| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مزاحم مبارك ماالله

 

 

 

الأثنين 5/10/ 2009



في يوم الطبيب العراقي
ما له... وما عليه ؟

د. مزاحم مبارك مال الله

بالصدفة البحتة عرفت بيوم الطبيب العراقي من خلال لافتة كانت مثبتة على جدار أحدى المؤسسات الصحية رغم أني طبيب وأعمل في أحدى مؤسسات وزارة الصحة ،وحينها أجريت أتصالاتي مع بعض الزملاء الأعلاميين في الوزارة وعرفت أن هذا أول أحتفال من نوعه تقيمه الوزارة حيث تم الأتفاق على أن يكون يوم 23/8 يوم الطبيب العراقي ،وقد أقامت وزارة الصحة حفلاً مركزياً حضره السيد الوزير.
المهمة الأنسانية التي يضطلع بها الطبيب حقيقة ساطعة لاينكرها أي منصف، لكن الطبيب العراقي كان وسيبقى متميزاً لأسباب نذكرها ونذّكر بها:ـ
1. أنه من هذا المجتمع وقد عانى الكثير في كل المراحل التي مرت على الشعب العراقي، فعدد غير قليل من الأطباء كانوا وما زالوا في صلب الحركة الوطنية والديموقراطية.
2. وقد تعرض الطبيب العراقي لضغوط النظام الدكتاتوري الذي حاول مسخ أنسانيته في تنفيذ عدوانية صدام الشرسة تجاه الأنسان بحمله على مزاولة أعمال منافية للأخلاق والأنسانية وشرف المهنة.
3. يكفي أن نذّكر بأن نظام صدام الدموي جعل خدمة الطبيب في العسكرية خمس سنوات،ونذّكر كذلك بالأهانات اليومية المتكررة التي كان الطبيب العراقي يتعرض لها من قبل المتنفذين في فرق وشُعب تنظيمات البعث.
4. وفي أنتفاضة 1991 حينما خوت مؤسسات الدولة من منتسبيها ألاّ المستشفيات والمراكز الصحية فقد وقف الطبيب العراقي يضمد جراح أبناء شعبه المنتفض.
5. وطوال سنوات الحصار بقي يكابد آلام القهر والعوز كجزء من المشهد أنئذ والأذلال الوظيفي والمرتب المهين والعزلة الدولية والأبعاد القسري عن مستجدات العلم والتكنولوجيا الطبية.
6. فبدأت هجرة العقول الطبية العراقية الأولى جراء السياسات الرعناء لنظام أرعن.
7. في مرحلة الطغيان الصدامي وأخضاع النقابات ومنها نقابة الأطباء،رفضت الغالبية من الأطباء الأذعان لمشيئة النظام.
8. في مرحلة أحتضار النظام وبداية الأحتلال وبدأ العمليات العسكرية بقى الطبيب العراقي وفياً لأبناء بلده ووفياً لمهنته وقَسَمه ولم يبارح مأوى انقاذ ضحايا العدوان والأحتلال.
9. وهذا ما فعله تماماً أثناء العمليات الأرهابية التي قام بها أعداء الوطن والشعب حيث لم يفرّق الطبيب بين العراقيين فالكل أمامه جرحى بحاجة الى من يسارع لأنقاذ حيواتهم رغم الأمكانيات المحدودة من مواد ومستلزمات طبية.
10 .تعرض عدد غير قليل من الأطباء الى أعمال الخطف والقتل والتسليب بشكل منظم من قبل قوى معلومة ومعروفة المقاصد في أستهداف شرائح البُنى التحتية العلمية والكفاءات وعناصر البناء والتقدم.
11. الحكومة بعد زوال النظام أثبتت عجزها في حماية المجتمع والأطباء لذا فقد أضطر الكثير من الأطباء ولغرض حماية أنفسهم وعوائلهم الى الهجرة الجماعية الثانية بحثاً عن ملاذ آمن فمنهم من غادر الى كوردستان ومنهم من سافر الى خارج الحدود فتشتتوا بين دول العالم مما أدى الى ولادة جملة من الحقائق السلبية منها خسارة الوطن لكفاءات علمية صعبة التعويض،النقص الحاد في الملاكات الطبية العاملة في المؤسسات الصحية وما ترتب على ذلك من تراجع ملموس بمستوى أداء الخدمات الطبية والصحية والتي تعاني هي أصلاً من وضع دون المستوى ،وكذلك التنافس الأستحواذي في العمل والمكان والموقع بين زملاء المهنة بالمهجر.
12.لقد أدت هجرة الأطباء(وخصوصاً الأساتذة والذين شهدت وتشهد المحافل الدولية بكفائتهم وحنكتهم العلمية والمهنية) الى حصول فراغ كبير وواسع في الساحة العلمية البحثية والتدريسية وأدت بشكل مباشر الى هبوط مستوى طلبة كليات الطب وبالنتيجة (تخرج) طلبة من تلك الكليات ذوي مستوى علمي أمتاز بالضعف البيّن وسيستمر هذا الواقع ما لم توضع الحلول الناجعة والعملية.
13.واذا تركنا موضوعة مستوى المتخرجين من كليات الطب العراقية في وضعها المأساوي، فالسؤال الذي يطرح نفسه : من يُدرّب ويعلّم هؤلاء حديثي التخرج في واقع يعاني من نقص حاد وشديد بعدد الأطباء الأختصاصيين ذوي الخبرة والتجربة في المستشفيات، علماً أن فترة الأقامة في المستشفيات والبالغة سنتين تُعدّ جزء من متطلبات تهيأة المتخرج كي يكون طبيباً ؟
