| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مزاحم مبارك ماالله

 

 

 

                                                                                  الأثنين 19 / 8 / 2013



ماذا بعد الجلطة الدماغية ؟

د. مزاحم مبارك مال الله

أنسداد أي وعاء دموي في الشبكة الدموية الدماغية أو نزف من وعاء مهما كان دقيقاً، يسبب ما يعرف بالجلطة الدماغية وقد ناقشنا هذا الموضع في أعداد سابقة من الجريدة، وكل جلطة دماغية هي حالة بحد ذاتها ،بمعنى ليس كل الجلطات الدماغية متطابقة، والأسباب في ذلك لها صلة بـ :

1.    موقع الوعاء الذي يتعرض للأنسداد.

2.    حجم الوعاء الدموي.

3.    الأجزاء الدماغية التي يغذيها الوعاء.

4.    مقدار الأنسداد.

5.    عدد التجلطات وطبيعتها،هل هي جلطة واحدة أم متعددة، هل هي متتالية أم متباعدة.

6.    الحالة الصحية العامة للمصاب نفسه.

والشئ الرئيس الذي يهمنا، هو ماذا ستخلف الجلطة من أثر في الجسم ؟علماً أن هذا يتحدد بالجزء الدماغي المتضرر.

وحينما تحصل الجلطة وتترك أثرها فأن الحادث قد حدث وعلينا أن نتعامل مع الحالة وفق مبدأين:

الأول ـ تحديد موقع الأصابة.

الثاني ـ كيف نسعف المصاب وكيف نبدأ بمرحلة العلاج؟

موقع الأصابة يمكن تحديده بواسطة الأجهزة الحديثة، وبأمكاننا معرفة أين حصل الأنسداد أو النزف، وبالتالي سيساعد ذلك كأحد وسائل العلاج(فعلاج الأنسداد ربما يكون بأستخدام مميعات الدم ،في حين أن النزف أذا أستخدمت له مميعات الدم فأنه سيزداد وبالتالي فأن تشخيص الحالة هو الخطوة الأولى  نحو العلاج). أن موقع الأنسداد أو النزف يؤثر على جزء الدماغ المسؤول عن أحد أو مجموعة الأفعال الحيوية في الجسم كالحركة أو الحس في هذا الجزء أو ذاك.

نتيجة الدراسات التي تابع العلماء من خلالها ولفترات طويلة ظهر لهم أن نسبة 85% من الحالات هي ناتجة عن أنسداد مجرى الدم في احد اوعية الدماغ فتتلف الخلايا بعد أنقطاع الدم الذي يحمل الأوكسجين والمواد الغذائية لتلك الخلايا ،وان نسبة 15% تؤدي الى نفس النتيجة ولكن جراء النزف الدموي بسبب أنفجار ذلك الوعاء والذي غالباً مايكون سببه أرتفاع ضغط الدم الحاد(وهذا ما نود التأكيد علية، حيث أن أغلب المصابين بأرتفاع ضغط الدم يعتقدون أن الصداع هو الدليل على أرتفاع الضغط لديهم وهذه من المفاهيم الشائعة الخاطئة حيث أن أرتفاع الضغط يؤدي الى هذه النتيجة الصعبة).

وحينما تحصل الجلطة الدماغية فأنها وتبعاً لما ورد أعلاه فأنها تترك الأثار التالية(أثر واحد أو أكثر):

·       فقدان الوعي(التام أو الجزئي أو وعي مشوش).

·       فقدان القدرة على الكلام أو فقدان القدرة على الوضوح بالكلام ،فقدان البصر في أحدى أو كلتا العين، فقدان حاسة الشم أو التذوق.

·       صعوبة في البلع

·       تأثر العصب الوجهي وأنحراف عضلات الوجه بأحد الأتجاهين(يمين أو يسار).

·       شلل طرف واحد من الأطراف الأربعة أو أكثر(شلل نصفي أو رباعي).

·       فقدان السيطرة على الأخراج والتبول.

ملاحظة:

1.هذه النتائج الناجمة عن الجلطة في أغلب الأحيان تكون تأثيراتها حركية حسية وليست حركية فقط، بمعني فقدان التحسس في هذا الجزء أو ذاك.

2.في بعض الحالات تودي الجلطة وبسبب من شدتها أو بسبب تأثر أجزاء مهمتها الأبقاء على الحياة كالقلب أو الرئتين أو المسؤولة عن الجهاز التنفسي العلوي، فتصاب تلك الأجزء بالشلل ومن ثم موت المصاب مباشرة.

خطوات نحو العلاج:

لأنقاذ المصاب ولتخفيف نتائج أصابته فيجب أن يكون العلاج وفق مبدأ أنقاذ الحياة، أي بمعنى السرعة في تطبيق الاجراءات سواء بالتشخيص او بتحديد موقع الأصابة أو بأستخدام العلاجات ،حيث ظهر أن السرعة بالعلاج تساعد على منع حصول تجلطات جديدة وكذلك في أيقاف تدهور الحالة أو على الأقل التخفيف من نتائجها التي ذكرناها أعلاه، ومثال ذلك فأن أستخدام مميعات الخثرة الدموية يجب أن تكون خلال أربع ساعات من بداية الأصابة.

