| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مزاحم مبارك ماالله

 

 

 

                                                                                     الخميس 17/1/ 2013



الرفيق رائد فهمي للشرارة:

القوى المتنفذة ليست لها مصلحة حقيقية في الخلاص من نظام المحاصصة

حاوره : د. مزاحم مبارك مال الله  

تتوالى الكثير من الاحداث في المشهد السياسي العراقي والتي يكون دوماً للحزب الشيوعي العراقي رأي ورؤى تجاهها ،وهناك العديد من العناوين التي يمكن تسليط الضوء عليها ،ولأجل أستجلاء هذا الرأي ألتقت الشرارة الرفيق رائد فهمي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي حيث توجهنا أليه بالسؤال:ـ  

الشرارة : شارك العراقيون في السنوات الماضية بالأنتخابات التي يمارسونها لأول مرة بعد زوال النظام الصدامي البائد ،وفي نيسان القادم يتأملون أجراء أنتخابات مجالس المحافظات ،كيف ستكون وجهة الحزب الشيوعي العراقي في هذه الانتخابات؟

- في ضوء الاستحقاق الانتخابي نحن نتطلع وكخطوة أولى الى أن تجري الانتخابات وفق قانون عادل ولأجل تحقيق ذلك فالحزب ساهم مع العديد من القوى والعناصر الديمقراطية والوطنية وكذلك منظمات مجتمع مدني أضافة الى دعم عدد من النواب لشن حملة من أجل تعديل قانون الانتخابات بشكل ينسجم مع قرار المحكمة الاتحادية الذي اعتبر القانون غير عادل يسرق صوت المواطن مما دفعها الى اعتبار القانون مخالفاً للدستور والعدالة وان تظافر كل هذه الجهود حقق نجاحاً بأصدار قرار من المحكمة منسجم مع قرارها الاول الذي اعتبر الفقرة 13 من قانون الانتخابات غير عادلة وطالبت مجلس النواب بتعديله وتم تعديله مؤخراً بوجهة نعتبرها تشكل خطوة ايجابية وان كانت لاتحقق الهدف الذي كنا وغيرنا نسعى من اجله وهو اعتماد باقي الاصوات. هذه أول خطوة، زمن الجانب الاخر نسعى الى ان تكون انتخابات نزيهة تخلو من مظاهر استخدام المال السياسي أو المال العام أو الضغط على الناخب أو صرف انتباهه عن المعايير الحقيقية وشراء الاصوات والذمم وغيرها من الاجراءات والمخالفات أعتماداً على الدور الذي سيلعبه المراقبون أو من خلال اي اجراء لمنع التجاوزات هذا من الناحية الادارية والتنفيذية اما من الناحية السياسية فالانتخابات تعد اول اختبار مهم للرأي العام ،للمزاج الشعبي العام ،لحالة الحراك السياسي الذي شهدنا الكثير من معالمه ،ربما سيجسد نفسه خلال هذه الانتخابات ،الفترة السابقة شهدت تعمق الازمة ليس سياسياً وحسب وانما شملت كل مناحي الحياة وكادت ان تكون ازمة عامة ، ورغم محاولات الحزب في التنبيه الى الازمة السياسية وتحديد مظاهرها والدعوة لتلافيها عبر العديد من المقترحات والمبادرات كالدعوة الى الانتخابات المبكرة والدعوة الى عقد المؤتمر الوطني العام وتعزيز الحوارات وهي مبادرات لقيت صدىً لكن الصراعات المتوترة ووجهات النظر الضيقة والمصالح الانانية وعدم الابتعاد عن منطق المحاصصة ادى الى عدم وصول جميع مقترحات الحزب الى حيز التعامل معها بجدية رغم تبنيها من اعلى المستويات بما فيها رئيس الجمهورية والنتيجة ان الواقع القى بظلاله على المواطن وهو الضحية الاولى ،نعتقد ان هذه الصورة ستنعكس في الانتخابات القادمة ولاحظنا كأتجاهات اولية تشكيل القوائم الانتخابية والائتلافات وهي تمثل اصطفافات جديدة بل هناك اعادة رسم معالم معينة في الخارطة الانتخابية ،ومن ناحيتنا كحزب ننطلق من نفس الوجهة التي حددها المؤتمر الوطني التاسع واكدنا عليها في اجتماع اللجنة المركزية في تشرين اول الماضي اننا ازاء ازمة عميقة اسها الرئيس المحاصصة الطائفية والاثنية وتغيير هذا النظام السياسي القائم على مبدأ المحاصصة يتطلب تغيير المعادلات الاساسية فهناك مؤشرات وعناصر تشير الى ان القوى المتنفذة ليست لها مصلحة حقيقية في الخلاص من نظام المحاصصة ،لذا فان المجتمع بحاجة الى معادلة جديدة وفي قلبها ينبغي ان تكون القوى التي لها مصلحة في الخروج من نظام المحاصصة ولها مصلحة في التطور الديمقراطي بشقيه السياسي والمجتمعي، ان يبرز ويتنامى دورها وهذا ما اعلناه في وجهتنا في التيار الديمقراطي وما اكدناه في ان خوض الانتخابات يتطلب ائتلافات واصطفافات واسعة واسميناها واطلقنا عليها ائتلافات ذات طابع مدني ديمقراطي واسع وضمن هذه الوجهة تحرك الحزب بكل المحافظات من اجل تشكيل هذه الائتلافات وقد تحققت فعلاً عدا اقليم كردستان ،لقد شكلنا ائتلافات واسعة اوسع من اي ائتلافات دخلها الحزب سابقاً ونعتقد انها خطوة تبشر بامكانيات جديدة في الاستحقاقات الانتخابية وستعمل من خلال التحضير على اجتذاب اوساط اخرى ضمن هذا التحالف المدني الديمقراطي الواسع.

