مزهر بن مدلول

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

                                                                                    الأحد 28/8/ 2011

 

متى نكفُّ عن الانتماءات المشوهة؟!..

مزهر بن مدلول

متى نخرجُ من حجرة القيصر، الى متى نبقى ندورُ مع بطانة الملك، في ايّ عصر نتحررُ من نفق الفلاسفة، ومتى ينتهي الخصام بين باسكال وفولتير؟!..
لماذا لم يبقى من البرتقالة ما يُعتصر، لماذا مازالت الروح محبوسةٌ في زنزانة الجسد، ولماذا لا نستطيع ان نعشق تحت ضوء القمر؟!..
اين ذهبتْ تلك المخادع الدافئة، اين الذي كان قديسا معطرا بالصلاة، واين اختبأتْ تلك اللآليء التي وهبتني كلَّ هذا التوتر؟!..

أنا مازلتُ أحلمُ، واحلامي مكتملةٌ، بيضاءٌ ومجسمة، طاعنةٌ بالفرح، ومكللةٌ بالاناقة.. احلامي، ترتدي الشمسَ والمطر، وتتنفسُ نسيم البدائية المقدسة، وتنامُ مثل نجمة تتوسدُ في الظلام خدَّ غيمة..
احلامي بسيطةٌ، لكنها تجتذبُ الأفئدة، وتغوصُ في التراب، فأسمعُ رنينَ الاجراس الجنائزية، وأرى الحدائق التي كفّتْ فيها العاصفير عن الغناء..
احلامي، يا حياتي، يا اجمل النساء.. لا تشبهُ احلامَ ماريو ونيرودا، التي تحطمتْ على فراش الاحتضار.. بل تشبهُ نصا شعريا لبودلير، أنتِ معناهُ، وأنتِ فيهِ الحياة..

فأتركيني احلمُ.. اتركيني ألملمُ تقاطيعَ وجهك المبعثرة على حائط غرفتي..
اتركيني، ارسمُ من ملامح الحزنِ فيه، وطناً يشبهُ موجةً سعيدة، لم ترقص، إلاّ طربا على انغام ضحكتك..
اتركيني، اختصرُ المسافة.. اريدُ ان ألمس انفاسك.. اريدُ، ان ابتكر من شتات الذكريات، ديكورا لحنين قبلاتك، وان اجعل من اغانيك السومرية، فلكلورا شعبيا..
اريدُ، يانور الملائكة، ان اهرب من زمن القبيلة والعيارين، واستحضرُ ذلك الوطن البهي، الذي التصق يوما باجسادنا..
الوطنُ المصنوعُ من نبيذٍ وقصائد.. الوطنُ، الذي يسيلُ في الارواح، مثلما يسيلُ التين في الصباح على شفتيكِ الظامئتين..
اريدُ.. يا اثمنَ كنوزي.. ان أستعيد وطني.. وطني، الذي عكّرتْ بساطتهُ فوهاتُ المدافع، ولوثتْ رائحتهُ الغازات المسيلة والبارود..
وطني، الذي سرقوا منهُ متعتهُ، ورموهُ في افقٍ مفتوحٍ على الغموض والحرية الاعتباطية..
اريدُ... ان لا اقول في المساء آخ..
فأنا، ليس يائس ولا تعبان
أنا، يا حبيبتي مجروح
والجرح مو بالجسد.. مو بالعروكَ
الجرح بالروح



 

Counters