ويبدو من المفيد جداً أن يتناول الأنسان لبعض أنواع الأدوية التي تساعد على منع أو التقليل من أحتمالية الأصابة بالأنسداد الدموي كعلاج الأسبرين وهو من الأخطاء الشائعة أن يُطلق عليه ـ أسبرين أطفال ذو عيار 100ملعم ـ وذلك لأن علمياً ثبت خطل فكرة أعطاء الأطفال مادة الأسبرين دون سن الـ 16 عاماً ،ولذا فقد أنتجت المختبرات العلمية العالمية عيارين من الأسبرين وهما 75 و81 ملغم.

وكذلك ثبت أيضاً أن تنظيم الضغط الدموي يساعد كثيراً في منع حصول النزف الدماغي.

وفي دراسة أوربية حديثة ظهر أن نسبة 70% من الخثرات الدموية سببها تضييق الشريانين السباتيين(على جانبي الرقبة بأتجاه الرأس)، وأن هذا التضييق يمكن معالجته بتداخل جراحي تحت التخدير الموضعي.

أن تنظيم ضربات القلب وعدم تسارعها يمنع الى حدٍ ما في حصول الخثرات الدموية.

وبعد كل الأجراءات الأولية والتي يجب أن تكون عاجلة جداً وعبور المرحلة الحرجة، تبقى الخطوة المهمة الثانية وهي كيف نعالج ما آلت أليه الجلطة وكيفية منع حدوثها مرة أو مرات أُخر.

تفصيلات العلاج:

قلنا كلما بدأت الأجراءات العلاجية أسرع كلما كانت التأثيرات الناتجة أقل نوعاً وكماً، ولأجل التعرف السريع على أن ما حصل لدى المريض سببه جلطة دماغية على المسعف أن يقوم بما يلي:ـ

1.    أن يطلب من المصاب أن يبتسم.

2.    يطلب منه أن يرفع كلتا يديه.

3.    ويسأله عن أسمه.

فأذا ما وجد المسعف صعوبة يبديها المصاب في تنفيذ أي من الأمور الثلاثة أعلاه(وهذا يعني حصول شئٍ ما في المراكز الدماغية المسؤولة عن الحس والحركة والذاكرة والأنفعالات) فعليه أن ينقل المصاب الى المستشفى فوراً.

أن ما يحصل جراء النزف الدماغي أو أنقطاع الدم عن أي جزء من أجزاء الدماغ أنما يعني نقص في حصول تلك الأجزاء على الأوكسجين وبالتالي حصول الأحتقان والأستسقاء(الوذمة الدماغية ـ أي تجمع السوائل، وهو أصعب حالات الجلطة) مما يسبب تلف أو تعطيل خلايا الدماغ ،وكلما عادت التروية لذلك الجزء المتضرر أسرع ،كلما تكون نتائج وفرص الشفاء أكبر،حيث وفي الكثير من الأحيان تكون الجلطات الدماغية عابرة وتتلاشى خلال 24 ساعة وبعضها تستمر الى أكثر من ذلك ينتج عنها الأعاقات المختلفة.

ان الجلطات الدماغية عادة تصيب الأعمار المتوسطة والمتقدمة وغالباً ما تحصل أثناء النوم أو العمل.

بعد تحديد التشخيص وموقع الجلطة ،يمكن أتباع مايلي:ـ

1.    أستخدام أدوية ضد الصرع في حالة حصول نوبات صرع ناتجة عن الجلطة(كون الجلطة تؤثر على كهربائية الدماغ).

2.    ملينات لمنع الأمساك الذي يرفع الضغط في الدماغ.

3.    مسكنات الصداع.

4.    علاج يخفف الوذمة الدماغية وهي في العادة مركبات الأستيرويد.

5.    في حالة عدم السيطرة على التبول فيستخدم (كاثيترـ أنبوب ـ البول)،وهنا يجب الأنتباه الى تلافي حصول ألتهابات المسالك البولية.

6.    في حالة عدم التحكم بالبراز فيجب تحديد نوعية الطعام، مع الأهتمام بنظافة جسم المصاب على مدار الساعة.

7.    في حالة صعوبة البلع فيستخدم أنبوب المعدة عن طريق الأنف لدفع السوائل والمواد الغذائية.

8.    عدم أهمال صحة فم وأسنان المصاب في جميع الأحوال.

9.    رعاية نظافة الجسم بشكل عام وتحميمه.

الشلل النصفي أو الرباعي ،الجزئي أو الكلي، هو التأثير الأكثر شيوعاً الذي تتركه الجلطات الدماغية ،بمعنى يجب المباشرة بالعلاج الطبيعي وأعادة اتأهيل هذا الجزء المصاب أو ذاك، والبرنامج الخاص بأعادة التأهيل ينفذه أختصاصيو الأعصاب، التأهيل الطبي والمعالج الطبيعي.