الشرارة : المواطن العراقي عانى ويعاني من حالة الأحباط بسبب أداء الكتل المتنفذة، هل تعتقدون أن ما آلت اليه الانتخابات البرلمانية ستدفعه صوب العزوف عن المشاركة بهذه الانتخابات؟

- فعلاً احد ردود فعل المواطنين هي حالة الاحباط وخصوصاً عدم وفاء الكتل المتنفذة ونوابها البرلمانيين وممثليها في مجالس المحافظات بالوعود التي اطلقوها وادائهم السيئ ناهيك عن الفساد وتردي الخدمات كافة في جميع المحافظات وبالتالي يتسائل الناس عن جدوى المشاركة في الانتخابات اذا كانت الكتل المتنفذة وبواسطة ما تمتلكه من سلطة وما تستخدمه من وسائل تشويه الوعي ستعيد نفس الكرّة؟ لذلك لا نستبعد من ينادي بعدم المشاركة ولكنه رأي غير سليم فبدلاً من معاقبة الذين لم يحترمو الثقة التي اولاها لهم الناخبون تراهم يعاقبون الناخبين انفسهم لأن المواطن ينبغي ان يدرك ان صوته قوّة وسلاح سياسي مهم ومكسب من مكاسب سقوط الدكتاتورية لذا لا يجوز التفريط به ،واذا كان في الماضي لم يستثمر بشكل مطلوب لانه خدع أو صدّق الوعود اضافة الى كل الوسائل اللا مشروعة التي اشرنا اليها ،أي أن كل الكتل المتنفذة لم تكن صادقة مع الناخب فالمواطن يشعر بأن هؤلاء ليسوا اهلاً للثقة أو انه يشعر بالحاجة الى التغيير، والمواطن يستطيع الان ان يميز ويمنح صوته من اجل هذا التغيير ،يمنح صوته لمن يتوسم فيه الثقة والجدارة بعيداً عن الاعتبارات الفئوية الضيقة التي قد تلجأ اليها بعض الكتل ،ما يتطلب من القوى الديمقراطية بذل المزيد من الجهد في توعية الناخب وخصوصاً من اجل المشاركة في الأنتخابات خصوصاً ان قانون الانتخابات الان اكثر انصافاً وهذا ما يؤمن ذهاب صوت الناخب الى الجهة التي ينتخبها ،أضافة الى ان على القوى المدنية والديمقراطية ان تقدم برامج ملموسة تعبر عن واقع المحافظات وتشخص المشاكل والحلول ،والحزب بكل تأكيد سيدعم كل هذه الجهود في اطار الائتلافات التي حققها الأن. نحن ننظر بتفاؤل اكثر عن امكانية الناخب في أعطاء صوته بدراية افضل وبوعي اكبر من السابق واصبح المواطن اكثر تمييزاً  للقوائم وهذه القناعة متأتية مما شهدناه في الاشهر الماضية من حراك مجتمعي في عموم البلد ،هناك تذمر واضح ،وتشخيص واضح للمسؤولين المتنفذين على الصعيد المحلي وعلى الصعيد الاتحادي وهذا كان واضحاً حتى على موقف المرجعيات الدينية والرموز الاجتماعية.   

