| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ماجد مطرود

 

 

 

الأربعاء 21/11/ 2007



إله ٌ قديم

ماجد مطرود

بالأمس ِ ..
تحديدا ً , في منتصف ِ المِهن ِ السّعيدة ِ
إفترضت ُ أنَّني السَّعيد
الطَّيّرُ كان َ لي ,
الرّيح
لي مملَكَة ٌ مِنَ الّوهم ِ الألهي
غيرَ أنّي ما كُنت ُ إله
لي مرَّة ً قال َ , قُم ْ
قلتُ أين ؟
قال : علّم ْ , نبيَّك َ الّحيران َ مهنَتَه ُ
بما أنّي كُنت ُ بالأمس ِ ذاتَه ُ ,
بين َ إفتراضات ٍ , بلا عجلات ٍ تجرّ ُ برهانها
قلت ُ لا
إتَّكأتُ على فعل ٍ , خُماسيِّ الّحركات
أنكَسرتُ .. لكنّي لمْ أمت ْ
بالأمس ِ أيضا ً
رأيتَه ُ , بكامل ِ عدَّته ِ , يبكي
خمّنت ُ كعرّاف ٍ , يستخرج ُ الّحلم َ مِنْ جلدِه ِ
إمّا سيّلفُني بعبائته ِ
أو سيُعلّقُني مِن ْ قَدَميّ ,
فيفلقُني
لكنّه ُ ظلَّ ساكِنا ً ,
حجَرا ً منذ ُ آلاف ِ السّنين
ينحت ُ حبلا ً لسرَّته ِ
تعلّقت ُ حينا ً لِساعته ِ
حينا ً لسحنَته ِ ,
ودهشته ِ
تعلقت ُ , حتّى ترنّح َ الّليّل
ضيّعت ُ ظلّي ومرآتي
ضيّعت ُ كُل َّ شيء ٍ ,
حتّى أنّقرَضت ْ .. في الّوحل ِ نجماتي
لأنّي زعيم ُ الّكَواكِب ِ كلِّها
لأنَّ عجلاتَ الّمد ِّ والجزر ِ , خاصتي
رأيته ُ محارة ً , نسَت ْ أسنانَها في الّبحر ِ
ولأنّي مُشعّ ٌ أبَديّ
نظّفت ُ طاولتي مِن ْ دَنَس ِ السّاعات
هيَّأته ُ ,
راقصتَه ُ ,
بنبل ٍ وحلم ٍ سعيد
حاصرته ُ ,
بهيبَة ِ الموسيقى ,
بشرف ِ الّعروق
توَّجته ُ ,
بكَرم ِ الّورد ِ ,
بصولَجان ِ البياض
قًلت ُ للشّمس ِ , أ ُ خيَّتي
هيّا رتِّبيه ,
رائحة ً , أكثر َ مجدا ً ,
همسا ً , لفوضويّته ِ الدّارجة
سوّري مدائنَه ُ الرّماديّة َ بالّفوانيس ,
توقد ُ شعلتها مِن ْ بصاق ِ النّور
مرّي به ِ
العين ُ ترصدُه ُ بدقّاتِها
هيّا أ ُخيَّتي , رتِّبيه
لأنّ الأمسَ جَروٌ ,
تخرُّ الدّقائق ُ مِنْ منخريّه
ولأنَّ الدّقائق َ تشبه ُ الأفلاك
هنّدَس َ التّجاعيد َ بقوَّة ٍ
أحكم َ جهاتَه ُ بالحكمَة ِ
وبلا موعِظَة ِ ,
خطَّطها بالأحمر الّكُحليّ
إدَّعى أنّه ُ النّسيانُ ,لا الطّغيان
بَنفْسج ٌ , إنّما معتوه
زارني في منتصفِ الجّرح ِ بلا موعد
نسيت ُ أنْ أنسى ذاكرتي
أهملت ُ بقصد ٍ , ألّا أظهِر نسياني
جمّعتُ غاباتي كلَّها ,
جمّعتُها ,ثلاثين َ قرنا
كوّرتُها ,
ثمّ رميتُها , إذْ رمتني
وأرتمينا فُلكا ً ,
في مثانة ِ السّكران
بنظّارة ِ الحندس ِ ,
وحدي
على سطح ِ الّليّل
أقرأ ُ نجمي ,
أقرأه ُ
أقرأ ُ أمّي بِبَياضِها المعتاد
تذكّرت ُ صلاتَها , عند َ الّغروب
تذكّرت ُ , أنّي لست ُ إله
صرخت ُ أيُّها الأمس الّمستديم
الغروب ُ فَم ُ الله
فلنصلي جميعا ً
صلّيت ُ
صلّيت ُ حتّى انّْهارَ المسجد الأقصى
وكان َ الّليّل ُ في يميني
وكنت ُ ريحا ً
ولست ُ بُراقا ً
دمدمت ُ متى ,
( يكشفُ البيث سرَّ كُداد ) * ؟
أرعد ْ يا حبيبي الّبيت َ بالحكمة
بغداد ُ لا بصوف ِ
حبلى
بالحرائق ,
تمخَّضت ْ نخلاتُها ,
بالرَّماد
كأنَّ الصّرخة َ في جلدِها
مِنْ آرام َ تجترُّني ,
الى جاسم في حيِّ ( الّضأْضأوف ) **
وبعضَّة ٍ
لا توميءُ للحاضر ِ ,
صرخت ُ بوجهي ,
عِظْني.. كي أقفزَ فوق الّبداية
عِظْني..بحافريكَ الخرافيّتين ِ لا تضرب عكازي
عِظْني..فنابُكَ ظلَّ يقطرُ ماءَ النّار ,
حتّى عَضَّني في العظم ِ والضّاد ِ
نزيف ٌ عتيق
دَم ٌ
إله ٌ قديم
على مرِّ الّعصور ِ يُصلّي
قبلته ُ بغداد
قامته ُ, إله ُ النّار يُصعِّر ُ خدّيّه ,
بالحرب ِ
بالأوتاد
تبختر أيّها الوجه المُمجّد
بالخرائط
بالخرائب
تبختر مرَّة ً أخرى
تبختر
في أمتصاص ِ الموت
في سبك ِ الزّمان
تبختر
في الألهِ الّقَديم .
الحاضر ُ
سكران ٌ , نسى رأسه
في مستنقع ٍ آسن ٍ
وغاب ْ
 

* بيث سرّ كُداد : كلمة آشورية تعني بيت الصوف كانت تطلق على بغداد
**
الضأضأووف : استخدام شخصي مع ان ووف تقابل ياء التملك في العربية





 

Counters