مزهر بن مدلول

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 5/6/ 2012

 

وداعا للسفوح.. وداعا لأحلامي!!

مزهر بن مدلول

بين الجبل والمنفى، يتبين نجم خطاوي ملامح وردة الياسمين، يسقيها من دم الطائر الجريح الذي يسيلُ في الحبر، فينهمر شذاها ويفيض على الورق صورا وقصائدا مشحونة بالالم الذي وصل الى منتهاه.

بين الحلم والرايات المكسورة!، يختبئ الشاعر في السحاب وينتظر نسمة دافئة لعلها تأتي من سطح الماضي قبل ان يدركهُ ليل الشتاء، فيستعيد امكنة الطفولة والارواح التي تركها مذبوحة في عاصمة عشقه الاول.

في ديوانه (وداعا للسفوح) اثنان وثلاثون قصيدة، هي مرآة لسني الوجع والمحطات الغاربة الممتلئة برائحة اللهفة للمنابع الاولى والاحلام التي أبتْ ان تكون ملاذا.. هي الاحاسيس المتصارعة والملتبسة، التي تأخذ المنحى الفجائعي كنتيجة منطقية لرحلة طويلة بين المنفى الداخلي والمنفى الجغرافي وما اكتنف المنفيَن من وقائع حياتية صادمة مرتْ على جسد الشاعر نجم خطاوي فأطلق صرخته:

دمنا استباحوه
في الخامسة فجرا
تدفق دم احمر
على تلة في اقاصي البلاد
قرب قرية اسمها (بولي)..


يا لها من غصة في قلبٍ يلهث وروحٍ مفجوعة بوشم الألم الذي تركه مرجل ذلك الوادي.. المرجل الحار وهو يطبخ عظام احلامنا، فيتركنا نترنحُ على حافة الحيرة والعطش في مشهدٍ لم نألفه..

يالها من غصة، وضعتْ الشاعر قاب قوسين من التيه الاكبر!، واضرمتْ حريق الاسئلة في عينيه، فتحولتْ الاجوبة الى رماد لايخفي تحتهُ غير الأنين..

من انت يا نجم خطاوي!؟،
انا الحجر.
ماذا تبحث في القطب؟،
ابحث عن روحي.
من اورثك الحزن!؟،
ليل بلادي!!!..

وفي بلاد الشاعر، ركام من تراب وذاكرة مشبعة بالحزن، والصدفةُ وحدها هناك تصنعُ مصير الكائن، فلم يعد الموت غريبا ولا القبر آمنا !، مما جعل القصيدة تخرج بحسٍ دراميٍّ مشحون بالضياع، ويحاول الشاعر بصعوبة تحديد بوصلتها لكي لاتنزلق نحو الهاوية، فيناديها تعالي :

سأوقد شمعاتي الليلة
وانتظرُ البحر..
تعالي
في الحلم كما البارحة
فروحي بالغربة تهلك..


لكن الشاعر نجم خطاوي رغم محاولته ان يلمس خياله باصابعه، لم يستطيع الامساك به ووضع حد لضبابيته وايماءاته المبهمة، بل تركه يتدحرج من وجع الوطن ومحنته الكبيرة الى وجع آخر، وجع اكثر عذوبة واعمق غوصا، هو وجع (ن):

لا زلت اذكرها
قداحتي البيضاء
قداحتي التي لم تزل
دافئة قبلاتها
كأول نيسان.....

دفترٌ خاص، ملئ بالحكايات حملهُ الشاعر منذُ ان غادر الكوت، وجابَ به الصحاري والتضاريس القاسية، فكان خيط الامل الذي يمتد شعاعا بين احلامهِ وصخرة الخراب الشامل.. لكن الشعاع انطفأ فجأة على السفوح، فودع نجم خطاوي احلامه :

وداعا للسفوح
للاماني، التي انطفأت فجأة
لأسرار ثوارك
لأحلامهم
للصخور المتاريس
لدفء الكهوف
للشجر، الذي به نحتمي
حين يجن الجنون
لأشجار بلوطك، خضراء كانت، وتبقى.





 

free web counter