مزهر بن مدلول

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الخميس 17/2/ 2011

 

ليلةَ..... بزغ وجهكِ

مزهر بن مدلول

استنفرتْ منظومة العقل.. استنفرت كلها الليلة، وانزلق كل شئ من الفراغ والى الفراغ..
سقط رأسي في وحل الكتابة، وتكومتْ في داخله النفايات، وامتلأ جوفه بالهواء الفاسد.. عند اللحظة.. قرر قلبي الرحيل...........

الرحيل....... بعيدا........ ابعدُ من البعيد........ وابعدُ من العلامة الفاصلة بين الأنين والغضب..
بعيدا.. عن القارات المظلمة، المصابة بالشلل، والنساء العابرات، وعن وجع المنفى وتيه الليالي..
عن الحياة المدلهمة بالأشباح التي تسكن النفس، وعن هذا الزمن الهارب من حاضره ومستقبله..
بعيدا.. عن العزلة البليدة، والأيقاعات اليومية الرتيبة، التي لم يرقص لها قلبي ساعة، وجعلتني ادور في دوامتها الجهنمية، حتى ألقتني هامدا مثل حجر أصم، وغير قادرا على اعادة تشكيل ملامحك..

في هذه الليلة الشيطانية الغريبة، التي تُدبر فيها المكائد ، وانا انتظر ان يفيض نور الصباح، ويكفّ الرب عن مطاردتي.. دوتْ في داخلي صرخة مرعبة..

صرخة، كأنها الزلزال.. انفجرتْ وهزت اركان روحي، واوقدتْ النار في اعصابي.. صرخة، أحيتْ ماكان ميتا فيَّ... واعادتْ دورتي الدموية القديمة، ودفعتني كما لو انها موجة عاتية.. ان اترك انقاضي الثقيلة وامشي..

امشي، واكَول اوصلت والكَنطرة ابعيده..............
امشي، انا القرويُّ المستحيل.. اقفزُ من جحيم الى جحيم، ومن قدر الى قدر، ومن رقصة الى رقصة، والحرب الهائلة تركتني اشلاءا..
امشي، اتعثرُ بأشواقي.. اتوجعُ.. اصرخُ وانزفُ.. عيناكِ بوصلتي.. طيفكِ، ورنة ضحكتك السحرية.. جنتي الصغيرة، وتلك الحكايات الميلودرامية الجميلة، كانت وجهتي وغايتي..

الليلُ حالك، والأودية متشعبة، ومليئة بالاشواك والصخور، ونسيمها جافا وخاليا من عطرك..
لكني كما جمل في صحراء، يندفع باتجاه النبع.. مشيت ومشيت حتى صرت خارج المشهد المؤلم.........


حطّ الخيال هناك..........
حطّ.. في فضاضة الطبائع الريفية، وعفويتها ومرحها.. قهوتها، والدارمي، وسمر الليالي.. تلك الألفة التي تجمع الناس والجداول والفراشات..
ارض الاسلاف، ومنبع الأشاعات والقيم الخالدة، وفي الافق الاخضر المفتوح، الذي تتكدس فيه العجائب..
تلك الشمس، التي تحتها تبخر جسدي، وذلك الطين، الذي ترك في دمي مقدارا هائلا من الفرح الطفولي..
حط،ّ في الدرابين الطافحة بالنور والعطور وكحيلات العيون.. والضجيج البهيج على عتبات البيوت..
الفتيات المكتنزات، يطلّن كالضوء من النوافذ والثقوب، وفي صدورهن احلام هائمة وتوق مكبوت..
حطّ.. على الينابيع الدفاقة.. على جرف (الشين) الخصب وضوء النهار.. على قنديل ومقابر الانبياء، والقمم التي نحتتها الجماجم..
هناك.. حيث الانغام، تخرج معذبة من الحناجر.... والافكار تتدفق الى حد البكاء.. الرصاص يئزّ فوق الرؤوس، والزمن يسيل كالدماء..

حط هناك......... في ساحة التمثال.. في دهاليز التأمل.. في الكوخ الذي زُفت فيه شهرزاد..

جلستُ تحت شجرة التوت.. وشربتُ كوبا من التراب.. فسال في روحي الوطن، وبزغ وجه عشتار..........






 

Counters