مزهر بن مدلول

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

                                                                                    الأثنين 9/7/ 2012

 

تعَ ولا تجي!

مزهر بن مدلول

تحية الى الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم

عنوان اغنية لفيروز، استخدمه كثيرون قبلي، كما كتب تحته صديقي الشاعر عبد العظيم فنجان في الثاني والعشرين من نوفمبر قصة عشقه الفيروزية!، لذلك اقدم اعتذاري له ولهم، فقد وجدت في العنوان اختصارا لكلِّ قلق العراقيين في عصر الانهيارات..

حين تساقط ضوء المصباح على اطراف البيوت، جاء الخبر: انّ جثتهُ اصبحت مثل قشٍ مفروشٍ على الاسفلت، وامتلأ صدر الأم بالحسرات على فاكهة بؤسها، وتوارت عن الانظار كأنها سافرت معه، ولما نشبت الحرب وتعالت آهات القتلى، ظهرت من جديد تفتح صدرها الى السماء وتردد (تعَ ولا تجي)، اخافُ عليك من ازيز الطائرات ونار القذائف، اخافُ ان تموت مرة اخرى!..

ترى كم من امهاتنا بقيت معلقة في لياليها الداكنة بين ان تعيد ابنها الى مهد حضارتها وبين ان تتركه بعيدا لكي لايتحول الى مادة لاصقة على الرصيف!؟..

كم من ام كتبت او هاتفت ابنها وهي تبتلع دموعها وتضع كفها على قلبها الموجوع بالفراق لتقول له (تعَ ولا تجي)!؟..

كم زوجة وحبيبة عاشقة منعتها الظروف من نعمة تحقيق متعة اللقاء بحبيبها فغنت له في صمت بعد منتصف الليل (تعَ ولا تجي)!؟..

وتوالت السنوات الرديئة، وتمرغت ايامنا بالحضيض، وفرقتنا الاقدار على جبهات المعارك لكي نبقى نعيش على حافة حلم هارب، ومن شدة الجوع وجحيم العطش وسلطان اليأس صرنا نناجي الموت (تعَ ولا تجي)!.

ومازلنا نعاني من تأثيرات مشاهدة ذلك المسرح البدائي، الذي كان ابطالهُ آلهة، إلَه العواصف الترابية وإلَه الظلام وإلَه المفخخات وإلَه غاز الخردل وقطع الانفاس، هؤلاء الذين راحوا يبطشون بجمهور المتفرجين دون رأفة ولاضمير!.

لقد عاث البعثيون فسادا في الارض، ولم يتركوا ورائهم سوى لعنة الشهيد الذي مات وكفهُ مرفوعة تحيةً ووداعاً للمظلومين الذين عاش معهم وبقى حيا في ذاكرتهم..

لم يتركوا ورائهم الاّ محبة الناس لهذا الانسان الذي كان يأكل (بالسفرطاس) وفي قلبه لوعة على الذين ينامون من دون سقوف،

ففي زمنه القصير كان فرح العراق يشبه فرح العروس في ليلة الزفاف وكان هو عنوان هذا الفرح والمصباح المضئ الذي دارت حوله رقصة العراقيين،

ولكن في لحظة غادرة وجدنا انفسنا منحدرين خارج طريق النخلة وجذورها النابتة في الارض ومنزلقين نحو الدروب الحافلة بالصخور والمطبات، وبلادنا تتحول امام فقرنا الى شركة عالمية لكلّ فاسد سهم فيها،  

وجدنا انفسنا امام محنة قطع الرؤوس والزنزانات وقطار الموت والغازات المميتة وصرخات اهلنا الذين بقوا من فرط محبتهم للزعيم يتأملونه كلما مرّتْ سنة على ذكراه.. (هسة يطلع الشهيد عبد الكريم قاسم)!، وحتى لو ظهر فسوف يقتلوه مرة اخرى، ونصرخُ من خوفنا عليه (تعَ ولا تجي)!.

 

 

 

 

 

free web counter