مزهر بن مدلول

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

                                                                السبت 20/10/ 2012

 

أنا والليل!

 مزهر بن مدلول


(أنا والليل، نتشابه بكل شي)!،

جسدان يفترشان الضفاف الميتة والمروج الخالية من لهفة القبلات،

قلبان يبحثان عن الندى في مخابئهِ، ويربيان الأحلام كما لو انها قطيعُ ابقار!.

أنا والليل،

مثل عاشقين يتطلعان الى الصبحِ، فيسقطانِ في الأنين، ويلتحفانِ حسرةً طويلة جاءت على مقاس السرير!.

كنا صغارا نتنفس وحدنا، وكان الزمن مقفرا، كبرنا، وكبرتْ معنا اسئلةٌ كثيرة عن الحبّ والموت والقدر، فقادتْنا قلة الحيلة الى ان نكون جزءا من الملهاة!.

والملهاة عراقية بأمتياز، سيناريو مخيف وقاتم انتجهُ اولئك الذين يتحسسون كروشهم بعد كل وجبة طعام دسمة، فتبلّدت العقول وقُتلت المشاعر!،  وظهر في بلاد الواحات والأنهار مايسمى في علم النفس (بالانسان المقهور).

والانسان المقهور، هو ذلك الذي عاش تلك التجربة العجائبية، التي افرز قبحها الانساني وويلاتها القاسية إحساساً بأنّ العالم دخل في (ساعته الخامسة والعشرين)، الساعة التي لاتشرق فيها الشمس ولاتغيب!، حيث الكون مختلف، والرائحة بلا ماء، والارض ملوثة بالعذاب والكراهية، والسماء خالية من الموسيقى واسراب العصافير والانسان في وطنه مفقودا!.

كنا نعيش مضطرين في قلب تاريخٍ آسن، ونتغنى مجبورين بأنجازات نهضة قديمة لم يبق منها غير اطلال، وكانت عيوننا تلهث خلف مشاهدة عالم جديد لم نبصره الاّ في المنام،

لكن نهر الزمن يجري، والربُّ (يمهل ولايهمل)، فسقطتْ الهيبة الوثنية للسلطة الشمولية والنظام المستبد الذي جعلنا لسنين نعتقد بأنّ منظومة افكاره ايقونية ونهائية لاتقبل البحث ولاتسمح بعبور الحدود.

وبدأ الانهيار المدويّ لمرحلة من اكثر المراحل بؤسا واثارة، واشدها تيها ووحشة وليس فيها من هدف سوى اننا نجرد اعداد الموتى الضائعين!.

لذلك عقدت القبائل مؤتمرا مستعجلا لملأ الفراغ !، تلك القبائل التي ادّعتْ بأنها تنتمي الى جدٍ واحد وارضٍ واحدة ودينٍ واحد وثقافة واحدة!، لكنها وحول المأدبة الشهية سرعان ماسال لعابها واختلفت في تحديد نسبها وامتداد جذورها وحجم بطونها! واصبحت جميع الالوان مصابة بالشحوب.

دخلنا العتمة من جديد، وعادت الخفافيش تغتال ضحكتنا، وعاد اولئك الذين يريدون  ان يقرروا مستقبلنا سلفا!،

يالهُ من مستقبل، وياللمواطن من حظٍ عاثر،

ويالي، أنا والليل، ان نعود مرةً اخرى نحاول الأمساك بثوب طفولتنا!!.


 

free web counter