مزهر بن مدلول

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

السبت 1/1/ 2011

 

عمو سمير وكاني ساوين وبطة زينب الخفاجي

مزهر بن مدلول

في ذلك النهار الدافئ، ونحن في غمرة الفرح، وكنا في حينها نضحك من مغامرات جان بول سارتر التي خلفتْ هوجو مختلا..
في تلك الساعات، وفي ذلك الوادي البعيد عن الشمس، ونحن ندور ببطون خاوية حول تنور الخبز، كنا نتحدث عن الستة عشر ليلة.. عن الستة عشر خرافة.. عن الستة عشر نزيف..
هذا العنوان ليس استعارة من قصة خمسة وعشرين ساعة، وانما اسم حقيقي لليالي العصيبة، التي يمكن ان تكون واحدة من اهم اتراجيديات شكسبير، على الرغم من انها تحمل في بعض اوقاتها مشاهدا كوميدية تعبر عن مأساة حقيقية..
فهي والى حد ما تشبه مغامرات البحث عن الخبز في الجزر الامريكية في زمن الجوع والحروب والهجرة..
ستة عشر ليلة مظلمة وموحشة، ارهقت العيون والاجفان، اي خطأ واي سهو يؤدي الى الابادة، وكنا مثل من يلعب لعبة تعذيب الاعضاء..
نحن في سباق محموم مع الموت.. في النهار نغطي رؤوسنا بورق الاشجار، وفي النهار ايضا تتفجر الاشواق الى الحياة، ويتدفق الحنين الى وجوه الامهات، التي تعاقبت عليها ازمنة الحروب..
كانت فلسفة خاصة هي فلسفة القمم والوديان، ونحتاج الى المزيد من الوقت لكي نتدرب على فهمها..
في ذلك المكان، ليس ما يسد الرمق، وكل ثلاثة منا يتشاركون بقدح شاي ولمرة واحدة في اليوم.. في ذلك المكان المهجور تنتشر الربايا والالغام ومعسكرات الجنود، الذين تنادوا على قتلنا..
فوقعنا من حيث لا ندري بين فكي الخنزير الجائع، دارت حول اعناقنا السيوف، بينما كان التجار مهمومين باسواق البورصة، وكانت ليلة القيصر مفعمة بالرذيلة..

اليوم وبعد ان وصلنا الى حيث ينشغل اوسكار وايلد وفوضويوه بالتخطيط للثورة التي لا تقترن بالاجرام ولا تتغذى بسفك الدماء، اصبحت تلك المعاناة مجرد تجارب من الماضي وظلت محفورة في الذاكرة، نستعيدها متى ما اجتمعنا فنشعر بقرب بعضنا من بعض، نتحسس الروابط التي تجمع بين اجسادنا، لكن ذلك النهار كان قصير جدا..
خفتت الاضاءة.. الاصوات ابتلعتها وحشة الوادي.. ليل جلف وغامض، كهوف ومغارات وصخور مدببة كانها اشباح في عقل مجنون..
في ذلك الليل وفي غفلة منا ودون تحية وداع، راح سمير الى هناك، الى المكان الذي لا نعرفه، ولم يعرفه او يسمع به سمير، راح ومعه ستة عشر ابتسامة لستة عشر خرافة..
سمير الانيق في هدوءه.. سمير الرقيق في همسه.. سمير الذي له وجه عاشق، وجه يبوح في كل شئ رغم صمته.. راح الى كاني ساوين مع بطل اشقولكا مام رسول وبقوا هناك حتى يومنا هذا..

 

Counters