) الغاء المؤسسة التنفيذية الحالية للحكومة العراقية ( مجلس الوزراء ) ... صرح السيد المالكي مؤخرا من نيويورك وهو بضيافة الرئيس بوش من ان الحكومة تدير اعمالها بشكل اعتيادي رغم الثغرات المتمثلة بغياب نصف الوزراء ! ان هذا التصريح يؤكد احد شيئين لا ثالث لهما ... اما ان الوزراء وجودهم لا يغير شئ عن غيابهم { مع جل احترامنا لجميع الوزراء الغائبين منهم والحاضرين } او ان الوزارات مؤسسات هامدة يعجز اي وزير عن احيائها ، نقول هذا ونحن ننطلق من تقارير وزارة المالية وغيرها من ان نسبة تنفيذ الميزانية للوزارات تتراوح بين 1% الى 8% ونحن على اعتاب نهاية سنة تقويمية

ج) تعديل فقرات الدستور وغربلته من كل الافكار الغريبة والدخيلة على المجتمع العراقي وتحديدا التمييز والتفضيل على اساس قومي وديني وطائفي

د) رفض اي اجراء يهدف الى مغادرة المواطنين لديارهم من كركوك الى البصرة ومن العامرية الى سوق الشيوخ سواء كان ذلك بالاكراه او الارهاب او الاغراء ... انه عمل شنيع ووصمة عار على جبين كل من يريد ان يدرك بانه يعيش في اجواء الحضارة الانسانية للقرن الواحد والعشرين ، فالمواطنة عند البعض في العالم المتحضر ترتقي الى سمو القداسه

ه) التفرغ لتشريع قانون للنفط والغاز والذي من شانه صيانة وحدة العراق وتكريس سيادته وضمآن عائدية الثروة النفطية للشعب العراقي بجميع ابنائه بعيدا عن المسميات الطائفية او البوصلة الجغرافية .ان انجاز قانون النفط والغاز بروح عراقية مكتوبة بقلم عراقي من قبل خبراء ينبض قلبهم للعراق كفيل بنجاح كل ما يرتبط مع هذا القانون من معلقات تصدع العملية السياسية الجارية في العراق بدء من كركوك مرورا بقانون المحافظات والاقاليم وانتهاء بقانون توزيع الثروات . ان من شان هذه الاجراءات المساهمة بشكل كبير في انهاء بؤرة التوتر على حدودنا الشمالية مع تركيا

و) البت جديا في اعادة اعمار العراق والتخطيط لاستعادة السيادة وانهاء تواجد القوات الاجنبية

اننا مقتنعون من ان النقاط الواردة اعلاه تشكل البنية التحتية للعملية السياسية في الخروج من ازمة التهديدات التركية والعقدة العراقية عموما ، فبدون ارساء قواعد هذه البنية التحتية تبقى الوعود بتحسين الاداء الحكومي ووزراء تكنوقراط وتحالفات وائتلافات جديدة وما الى ذلك كلها اشبه بـ ... الحرث في الماء .


النمسا في 31 \ 10 \ 2007
 


 

Counters