مزهر بن مدلول

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

                                                                    الأثنين 3/12/ 2012

 

سنوات الجمر والرماد في كوبنهاكن

مزهر بن مدلول

ليس من اجل الشعر فقط، كتب عبداللة كَوران :

كردي ...... و كيس تبغ
حفنة زبيب وبندقية
ثم صخرة
وليأتِ العالم
كلّ العالم
..............................

نحن لا
نعرف الصعود الى القمم، ولا نجيد الانحدار الى الوادي!
نحن عربا، بدوا، نشأنا على صوت
: ياحادي العيس.. وحدر السنابل كَطة.. (وهناك وي ماي النهر، كَالت حبيب الروح ع الشاطي انتظر)!، ولمّا وصلنا الى السفوح كنّا نرقص (الجوبي) على ايقاعات (هربجي).. ما ندري!!، (ولو ندري هيج ايصير ما عاشرتهم)!.

ليس معجزة، وانما رحلة شاقة في زورق مثقوب، لكن الفنان النصير علي رفيق (ابو ليث) استطاع ان يصل بنا الى المرفأ، فكان اللقاء حميميا مع ذاكرة عصفت بها السنين.

كانت الصورة والحدث والمشهد والرواية، كلها تشكل محاور اساسية للفلم الذي حاول المخرج ان يضعنا به امام التاريخ ليس بطريقة المشاهدة فقط، وانما بطريقة التأمل ايضا، فلكلِّ صورة حدث، ولكلّ حدث قصة، ولكلّ قصة فلم، والفلم في داخله افلام.

وهكذا لمدة اكثر من ساعة دون ان تشعر بالملل وربما دون ان تعطي لجسدك فرصة الاسترخاء، فأنت مشدود الذهن، ليس فقط في ما تعرضه الشاشة من مشاهد للوجوه التي كانت تتحرك وتنطق ، وانما في ما يسقط متداعيا في الذاكرة من جمر ورماد لسنوات الشباب التي هي من اجمل سنوات العمر، والجمر هو الرصاص والجوع وقسوة الحياة، والرماد هو الواقع الذي مشى عكس اتجاه الاحلام!.

اخذنا المخرج (علي رفيق) بمشاهد منتقاة بدقة وذكاء سينمائيين الى تلك الأمكنة التي تجسدت فيها بكل صدق الفة وعفوية وافراح وأنّات مجموعة من البشر كانوا يحلمون فاختاروا طريقا وعرا للصعود الى الأعالي، وتركوا على الصخور آثارا عميقة لا تستطيع السماء مسحها حتى لو مطرت دهرا، وكان لكلّ نصير تجربته الخاصة التي لا يسعها كتاب واحد ولا تغطيها شاشة واحدة.

فشكرا ومبروك للنصير الفنان (علي رفيق) ولكل الذين عملوا معه وساهموا في هذا الانجاز المهم الذي يوثق تاريخ مجيد لمرحلة نضالية صعبة خاضها الشيوعيون العراقيون نساءا ورجالا ضد نظام قبيح اشتهر بقسوته وظلمه.
 

 

 

free web counter