| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ماجد مطرود

 

 

 

 

الأربعاء 12/9/ 2007

 

 


ملحمة البمبرة


ماجد مطرود

صحراء بين تيمبكتو وبغداد

بَعيداً عنها..
أولدُ فيها..
ممرَّغاً بالتُراب.
يدايَ ممدودتان ِ،الى أبعد ِكوكب ٍ في السماء
بينما قدماي..
يبحثان ِعنها
تِلكَ التي غيَّبتني،
بين جسرين
وغابتْ .

بضفَّتِها ..
تغسلُ، قَدمَ التأويلِ
بضفَّتِها..
لاترى إلاّ عابرا ً
أو سبيلا ً للهوى
يحملُ نخلا ًبيديه
، يلغي المسافاتَ
يفتحُ الاقواسَ
وحدهٌ،لاترى سواه
يجعلُ البعيدَ،قنديلا ً
مشعّا ً
لايمكنُ الوصولُ اليّه
دونَ خسارات.

على صراطِها
المستقيمُ الوحيدُ تخلى عن سيّئاتهِ
فأتعبهُ التقطيعُ والترقيع
كقصيدةٍ،
ما جاذبتها القوافي
وما أغراها وترٌ
أوبديع
رأى متى ما نضجتْ
تنضجُ،
في أكفِنا الارطابُ
وتخرخرُ الانهارُ
أصحابا ً
يجيئون بالثمار
لايشيخون
لايلدون
انهم بداية البداية.

أيُّها الدورق..
دورقي
ماذا دهاك؟

الصورة ُ واضحة ٌ
ليستْ مشوَّهة ً
الى الحدِّ الذي يجعل المعنى
بسبعة رؤوس ٍمبهمة
واضحة ٌ..
رغم سواد الماء في العينين
وغبار الصحراءِ المخصَّص ِ
للهاربين بالمدلول.

في المشهدِ،
ميزانٌ
بقاربٍ أعرج
لايدعو ،
إلاّ لقيامةِ الأموات

الوُجُوه
كلّ الوُجُوه
عواءٌ في مقبرة !

ليس إفتراضا ً،
أضيعُ بين قلبي ومصباحي
ليس إفتراضا ً،
للصحراء ِوجهان ضائعان
ليس إفتراضا ً،
أرى رأسي
بإنحناءاتهِ الأخيرة
وليس إفتراضا
أقولُ
ماذا فعلتُ بأنفتاحي؟

كانَ للجملةِ الفعليةِ
أصابعٌ
تقودُ أ ُذنيَّ
إلى الهاوية
وعنوة ً ..
أدسُّ فيها
حروفَ الجرِّ
من،
الى،
عن،
ب،
ل،
في..
وهكذا،
لأعوام.
ومن حين ٍالى حين ٍ
كنتُ أنقّيها من حروفِ العلَّة ِ
لكي تأخذ َ لون الفيزياء،
أو صدفة ً ما
ثم أحذرها،
إيّاك
إيّاك
أيّتها الفيزياء
أيّتها الباهرة
إيّاك
من سمعة الضياع،
وعلّة السكون
قعرٌ ممغنط ٌ بالتيه أنا
تقول،
تفاصيل ٌ
تتكاثرُ بالأنفاس ِ
ولاتتعبْ .

على رصيف ٍ،
بلا كلماتٍ
بلا قواعدٍ
بلا قطرةِ حلم
تململ َ السّائقُ البدويِّ
بترددِه ِ
كمُراهق ٍ،
يُلملم ُ المفرداتَ بخجل ٍخنثيّ
المسيحُ تنازلَ،قالَ عن محبتِهِ
لمْ يثيرني
انَّما طالتْ لحيتي احتجاجا ً
فضنَّتِ الحدودُ،
إنّني أمارة ً
لأثنتي عشر إماما ً
وكالذي يدرك ُ علّتهُ
مارستُ حذلقة َ الأختفاءِ
وخبرة َ الأنزلاق ِ
ثمَ مزّقتُ آخرَ برهان ٍلأعتقالي
لمْ يثيرني
لكنَّ كينونتي
كُلها
انزلقتْ
في مثانةِ المرحاض
وقبل أن أدخل َ إسطوانة الفراغ
تذكّرتُ كلَّ شيء..

