مزهر بن مدلول

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

                                                                                    الأحد 26/2/ 2012

 

الأزمة السياسية ومحنة الأرادة

مزهر بن مدلول

يوماً بعد يوم، والظلام لم يزد إلاّ قتامة، وكأنّ الشعارات التي رفعتها القوى السياسية اثناء الانتخابات مجرد ضحك على ذقون العراقيين في ملهاة تحولت تدريجيا الى مأساة وطن بكامله.

فالمشهد العراقي يكرر نفسه بطريقة مؤلمة، ويفتح الباب على أفق لا نرى فيه ما يدل على أن أزمة البلاد في طريقها الى المعالجة،

ففي الوقت الذي ينشغل فيه السياسيون في الصراعات من اجل توزيع المناصب وتقاسم الامتيازات وسرقة لقمة الفقراء، نجد أن الأزمة دخلت بيوت العراقيين لتهدد كرامتهم وعيشهم وأمنهم.

ومن الشعور العالي بالمسؤولية، إنبرت قوى وطنية وديمقراطية حريصة، لتحذر من خطر التدهور اللاحق الذي سيلحق الأذى بالعراقيين اذا لم تتضافر كل الجهود من اجل وضع حد لهذا الصراع، ودعت بصوت عالٍ الى ضرورة عقد مؤتمر لحوار وطني شامل وسريع، يضع مصلحة المواطن في الاعتبار الاول.

ورغم الاستجابة الكبيرة لهذا النداء من قبل جميع المعنيين بسلطة القرار، والذين تسابقوا مرحبين به، لكنهم وفي ذات الوقت راحوا يصبون الزيت على النار فوضعوا المتاريس وزرعوا الالغام في الطريق، ليصبح الوصول الى مؤتمر الحوار أزمة جديدة ساهمت في تعقيد المشاكل اكثر فاكثر.

ان مثل هذه المواقف، لابد ان تثير الشكوك، وتدفع المرء الى ان يتأمل في مدى جدية المتنفذين في تحمل مسؤولياتهم ازاء شعبهم وبلدهم بوجه عام وازاء من انتخبوهم على نحو خاص، وتدعو ايضا الى التفكير بقدرة هؤلاء على امتلاك اراداتهم بشكل كامل دون قيود تفرضها جهات اجنبية على هذا الطرف او ذاك.

انه لشيء مخيف، ان تكون حدود بلادنا مفتوحة لعصابات التهريب وتجار الحروب واللصوص والقتلة، ولكن الاكثر مدعاة للخوف والحزن، هو ان تكون ارادة القوى السياسية العراقية التي تمسك بزمام السلطة خاضعة لأرادات خارجية لها مصالح متباينة وتتخذ من ارض العراق ساحة للصراع فيما بينها،

ان ذلك بقدر ما يجعل هذه القوى والاحزاب مكبلة ولا تستطيع ان تفعل اي شيء في مصلحة الوطن والمواطن، فأنه يعرض بلادنا الى المزيد من الانحدار نحو الصراع الطائفي والأثني الذي لا ينجو منه احد،

ومن خلال هذه الرؤيا للواقع العراقي الصعب، فأن الأزمة سوف تحتدم وتتشظى لتصيب جسد العراق وتجعله ينزف دائما، اذا لم تتوقف القيادات السياسية عن الهرولة وراء المكاسب الآنية، واذا لم تتفق على برنامج يلبي مصلحة الوطن في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الشاملة، وتضمن للمواطن حقه في حرية التعبير عن رأيه وتكفل له المساواة والعيش بكرامة، ان ذلك وحده يعيد ثقة المواطن بهذه الاحزاب ويجعله متفائلا بالمستقبل.   

 

 

 

free web counter