مزهر بن مدلول

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

                                                                                    الأحد 7/10/ 2012

 

ليس خيبة أمل!

مزهر بن مدلول

لأسباب وجيهة صعد الدم ساخنا الى وجنتيّ!،

انتابني في رمشة عين، شعورٌ بأنيّ عارٍ بلا جذور ولااغصان!، فالرجل الذي يجلس امامي، يتكلم عن بلدهِ بثقة عالية ولباقة جديرة بالانتباه، هذا البلد لا يليق به وصف، سوى انه شاطئ زاهٍ يظهرُ في مرآة البحر،

تكلمَ عن قطرة الندى على خدِّ الوردةِ، وعن الطفل السعيد ووسائده الوثيرة، عن قوس قزح الحدائق وجمال الالون فيها، تكلم عن بوابات الحلم المفتوحة وعن الاكتمال الذي ما زال لم يكتمل!، وتحدث كثيرا عن الشمس التي لا تصمد امام غيمة تنبعث من هذه الارض!،

بدا صديقي كفارسٍ بين الصبايا، هادئا وواثقا ويحملُ لهنَّ في كفيه هدايا الانتصار،  وكان وجههُ مكسوا بابتسامة عريضة تدلُّ على التفاؤل بالمستقبل والاطمئنان الكلي على الحاضر،

اما انا، فقد كنتُ ملتصقا بمقعدي، أأكلُ اصابعي وابلعُ مرارة الخجل، وكنتُ خاليا من الأفقِ والدلالة، واسمعُ نبض قلبي يسابق خيبتي،

شعرتُ في تلك اللحظة، بأنّ كلمات الرجل تزحفُ كالنمل الى رقبتي، تمسكُ بي وتخنقُ حنجرتي وتمنعني عن الكلام، وعلى الرغم من انّ صاحبي استطاع ان يقرأ احاسيسي التي ظهرت مكشوفة على خديّ، الاّ انهُ لم يتوقف عن وصف جمال النافورات وسعادة الطيور في جزر مملكتهِ،

ولكن بعد بضعة دقائق من الشرود والذهول الذي اصابني، أفقتُ، ورحتُ ارددُ مع نفسي: (ان البلاد التي ليس لها اساطير تموتُ من البرد)!،

وقفتُ على ساقٍ واحدة!، وعزمتُ على ان اصفعُ الرجل بصلف ووقاحة نظراتي، واغرقهُ بسيل لساني، سألقنُ هذا المغرور درساً (بالفالةِ والمكَوار)!، سوف اسحلُ جثة الحضارة امام عينيه، لكي يصحو من غطرسته ويرى بأننا اول من اخرج العفاريت من المصابيح!،

نحن اول من قال، انّ الاطفال الذين يعيشون داخل حاويات النفايات!، وامراض الملوك المتخمين، والظمأ الذي يصيب الانهار، والتصحر، والعواصف الحمراء، والتشرد في الاوطان، وغياب الملامح البشرية عن الوجوه، كلها كانت  بسبب وجه البومة النحس ونعيق الغربان!،

ونحن اول من اكتشف الكلمات والحروف، وسالتْ دماءنا الغالية في الحبر وفوق السطور، ولكننا  ما زلنا الى الان نخاف من السير وسط الضوء!،

اريدهُ ان يعرف، بأنّنا كنا وما زلنا نحفر الخنادق، نحاربُ بالرمح والسيف وندخل المقابر جماعات، من اجل العثور على عشبة الخلود والماء الزلال!،

قلتُ له : اننا نعيش سعداء بالبطاقات، ونأكلُ بشهية من موائد شيوخ القبيلة وامراء العرش رغم ان ارضنا مليئة بالنفط والملح والتمر!،

وقلتُ له ايضا:

نحن عميانٌ في النهار، وفي الظلام نسيرُ في الشوارع نتأبطُ امنياتنا وننتظرُ الحظّ ورضا الوالدين! لعلّ اللؤلؤة تخرج من بطن السمكة!،

وقلتُ وقلتُ،

وكانت القصص والحكايات تنهمرُ من فمي كسيلٍ على منحدر!، حتى ان صاحبي قام من مكانه مترنحا ولم يعرف الطريق الى الباب!!.

free web counter