أن ما حصل بسب الجلطة هو قطع في ذهاب واياب الأيعازات من والى الدماغ والطرف المصاب مما يعني أن أعادة التأهيل هو محاولة أعادة وظيفة الطرف الى حالتها الطبيعية ومنعاً لضمور العضلات التي تحركه، ويبدو من الأهمية بمكان شرح الموضوع بالكامل لذوي المصاب لأنهم سيكونون في تماس مباشر مع الرحلة العلاجية دون أهمال الجانب النفسي الذي يعاني منه والذي يلعب دوراً بارزاً في شفائه أو على الأقل الأقتراب من الشفاء، وبناءً على ذلك ،فمبادئ العلاج الطبيعي تتحدد بـ:ـ

·       أن يبدأ منذ الأيام الأولى وحيثما يسمح بذلك وتبعاً لحالة المريض.

·       تحريك كل مفاصل الجزء المصاب، الكبيرة والصغيرة.

·       عدم ترك المريض بالأستلقاء في الفراش لفترات طويلة حتى لو كان يعاني من الدوار.

·       العمل على وضع المريض في حالة الوقوف لتحفيز التوازن.

·       في حالة هبوط القدم يُستخدم داعم القدم.

·       أذا أصيب الكتف جراء الجلطة فيُنصح بأستخدام حاملة الكتف على الأقل في الفترات الأولى من الأصابة.

·       العمل وبصبر على تحفيز المريض بأستخدام اطرافه خصوصاً العلوية منها في تناول الطعام والشراب.

·       من الضروري جداً تحاشي حالة تيبس أو شد المفاصل والتي غالباً ما تبدأ بعد الأسبوع الثالث من حصول الجلطة، وذلك بأستخدام كافة الحركات وبواسطة مساعدات العلاج الطبيعي كالكرسي الرباعي والحجلة(وسبرنك) اليد وغيرها.

ملاحظات مهمة جداً:

اولاً ـ التحسن عادة يبدأ بالأطراف السفلى قبل العليا.

ثانياً ـ 80% من التحسن يحصل خلال الأشهر الثلاثة الأولى، وما بعدها يجري بشكل بطيئ وتدريجي.

ثالثاًـ تحاشي حصول قرحة الفراش: وهي من الحالات الشائعة جداً لدى المصابين بالشلل الجزئي أو الكلي، النصفي أو الرباعي ،وهي تنتج عن عدم وصول الدم الى الأجزاء المشلولة بسبب الضغط على مجرى الدم حيث لا يحس المريض بذلك جراء النوم على جانبٍ ما ،فيقطع وصول الدم، أنقطاع الدم يسبب موت النسيج وبالتالي تفسخه ،فينسلخ الجلد(وهو العضو الحافظ لكل الجسم) حيث يتعرض النسيج الى الأحتكاك والتلوث المستمر،وأينما وجدت البروزات العظمية ،فأننا نجد التقرحات، وهذه البروزات تشمل ،عظم القحف خلف الرأس، في منطقة الفقرات العصعصية في أسفل الظهر، كعبَي القدمين ،جانبَي الحوض ،مفصلي المرفقين.

القرحة تبدأ بأحمرار المكان المصاب ومن ثم تآكل النسيج، أن أغلب المصابين يعانون ،بل حياتهم تتهدد جراء قرحة الفراش أكثر من الجلطة ذاتها.

ولتحاشي حصولها فيجب أتباع ما يلي:ـ

1.    الأهتمام بنظافة جسم المصاب يومياً.

2.    تقليبه بأستمرار وعدم تركه فترة طويلة على جهة واحدة.

3.    وضع كميات من القطن تحت البروزات العظمية اعلاه لمنع(جهد الأمكان) أحتكاك المفصل بالفراش.

4.     أستخدام البودر مع التدليك للبروزات العظمية.

5.    في حالة حصول القرحة فهذا يتطلب أستشارة الطبيب المعني(وهو الجراح التجميلي)، والذي سيبدأ برحلة علاج قد تطول.

وأخيراً فلدى بعض المصابين يحصل تغير بيّن في سلوكيته ومزاجه وهذا ناجم(هنا الطبيب المختص هو الذي يحدد) ،أما جراء الجلطة نفسها حينما تصيب جزء الدماغ المسؤول عن المزاج والسلوك، وبذلك يستدعي أعطاء بعض الأدوية، أو بسبب الحالة النفسية للمصاب والذي أصبح يشعر أنه مقعد أو عاجز بالأكراه ،فينعكس ذلك الشعور على شكل توتر،او بمزاج مضطرب وبعصبية غير معهودة، مما يستوجب تعاون ذويه بالأضافة الى معالج نفسي(أن تطلب الأمر ذك).

 

 

free web counter