مزهر بن مدلول

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 20/9/ 2011

 

الحياة ليست مقبرة!..

مزهر بن مدلول

مجرد حدس، فلا احد يعلم في خفايا الامور!، ولكن الذين يلبسون اخشن الملابس ويهاجمون الاسباب التي خرجت منها تعاسة البشر، اولئك الذين يعيشون ايامهم باحساس عميق وقلوب بيضاء، هم وحدهم قادرون على اكتشاف معاني الجمال الكامنة رغم الحزن البشري الذي راح يتغلغل في جسد الحياة، انهم صمام الامان الذي به نحتمي من تصحر العقول..

ان النظرة التشاؤمية الى الحياة باعتبارها عبث مطلق ومجرد وهم لا روح فيه!، نظرة توقف عندها معظم الفلاسفة وكبار الادباء، وكانوا جميعا ابطالا حقيقيين في محاولة دفع ما هو ساكن الى الحركة، وحتى فيلسوف العبث البير كامو توصل من خلال اجابته على الكثير من الاسئلة، بأن علينا ان نتخلص كما قال من ( ليلة رعبنا وعذابنا ) وان الحياة تستحق التحمل رغم مرارتها..

اما الاديب الروسي الكبير تولستوي فدعا الى ما سماه الحراسة على الحياة، والحياة عند تولستوي، هو الشعور الجميل والفكرة العميقة والجانب اللامع الذي يجب ان لا نتركه يصدأ..
لا احد يعرف نتيجة الحياة، ان ذلك من اصعب الاسئلة واكثرها فزعا، لانها مليئة بالاسرار والالغاز، ومن اللامعقول محاولة معرفة كل شيء، ومن يسعى الى ذلك يقع في الوحل، مثلما وقع فيه الكثير من العظماء الذين استماتوا من اجل معرفة سر الحياة، ولكن جميع المحاولات ومهما كانت شاقة ومهما كان مصير اصحابها فانها كانت من اجل تعميق الحياة واعطائها طعما لذيذا..

فحين اكتشف انيشتين النسبية وتفتيت الذرة، كان يعزف على البيانو ويتوقف بين حين واخر ليسجل افكاره، وكانت تلك هي ذات الاسباب التي دعت بوذا نبي الهند بأن يدعو الى محاربة عوامل الفناء في الحياة، فثارعلى الجهل والمرض والجوع..
من خلال ذلك نرى بأن الحياة مهما كانت شديدة في قسوتها ومحنها، فأنها جميلة وممتعة، ومن الواجب المحافظة على كل لحظة فيها وعدم تبديدها..

اما اولئك الذين لا يملكون صفة جميلة، فهم اول من يعادي الجمال ويتنكر له، ويعتقدون ان الطريق مسدود تماما وان الحياة ماكانت الاّ لتزول، انهم يخافون خوفا عميقا من كل شيء من شأنه ان يضفي لونا ورديا على الحياة، فنراهم لايتوانوا في شن حملاتهم على كل من يكافح من اجل حياة ممتلئة بالمعرفة وراقية بالكرامة والحرية، لانهم يعرفون ان الاحساس بالجمال هو مفتاح النضال ضد الاستبداد والظلم والجوع والكراهية..
ان الجمال في الحياة لم ولن يكن ثانويا ومن الكماليات، ان هذه الفكرة اتى عليها البلى، وتجاوزها عقل الانسان فاصبح الجمال من الضروريات الملازمة للحياة التي لا غنى عنها..

اليوم من الصعب جدا ان نتصور باننا نعيش بعيدا عن القصيدة الشعرية، او عن اللوحة التشكيلية او اننا بدون مسرح وبدون موسيقى، لاننا في هذه الحالة نجعل من الحياة عبارة عن مقبرة مظلمة وخالية من اي مصباح يضيء الروح..

 

 

 

free web counter