كنْتُ ملحدا ً,
حَذِرا ً,
مُسافِرا ً،
جبان
ينظّفُ أضلاعَهُ منْ بقايا السياط
ومنْ أجل ِ قلبي،
نَفختُ الرأتين
نفختها..
حتى تجمَّع التاريخُ
ذبابة ً
في فمي .

ومن أقصى زواياه
رأيته ُ ،
رأيت ُ،
ذلكَ الولدَ المغرور
بنجماته
رأيته ُ ملكاً
من عِرق البداوة
كبيرٌ علينا يغني:
( بيضٌ صفائحنا،
سود ٌ وقائعنا)
ويرددُ أزيز َ(طارق عزيز) *
كأنه يتبولُ في صفيحة ٍ فارغة
في نفسي،قلت ُ،حينها
للرنين..إيقاعهُ المفترض
وللكلماتِ خرافتها
سأفترضُ إذاً:
للصوت ِ،كثافة ٌبلونين
وللخيال ِ،خندق ٌببعدين

أيها الدورق..
دورقي،
ماذا دهاك ؟

ما كنت ُ أعرفُ
إنَّ المخبرينَ الصغار
هم كبارا ً،
في الصحراء
لكنّي عرفت ُ..
إن الهروب َبقدم ٍ واحد ٍ
لايؤدي ،
إلى طرق ٍ كثيرة
النجمُ الوحيد الذي كان يشيرُ إليَ
أوصلني منطفئا ً

الصحراءُ
سجنٌ
ضيِّقٌ
كالثقبِ
وكنتُ
واسعا ً،
كالطير

شممتُ رائحتي
لمْ تدهشني
قرأتُ ،مسيلمة َ الكذابِ
كان هنا،
لمْ يدهشني

كلنا كذّابون
بلا حلم.

تحركتُ بواقعيةٍ
فنسيتُ فيالقي
كنتُ البياض،الذي دنَّسَ سمعتهُ
وكنتُ كالمفخَّخِ بلذته،
حين إستردَّ ليلاه
وحدهن الحالمات
كن يحرسننّي
والعاشقات
قطّعن أصابعهن
رغم إنّي كنتُ
بلا أنثى،
بلا حلم
وبلا خيارٍ،
تسلّقتُ جواداً
يشبه العنقاء
غيّبتُ روحي
بشرفٍ
أنا الغائب،الذي إبتكر الأنتظار*
إما الغيبتان،
قلتُ:
وإما الترتيلُ،
بنغمة ِالواقف
على قبر أبيه
في الحالتينِ،
سأرى مدينةً
خارقة التذمر
وبلا ضجّةٍ ،
كهدوءِ الشجعان
سأمسكُ المقامات َبوجهين
وعلى مدى،
فراتينِ ونيف
أ ُصلّي
أصلّي،بإتجاه قبلتين،
مشتعلتين
في فمِ إلَهٍ كبير
مدَّ بوزهُ
بإتجاه
ألازم من الكلام

هنا..
ماركسياتٌ،
إنَّما بفقهِ الولايه **
هناك..
على الساحل الغربي
مِنْ قلبي
غراميات.. أنس بن مالك *
بين هنا،
وهناك
في مدرسةِ الرأيِّ *
وعلى حائطِ المبكى*
تحديداً
رأيٌ،
لمعلم ٍ عاص ٍصادرني
وحدها الأميبا
بخيوطِ عناكبٍ قديمة
كانت متدليةً
من رأسي..
حتى سجادة أ ُمي
ترددُّ بقوّة الخيلِ
وحكمة الفرسان
الرافضي*
بالأنشطارِ،
ليسَ مهما ً.