14. ومن المهم جداً أن يتسائل الأطباء والناس عن مصير جمعية الأطباء العراقيين والتي كانت منبراً علمياً عتيداً أصدرت الأصدارات العلمية التي أشادت بها مراكز البحث الطبي العالمي وكانت غنية بالبحوث الطبية للباحثين العراقيين.
15. في 25/6/2008 عُقد في بغداد المؤتمر الأول لحماية الأطباء حضره وزير الصحة وعدد من الأطباء المقيمين في الخارج الى جانب عدد من أطباء الداخل وممثلي الوزارات ونقابة الأطباء العراقية أضافة الى أطباء في مجلس النواب العراقي وخرج المؤتمر(الأول)بجملة من قرارات وتوصيات بقيت حبراً على ورق.
16.وقد جرت محاولات عديدة لأعادة أستقدام الأطباء وتحديداً الأساتذة منهم وصدرت العديد من القرارات التي تشجع المهجرين والمهاجرين من العودة ولكن الأستجابة كانت ضعيفة جداً(الأحصائيات تشير الى هجرة 6 - 7 آلاف طبيبة وطبيب هاجروا خلال الأعوام 2006 و2007 )والسبب هو أستمرار عدم استقرار الوضع الأمني.
17.ورغم التحسن الملموس بمرتبات الأطباء الاّ أنه لم يرتقِ الى طموحاتهم الحقيقية في توفير وسائل الأمن والأمان أضافة الى أن الأطباء هم أبناء هذه الأرض الخيّرة وأحاسيسهم ومشاعرهم لاتقل عن أن يروا أبناء وطنهم ينعمون بالصحة مع أمتلاك ناصية كل الوسائل الطبية والعلاجية المتقدمة في العالم خدمة للصحة العامة. أن تحسن مرتبات الأطباء لم يغنيهم عن العمل على تحسين وضعهم الأكاديمي والمهني.
نحن الأطباء لانريد أن يكون يوم الطبيب العراقي رقماً في روزنامة المناسبات، او أنه مناسبة أستعراض اداري فوقي لغرض الدعاية الأعلامية، فرغم كونها مبادرة تستحق التثمين ألاّ أن عيون الأطباء وهم يأملون أستقرار الأوضاع الأمنية في البلاد والتي لايمكن لها أن تتحقق ألاّ بنبذ الفكر الطائفي التمييزي والمحاصصاتي وتكاتف وتعاضد كافة القوى الخيّرة مع تعزيز مسيرة الأصلاح السياسي وبناء الخيمة العراقية الكبرى الخيمة الوطنية لتلم كل العراقيين الذين يحبون الشعب والوطن، فهي ترنو الى:ـ
1. القيام بالحملة الوطنية لحماية الأطباء وأتخاذ الخطوات العملية بأتجاه توفير كافة مستلزمات هذه الحملة.
2. تعزيز المكانة الأجتماعية من خلال أستصدار قرارات تدعم هذا التوجه.
3. أعادة النظر بكل أتجاهات الأستحواذ على المواقع الأدارية في وزارة الصحة والمؤسسات الكبيرة والمهمة التابعة والتي بُنيت وفق أسس طائفية بحته وللأسف أعدوا الصحة جزء من محاصصتهم ضيقة الأفق.
4. تشكيل هيأة وطنية نزيهة مشتركة مع وزارة الصحة تعمل على أعادة أعمار المؤسسات الصحية وبناء الجديد منها مع ما يتناسب مع التوسع السكاني والظروف البيئية التي تفرض مضاعفة الجهود وهذا ما يُساعد على ان توفر ظروف عمل أفضل للطبيب أضافة الى التخفيف عن كاهله.
5. أعادة تشكيل نقابة الأطباء على أساس تمكين كافة الأتجاهات من التمثيل فيها بعيداً عن الهيمنة والتفرد لصالح فئة معينة او تشكيل دون أخر أو حزب دون غيره.
6. وضع خطة علمية مدروسة وبالأستعانة من الخبرات العالمية من أجل النهوض بالمستوى العلمي للأطباء ووفق آلية تحدد فيما بعد.
7. تأسيس المجلس الأستشاري الطبي العراقي على أن يرتبط بمجلس الوزراء ومهمته المساهمة المباشرة في رسم وتنفيذ الخطط الصحية بعيدة وقريبة المدى للبلد.
8. العمل بجدية تامة من أجل أعادة مَن يمكن أعادتهم من الأطباء الى أرض الوطن واستصدار كافة التعليمات التي تسهّل تحقيق هذه الغاية مع توفير ظروف عمل افضل لهم.
أن توفير كل هذه المعطيات ستجعل الطبيب العراقي في مقدمة المعطائين كما كان وسيبقى وهو حينما يساهم بشكل مباشر في خدمة صحة المجتمع وتقدمها ورقيها أنما يدخل بشكل غير مباشر بالقيمة الفعلية للثروة الوطنية ومن هنا فالطبيب العراقي مطالب بتقديم كل ما يمتلك من طاقات أنسانية وأن يأخذ على محمل الجد مهمة الأرتقاء بالوعي الصحي للمواطن كجزء من المهمة الوطنية التي تنتظر جهوده الخلاقة.
واخيراً ونحن نبارك أطباء العراق يومهم 23/8/2009 :

نتسائل لماذا تم أختيار 23/8/2009 ؟



 



 

free web counter