مزهر بن مدلول

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

                                                                                    الخميس 12/7/ 2012

 

الانصار يحتفلون ايضا بذكرى ثورة 14 تموز

مزهر بن مدلول

من تلك الجبال التي تثير الدهشة في نفوس الذين يتأملونها، يتدفق الجمال كما يتدفق الفرح في وجه امرأة عاشقة!..

في ذلك المكان ينهمر ضوء الخريف الجميل وعتمته القاتمة في آن معا.. بساتين خضراء على السفوح، ينابيع تفيض صفاءا، طيور تحلم، وشباب مقاتلون كأنهم النسيم الذي يغمر الوديان..

هؤلاء مخطوفون بحب الوطن، منهمكون بالأمل الذي يمنحهم القدرة على الاستمرار، فيبتسمون في وجه الحياة رغم عذابها وعصيانها في اغلب الاحيان..

انهم ليس فقط يحملون البنادق، وانما يقتفون اثر البلاد ويحتفظون بصفاء صورتها، صورة حمامة عشتار في منقارها غصن الزيتون الاخضر..

هؤلاء كانوا يبحثون عن لحظة الفرح، يستدرجونها من اعماق وحشة المكان ومن بين قذائف مدفعية النظام وصواريخ الهوكَر هنتر (الذبّانة)! التي طالما باغتت افراحنا..

ورغم ان تلك اللحظة انتهازية لعوب!.. لحظة فقدتْ حيائها وتجاوزت الحدود في وقاحتها!، لكنها جاءت رغم انفها!، ففرشنا لها القلوب! وعبّدنا لها طريق السعادة ووضعنا لها لجاما لكي لاتضيّع هدفها!.

وعن لحظة الفرح هذه، كان لي هذا اللقاء مع بعض الانصار الشيوعيين لأسالهم عن طريقة احتفالاتهم بالرابع عشر من تموز وكيفية احياء طقوسها في ظروف القتال والجبال والتضاريس الصعبة :

عبد الرحمن الخالدي
يقول الرفيق عبد الرحمن الخالدي (ابو ايار): ان ذكرى ثورة الرابع عشر من تموز لم يكن حدثا عابرا في حياتي كما انه ليس عابرا في حياة جميع الناس الوطنيين، لما لهذه الذكرى من اهمية تاريخية واجتماعية ذات تأثير كبير في المجتمع العراقي، لذلك لايمكن ان تمر هذه الذكرى دون ان نحتفي بها رغم الامكانيات المتواضعة والبسيطة في ظروف الحرب القاسية، فكنا دائما نتهيأ لهذه المناسبة ونضع برنامجا احتفاليا لها اذا كانت جبهات القتال هادئة، ولكننا وفي نفس الوقت نقيم احتفالا رمزيا بالمناسبة في حالات اشتداد التوتر العسكري واستهداف مقراتنا بقذائف المدفعية. فقد كان الانصار الشيوعيين يضعون كل طاقاتهم الابداعية من اجل ان يصنعوا الفرح والبهجة في قلوب بعضهم، فيبتكرون الادوات البسيطة التي تؤدي الغرض وتساهم في احياء حفلة متواضعة، ويبادر البعض من يتمتعون بموهبة الغناء والعزف والرقص في احياء السهرة، كما ان هناك ايضا وفي كثير من الاحيان تبادر الادارة في السرية او في الفصيل الى عمل وجبة طعام متميزة للرفاق وعلى الاغلب يكون فيها لحم، واللحم وجبة نادرة هناك وليس بالسهولة الحصول عليه، اما اذا كانت وجبة اللحم غير ممكنة فيكون الاحتفال بوجبة من الشاي اضافية مثلا، وهكذا نحاول بطريقة وباخرى ان تكون ليلة الاحتفال مميزة حتى لو باشياء بسيطة، ولكن الاهم من ذلك كله، هي الألفة والحميمية في العلاقات التي يتميز بها الانصار في هذه المناسبات القليلة التي تجمعنا تحت سقف واحد لفترة قصيرة.
 

عادل حسين
اما الرفيق عادل حسين (ابو كاوة) فيتحدث عن المناسبة وكأنها على بعد خطوات منهُ، فهو يتذكر تماما فرح الناس في ذلك الوقت ويتذكر كيف وئدت الثورة ومافعله الحرس القومي من افعال مشينة، ومازال ابو كاوة الى الان يحتفظ في ذاكرته بتلك الصور، الجميل منها والقبيح!، اما في كردستان فيقول عن المناسبة:

رغم الحياة الفقيرة والقاحلة هناك، ورغم الحرمان من ابسط مستلزمات الحياة الطبيعية، لكننا لانفوت فرصة الاحتفال بكل مناسبة وطنية ومنها مناسبة الرابع عشر من تموز، فهناك من يلقي قصيدة ومن يزغرد ومن يغني ويرقص، انها ذكرى عزيزة على قلوبنا ونستمد منها القوة والعزيمة في مقارعة النظام الديكتاتوري، كما انها مناسبة تجعلنا نشعر وكأننا مع اهلنا وبين مواطنينا.

وتختلف الاحتفالات من مكان الى اخر ومن ظرف قتالي الى اخر، فهي تكون اكثر بهجة في الاحوال الهادئة والاعتيادية وتكون اقل حيوية في ظروف المعارك والقصف المتواصل، علما بان النظام يستهدفنا بقسوة في مثل هذه المناسبات محاولا قطع صلتنا ومنع فرحتنا بها، اما في  المفارز والتنقل من مكان الى مكان فنادرا ماتكون هناك احتفالات بهذه الذكرى وتكتفي بعض المفارز باطلاق النار في الهواء تعبيرا عن الابتهاج.
 

نصال عبد الكريم
اما النصيرة الفنانة (نضال عبد الكريم)، فترى ان الاحتفال بمناسبة الرابع عشر من تموز وجميع المناسبات الوطنية الاخرى في الجبال، هي بمثابة استدراج للمشاعر والاحاسيس الجميلة التي اخذت تصدأ سنة بعد اخرى بسبب الظروف القاسية التي كنا نعيشها، ولكن وعلى العموم فان هذه المناسبات مهما كان شكل استحضارها ومهما كانت بساطة الاحتفال بها، فأنها تستفز في داخلنا الحنين الى الماضي وترسم على شفاهنا البسمة والامل، كما ان للنصيرات دورا كبيرا في احياء هذه المراسيم وادارتها بشكل لائق وجميل، لما لهن من قدرة في صناعة الزينة من الادوات البسيطة المتوفرة في الطبيعة.

 

 

 

 

free web counter