فجأةً، ودون عناء
تقبّلَ الله عقلي
بينما الأخرون
إنتظروا موتي
وماتوا
كنت أقوى
كنت أحلى
أسمى..
من عقارب الصحراءِ
كنتُ ،
إنما أسوأ َمن وطني.

قد أكون أنا
أوّل مَنْ عرف التشابه الحادّ،
في التنافر المزمن،
أوّل مَنْ قتل َ تروتسكي مثلاً *
وقد أكون أوّل مَنْ رأى،
، في عيون الملحدين مدينةً
إنما
بحذاءٍ ضيّق
وأوّل مَنْ رأى،
في قلوب المحبين،
ألكتروناتاً
عاطلة
وقد أكونُ نفسي أنا
مَنْ سمّمَ العقاربَ،
بعمامةٍ..
لسانها
أطول مِن لحيةٍ،
مطليةٍ
بالأحمر
الغامق



أيها الدورق..
دورقي،
ماذا دهاك ؟

سقوطُ المدينةِ بكلِّ هياكلها،
لم يكن صدفة ًعابرة،
كما،لمْ يكنْ حظّا ًعاثرا ً
إدّعتهُ تفاصيلُ الشاحنة
وإستنكرهُ سائقها،
بخصرهِ الخنثيّ
الذي ظل يتململُ..حتى
أدركتْ شرطةُ الحدود
تسامحي الذكيّ معه
فقلّمت أظافرَ الرشوةِ
بمنجلٍ من عناد
قالوا:
, لو دخلتَ المدينةَ
بعينيك الهاربتينِ
لهلك أبناؤها
قفْ إذا ً
ولا تتحركْ،
أيّها الشاقول الزئبقي
وقفت ُمنتصبا ً
كعلامة ٍ،
نستْ مكانَها
وكانت بغدادَ
ذاكرتي
زماني..
الذي نسى
شراعَهُ،
في ساحلٍ
منسيّ
وكنتُ الطير،
رغم إني كنتُ رمادْ.

ومثل عنكبوتٍ
أتعبهُ نسيجهُ
لملمتْ رحلتي
أرجلَها
لملمتْ الصحراءُ عيني
وأهدابَها
إنما لمْ يتركني نهيقي،
ولا نهيقُ الجملةِ الفعليةِ
سلمتُ يدي للسماء
قدمي للرمل
قلبي للشاحنات
ثم صرختُ:


أيها الدورق..
دورقي،
ماذا دهاك؟


سندخلُ المدينةَ،التي إستطالتْ ،بها
الشوارع،
إتسعتْ فيها
الوجوه
سندخلها..
لكي نتيقنَ بأختصارِ المرايا
إنّنا مشوّهونَ
بلا ترددْ
وإن السماءَ سوداءَ
ببابِها
ظلٌّ
خارجٌ من معطفِنا
سلّةٌ
مليئةٌ
بالتوسلات
أيّها الربّ،
تقبّلْ دُعاءنا الالف
إنّنا مخصيون
بأدوات الجرِّ
والاستفهام!

في كفِّ إبراهيمَ،
قرأتُ إفتراضاً
للسلالاتِ تأويلها
وقطعانها..
تبحثُ عن دليلِها
الهاربِ،
خلف النجوم
في كفِّ إبراهيمَ
رأيتُ إفتراضاً
للفأسِ عشيقٌ
يتكررُ
يصغي
لأصنامٍ
نحرتْ، أبناءَها
بزياداتِها المطردة
إذاً:
أنا النار،
برمادِها اللذيذ
وتبّاً،
للبردِ والسلام،
حينَ لا يصغي