الشرارة : كيف تقيمون دور التيار الديمقراطي وهو يضع نفسه على سكة الصراعات السياسية ؟

- التيار الديمقراطي بشكله السياسي المؤسسي يعتبر حديث العهد رغم جذوره العميقة ،لذا فهذه الانتخابات ستكون اول امتحان يختبر فيه ويتعرف من خلالها على قوة تأثيره وتأثير خطابه ومقدار تقبل المواطنين لطروحاته وبرامجه ولشخصياته، فعلى مدى السنتين الماضيتين قطع التيار أشواطاً مهمة واصبح الان عنصراً سياسياً معروفاً ضمن اللوحة السياسية ،سابقاً كان غائباً، حضوره اليوم واضح في كل المحافظات رغم التفاوت وله انشطة متعددة.

الشرارة : اين تمتد حدود التيار الديمقراطي الان ؟

- التيار هو حامل للمشروع الوطني الديمقراطي لأنه يدعو الى انشاء دولة مدنية ديمقراطية تعتمد المؤسسات الدستورية والقانون ومبدأ الكفاءة والنزاهة  بعيداً عن المحاصصة التي اشرنا اليها ،دولة تحترم استقلال القضاء والفصل بين السلطات، تقاوم الفساد واعادة انتاجه ،الاهتمام بالاوساط الكادحة، يعمل من اجل ضمان حريات الناس وحقوقهم ويناضل من اجل تطوير مفردات حياة الناس، وهذا عملياً يعني أن التيار الديمقراطي يمتد بين كل شرائح المجتمع كونه يتعامل مع أدق تفاصيل حاضر ومستقبل الناس بمختلف طبقاتهم وشرائحهم لذا فالتيار الديمقراطي يحمل المشروع البديل عن الازمة التي يعيشها العراق والعراقيون بمختلف صورها الطائفية وتجلياتها، الشعب قدم التضحيات الجسام وهو غير راضٍ ازاء البدائل في العراق الجديد الى حد شعور الناس بخيبة أمل ولكن العراق يمتلك الأمكانيات لأنشاء بلدٍ ديمقراطيٍ ،لذلك فالتيار الديمقراطي وهو يعمل في داخل العراق وخارجه كي يظهر ككيان سياسي فاعل.

الشرارة : الاجتماع الكامل للجنة المركزية للحزب في 12/تشرين أول الماضي تطرق الى كل القضايا الساخنة المحلية والاقليمية والدولية ، هل تعتقدون ان تحرك القوات العسكرية بقرار من بغداد بأتجاه كردستان ، هو جزء من مواجهة أحتمالات تغير النظام السوري الذي تراهن عليه الكثير من القوى العالمية؟

- هذا التحرك أثار قلقنا وهو مضاعف لأنه يشير الى تطور غير متوقع بعد زوال النظام في 2003 والاقرار بحقوق الشعب الكردي وقيام الشراكة الحقيقية ،أما أن تتطور الامور الى حد أنها تشكل تهديداً فهذا هو مبعث القلق الشديد ومؤشر الى أن العملية السياسية تنحرف في محور أساسي عن السكة السليمة لا بل هي تهدد أحدى المرتكزات الرئيسة التي تقوم عليها العملية السياسية الا وهي الحل السلمي للمشاكل القومية في العراق وان يجري التجاوز على مبدأ الحوار، نعم هناك مسائل عالقة يدور حولها الخلاف ولكن ينبغي التعامل معها وفق صيغ الحوار ووفق مبدأ الرفقة النضالية ومبدأ المصالح المشتركة وليس العكس ، تداعيات الأوضاع في سوريا سيكون لها تأثير على العراق ولكن ليس مبرراً ان تتحرك القوات المسلحة كخطوة استباقية لما ستئول اليه الأصطفافات الطائفية والقومية فالامور لايمكن التعامل معها بهذه الطريقة وانما تأتي من خلال تعزيز اللحمة الوطنية وتأمين رد وطني جمعي ازاء هذه المخاطر من خلال كل الوسائل السلمية البنّاءة، من خلال تعزيز جسور الثقة بعيداً عن التفكير العسكري كحل ، فأذا ما أستمرت هذه الحالة كرد فعل بعيداً عن المصالح العليا فأن ذلك فعلاً يبعث على القلق من جديد ،نحن أمام مهمة تضييق الازمات وحلها وايجاد توافقات على كل المشاكل المطروحة والتي لم تجد حلولاً لحد الان كأستثمار النفط والمادة 140 وغيرها.

