| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

                                                                                  الأثنين 9/4/ 2012

 

ذكرى تأسيس حزب الشغيلة وتطورات المرحلة

مصطفى محمد غريب

تمر الذكرى ( 78 ) المجيدة على تأسيس الحزب الشيوعي العراقي في ظروف غير طبيعية تعيشها البلاد، يحتكم فيها الصراع غير المبدئي الذي هو بالتأكيد ضد مصالحها ومصالح الشعب العراقي، هذا الصراع الذاتي بين القوى صاحبة القرار من جهة ومن جهة ثانية القتل المبرمج الذي أصبح بحكم الواقع الصعب مشروعاً استخدمته وتستخدمه القوى الإرهابية والمليشيات المسلحة، بينما تتفاقم الأزمة الحادة بين ائتلاف دولة القانون والعراقية من جهة وبين دولة القانون والتحالف الكردستاني من جهة ثانية بدون آفاق قريبة لإيجاد حلول منطقية تجنب الشعب من مخاطر عديدة في مقدمتها التقسيم والحرب الأهلية وتدمير الاقتصاد الوطني، فضلاً عن إراقة دماء المواطنين من مختلف الفئات والقوميات والأديان والاعراق، ولا بد من التذكير والإشادة بمواقف الحزب الشيوعي العراقي من هذه الأزمة العميقة وغيرها من الأزمات، فلقد قدم العديد من المشاريع والمقترحات والمذكرات التي تهدف إلى تخليص العملية السياسية من مثالب وأخطاء وتراجعات بالامكان معالجتها إذا ما وجدت النوايا الوطنية التي تتحمل المسؤولية المزدوجة تجاه الوطن والشعب العراقي، أما مشروعه الذي حدد أوليات الحلول "مشروع الحزب للخروج من الأزمة الراهنة في البلاد " فهو أكد فيه حول مسار العملية السياسية وتحذيراته من القوى الإرهابية والمليشيات المسلحة مع ضرورة التخلص من النهج الطائفي بتبني النهج الوطني الذي ينتهج روح المواطنة العراقية لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية التعددية الفيدرالية.

وبقى الحزب الشيوعي كعهده وطنياً واممياً، ومثلما لعب دوراً مسؤولاً في التاريخ السياسي منذ تأسيسه عام 1934 وفي جميع العهود السابقة فهو ما زال يلعب ذلك الدور الهادف إلى إنقاذ البلاد من التدهور السياسي والاقتصادي والأمني إضافة إلى مهماته الأخرى وحرصه الوطني ونضاله من اجل إنهاء الوجود الأجنبي وكرس في هذا المجال جهوداً غير قليلة وما موقفه الرافض للاحتلال إلا امتداداً لمواقفه التأريخية بالضد من شن الحرب بحجة إسقاط النظام السابق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وكان يدعو دائماً إلى تشكيل جبهة وطنية عريضة للتخلص من النظام بدلاً من التدخل الخارجي، ولم يقتصر دوره على التحذير منها فحسب بل أشار إلى أبعادها المستقبلية والى النتائج الحتمية للاحتلال والحرب وما ستخلفه من مآسٍ وويلات يدفع الشعب العراقي ثمنها من عرقه ودمائه وهو ما حدث.

اليوم يجدد الحزب الشيوعي رؤيته للأحداث من منظار واقعي وتاريخي بالاعتماد على التحليل العلمي والاستنتاج المنطقي للتطورات التي عمت العراق والمنطقة وما يشهده العالم ذو القطب الواحد من تحولات جديدة بما فيها عودة روح العدوان والعسكرة والاحتلال، فهو لم يكن معزولاً عن الأحداث والمستجدات والجماهير وبلور مواقفه من العملية السياسية الحالية ارتباطاً بمصالحها ومصالح البلاد. وتلخيصها من النهج الطائفي الذي أصبح قاعدة رئيسية تقف عليها العملية السياسية فضلاً عن المحاصصة الحزبية الضيقة التي جرت وفق المصالح الأنانية مما أدى بالنتيجة إلى التدهور الحاصل في جميع مرافق البلد والحق خسائر كبيرة بالاقتصاد الوطني وانعكست نتائجه على مجمل الحياة المعيشية للجماهير الكادحة.

إن الحزب الشيوعي ووفق منظاره الخاص والعام برهن على أن المركز البرلماني أو الحكومي على الرغم من أهميته لكي يؤدي دوره البناء لا يمكن أن يكون حاجزاً بينه وبين نضاله من اجل مصالح شغيلة اليد والفكر، ولقد حُرم من ذلك بعدما سن قانون الانتخابات الحالي غير العادل، ومع كل الضغوط والدعايات المغرضة التي تحاول الحد من نشاطه وبالإضافة إلى مشروعه الوطني والعمل بين الجماهير، فقد عقد مؤتمره الثامن في بغداد في عام 2007 لتسليط الضوء على ما نتج عن ذلك المؤتمر من استنتاجات وقرارات ومقترحات، في مقدمتها العمل الجدي لإنهاء الاحتلال والتخلص من المحاصصة الطائفية والحزبية ثم مشروعه الذي أعلنه حول مصالح الجماهير وتحسين ظروفهم المأساوية.. وها هو اليوم ومنذ فترة ليست بالقصيرة يعلن عن نيته المباشرة في عقد مؤتمره التاسع بعدما نشر مسودتي"البرنامج الوطني والنظام الداخلي" بشكل علني في وسائل الإعلام طالب فيه تقديم الآراء والملاحظات والمقترحات ليتسنى استكمالهما ونقلهما إلى المؤتمر التاسع لمناقشتهما بشكل ديمقراطي صريح ثم إقرارهما، ومن يطلع على المشروعين سيجد فوراً العقلية الوطنية والديمقراطية التي تحاول تثبيت أسس صحيحة للبناء والتقدم، وهكذا تظهر العلاقة الجدلية ما بين الوثائق منذ المؤتمر الأول وما تلاه من مؤتمرات وحتى وثائق المؤتمر التاسع ما بين ما هو خاص وما هو عام مع تطور ملحوظ في مفهوم "الديمقراطية والتجديد" التي تبناها المؤتمر الخامس في اربيل عام 1993.

فلهذه الذكرى العطرة ألف تحية ولكل من يحمل راية الشغيلة عالياً ولبناء الوطن الحر وإنقاذه مما هو عليه وسعادة الشعب في تكريس الاعتراف بحقوقه المشروعة القومية والدينية والعرقية ومن اجل الديمقراطية والحريات العامة واحترام حقوق الإنسان والرأي الآخر وهي أمانة في عنق الشيوعيين العراقيين، وتخليدا لأولئك الشهداء الذين سكوا الدرب بتضحياتهم وبدمائهم الزكية نحو مستقبل إنساني تقدمي اشتراكي يحقق العدالة الاجتماعية..



 

free web counter