فخصيةُ الزمانِ،
خصيتي،
باردةٌ،
كشتاءٍ عانسٍ،
كيسارٍ قلقٍ..
كان يحملني خيمةً
بلا فنجانْ
قهوتها الليلُ
،وأوتادُها
عزاءْ
قبيلة ٌمن ناطحاتِ السحاب
فرعُها
فراغُ الغصون
وأرضُها
ثكلى

أيّها الدورق..
دورقي،
ماذا دهاك؟

لا حلم لي
ناقةٌ بموجتين
دوَّنتني بكتابين
نستني،
أذوبُ
في الدربِ
وحدي
لاحلم لي
سوى صبيّةٍ من الزنّْجِ
فمها السلسبيل
ونهدها
كأس المسيح
راودتني،
وماتتْ
بحذائِها الضيّق
لا حلم لي
قدمٌ
على دربين
شدّني بنجمتين
نساني
أذوبُ
في الليلِِ
وحدي
لا حلم لي
سوى صبيَّةٍ من الاعرابِ
قلعتْ ضفائرَها
طوتْ في الحربِ
يديّها
أظافرُها
أنيابٌ
تلوكُ
القادمين
الراحلين
لا مقام لي
غير نجمة طارقية
طرقتها
أحذيةُ الايام
داستها
خرائط ُ الشعاب
شوّ َهتها
أطالسُ الكديةِ
في الصحراء
أكلتها نيّئةً ،
مخالبُ الذئاب
تيمبكتو*
فريسةٌ
طريّةٌ
لأولاد الذُباب
راودتني
وكنتُ ضمآناً
فأستجابَ الفؤاد .
نهودٌ فراتيةٌ
عيونٌ ,
شبقيّةُ الثمارِ
عذراواتٌ
من صيفِ الجحيم
مهرةٌ جامحةٌ
تلاحقني
برياح بني بغداد
راودتني
صبيّةٌ ..
من بني العبّاس
غزالٌ..
أضاءَ سِفرَ شنقيط
واحةٌ..
من نبعِ الرماد
لها براري اليمام
وعليها،
رمالُ الضادِ،
تئنّ ُبنارِها
راودتني،
وماتتْ
بألكتروناتها
العاطلة

أيها الدورق..
دورقي،
ماذا دهاك؟

الصورةُ واضحةٌ،
ليستْ مشوّهةً
إلى الحدِّ الذي
يجعلُ المعنى
بسبعةِ رؤوسٍ مبهمة
واضحةً كانت
رغم سواد الماءِ
في العينين
ورغم الغبار،المخصّصِ
للهاربين
من معوَلِ البمبرة،
والحالمين
بالمدلول

يدي في السماء
فمي في الرمل
قلبي في الشاحنات

دعّني.. أفتحُ السماءَ
أيّها الدورق
دعّني..
أدّعي نهايةً
جميلةً
يا دورقي
دعّني..
أتركُ الصحراءَ،
السّؤالَ،
الحسرةَ المرّة
دعّني..
أهجرُ الشاحنات،
السجونَ،
الموقوفين،
المتشرّطين،
المتورطين،
المرتشين،
السائحين،
الطامعين،
المؤمنين،
الكافرين،
النائمين،
الحالمين،
الذاهبين،
العائدين،
الخالدين،
الزائلين،
أهجرهم جميعاً
أهجرهم..
حتى تكشفُ الصحراءُ
عن نهدينِ
عذراوين
لصبيّتين
شقيّتين
ويتّسعُ سريريَ الطائر الحلمان
لمكانينِ
بكرين
تيمبكتو*وبغداد
حينها، سأ ُصلّي
أيّها الدورق
أ ُصلّي..
بطريقةٍ لائقةٍ،
أكثرَ مما ينبغي
بطريقةٍ تجريبيةٍ
تعالَ لكي نركع
تعال..
لعلّهُ يهدينا،
مدينةً
برّيةً
لمْ يمسسها بشرٌ
ولمْ تكنْ بغيّا
صدق الله العظيم.