مؤخراً يبرز خلاف غريب على المناطق المتنازع عليها وصل الى حد تغيير من هذا الطرف أو ذاك لتوصيف حالة موجود تعريف لها بالدستور ،نحن نقول قد نختلف مع هذا التعبير ولكنه نتج عن الاتفاق عليه أو التوافق عليه وثبت في أهم وثيقة في البلاد الا وهي الدستور واذ كانت هناك حاجة للبحث عن تعبير اخر فيجب ان  لا يجري بصورة منفردة، كرد فعل، نحن نعمل من اجل توصيف اخر مناسب ولكن عبر الحوار وليس من خلال قرارات، لذا فأن تحريك القوات يعد تعاملاً خاطئاً مع الخلافات.

الشرارة : بادر الحزب الى العمل من أجل  تنقية الاجواء وبأتجاه اذابة الثلوج بين بغداد والاقليم، وهناك مبادرات أخرى منها الوفد السياسي الكردي ،مبادرة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ،هل أنتم متفائلون؟

- أذا قسنا على الافعال وردودها وسلوك الاطراف الرئيسة خلال الاشهر الاخيرة فأنها لاتبعث على التفاؤل مع الاسف ،لكن نقول ان حجم المخاطر التي تترتب على ترك الامور تتطور بهذا الأتجاه بمنحى نحو المزيد من التوتر والتشنج والتنصل عن الالتزامات الدستورية والاتفاقات وقد نظيف اليها التدخلات الخارجية ،فكلها لاتبعث على التفاؤل ولكن بنفس الوقت فأن المخاطر نفسها هي التي تدفع الجميع في المطاف الاخير الى ان يدركوا التدهور الذي  شهدته العلاقات بين الاطراف المختلفة ،نحن نساند بقوة اي مسعى يهدف الى تهدئة الاوضاع لأن المخاطر وتفجر الاوضاع ستكون وخيمة على الجميع ولايوجد منتصر ،الكل خاسرون.

لذلك فالمبادرات الاخيرة أشاعت بعض الامل الذي ينبغي أن يجد ترجمته عملياً، ولكن نقول ان التهدئة لاتقدّم حلاً كاملاً للمشكلة ولا تمنع احتمالات تجددها طالما كانت هذه البؤر والعناصر التي تكمن في أساس المشكلة قائمة ،خصوصاً أذا ما جرى الحديث عن مشاكل تتجاوز العلاقة بين المركز والافليم الى مشاكل تشمل عموم العملية السياسية وتطورات البلاد ،البلد يشهد اليوم عدم الوضوح ويشهد خلافات حول شكل الدولة وطبيعة الدولة، شكل النظام الاقتصادي ،وطبيعة التطور الاقتصادي ،هناك تباين في الرؤى ،الكثير من التوافقات التي تمت لم تكن وفق رؤى برنامجية ولم تعالج جوهر الامور وانما هي تسويات مؤقتة وليست على اسس منطقية ،نعم نقول ان هذه التوافقات ربما تمنع تفجر الامور ،الاّ ان هذه التوافقات بدأت تستنزف امكانياتها الايجابية وتؤشر الحاجة الى التوافق على برامج ،نحن بحاجة الى حلول جدية حقيقية وليست تسويات وقتية ، التهدئة قد تفتح الطريق أزاء هذه الحلول ،نحن بحاجة الى التوافق حول الحلول وجوهرها .نعتقد انه بسبب نظام المحاصصة الطائفية والاثنية ،لم نعد نلمس توجهاً حقيقياً نحو الحل ،وهذا يعني ان المشكلة قد تجاوزت حدودها الى كافة المؤسسات وهذا يعني أيضاً  اننا بحاجة الى اعادة النظر بالعملية السياسية وتفحصها بأمعان ،لأن الاسس التي قامت عليها بحاجة الى اعادة النظر،نحن بحاجة الى قيام حكومة فعالة وديمقراطية ويجب ان يكون للسلطة الاتحادية تواجد في كل شكل من اشكال السلطة ،نأمل قيام حكومة تتفاعل مع اشكال تدني اوضاع العراقيين فعلي سبيل المثال ان نسبة خط الفقر للعراقين ارتفع من 23% الى 35 أو 37% حسب ما وفرتها أخر أحصائية قامت بها وزارة التخطيط، ويبقى املنا كبير بشعبنا ان يتجاوز محنه الكبيرة كما تجاوزها بنضالاته الكبيرة ايضاً عبر تأريخه العظيم.

free web counter