| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الجمعة 8/8/ 2008



التحالفات الطائفية طريق مظلم لا مستقبل له

مصطفى محمد غريب

هل طريق الائتلافات والتحالفات على أساس طائفي يدل على العافية السياسية ؟ ولماذا كنا ضد المحاصصة الطائفية والقومية الضيقة وما زلنا؟

منذ البداية قلنا أن هذه التحالفات لا مستقبل لها ولن تصمد أمام المحن والمستجدات السياسية وأكدنا في الصريح من العبارة والشرح المستفيض بأننا ضد المحاصصة الطائفية باعتبارها غير صالحة لعلاقات مستقبلية بين القوى المتحالفة ولن تستطيع تسير العملية السياسية بسبب تناقضانتها الداخلية وخلافتها مع القوى الوطنية واعربنا عن تشاؤمنا وعدم ثقتنا بها لأنها ستفشل في أول امتحان صعب لها وكنا محقين تقريباً أن هذه التحالفات وبهذا الشكل لن تستمر وسوف يصيبها التصدع والانشقاق وبالتالي ستؤدي إلى تعقيد الأوضاع السياسية أكثر مما هي عليه ودعونا إلى قيام تحالفات على أساس وطني ووفق برامج وأهداف تخدم التوجه لبناء الدولة المدنية الديمقراطية وها نحن نرى اليوم نتائج التحالفات الطائفية على المحك مثل الحرث في الريح حيث بدأت ومنذ فترة قصيرة التداعيات والخلافات ثم التفكك الطبيعي لهذه الكتل التي اتفقت على نهج المحاصصة فالائتلاف العراقي الموحد الذي كان يضم العديد من الأحزاب والكتل والشخصيات وله الأكثرية في البرلمان راحت بعض القوى تخرج منه معلنة عدم الارتباط به وفي مقدمتها الكتلة الصدرية التي لها حوالي 33 عضواً في البرلمان وحزب الفضيلة والعديد من الشخصيات المستقلة مع الإعلان عن قيام كتلة التضامن أما التصويت على مشروع قانون انتخابات مجالس المحفظات وحول كركوك بالذات فقد كان العامري الذي يقود منظمة بدر (فيلق بدر سابقاً ) قد بقى ولم ينسحب مع كتلته وعلل ذلك بوجود خلاف مسبق بينه وبين البعض حول العديد من القضايا أما جبهة التوافق فان الصراع على المناصب الوزارية وفي المواقف السياسية الأخرى أدى إلى تشكيل كتل وخروج شخصيات مستقلة كما جرت اصطفافات حتى داخل الأحزاب المكونة للتحالفات حيث انشق عنها العديد من قادتها وشكلوا كتلاً أخرى من داخل البرلمان ومن خارجه ، لقد أثبتت التجربة فضلاً عن قوة المنطق أن هذه التحالفات لا يمكن الاعتماد عليها لأسباب كثيرة في مقدمتها المصالح الطبقية والاجتماعية المختلفة وهذا الشرط يعتبر من الشروط الرئيسية لاستمرار أي تحالف على أساس البرنامج والأهداف القريبة والبعيدة وقد ينتهي التحالف عندما يتم الإخلال بهذا الشرط من خلال الممارسات السياسية الفعلية وهو ما حدث للقائمة العراقية مع العلم أن هذه الأخيرة لم تكن تحالفاً طائفياً، أما التحالف الكردستاني وهو أفضل تحالف موجود بسبب علمانيته ورفضه للدولة الدينية وكان من الطبيعي التحالف مع القوى الوطنية والديمقراطية وقوى تؤمن بالدولة المدنية التعددية وعلى الرغم من نواقصه وفي مقدمتها مسايرته مع المحاصصة الطائفية فقد بدأ العد التنازلي لعلاقاته مع قوى كانت بالأمس القريب في الائتلاف العراقي الموحد وأصبحت بالضد منه، إلا أن ما يحير في موضوعة التحالفات الطائفية أن البعض ممن يعلن انه ضدها ما زال متمسكاً بها على الرغم من معرفته الحقيقية بأنها هي التي جلبت الويلات والمآزق واستفحال ألازمات وتشعبها ففي مقدور أي إنسان وطني أن يضع النقاط على الحروف عندما يتذكر البداية وتشكيل مجلس الحكم وسياسة الحاكم المدني الأمريكي بريمر ثم السير على تلك الخطى التي بعثرت البلاد وبعثرت الجهود المخلصة لبناء الدولة المستقلة وإخراج الجيوش الأجنبية، من هؤلاء الذين يرفضون في الظاهر المحاصصة ويقفون بالضد منها أكثرية الموقعين على مشروع قانون مجالس المحافظات وبخاصة المادة 24 من مشروع القانون الذي كان خرقاً للدستور ومحاولة لإعاقة تطبيق المادة 140 فهم يريدون تثبت المحاصصة قانونياً من خلال تقسيم كركوك إلى أربع مناطق نفوذ قومية وعرقية ودينية بحجة أن كركوك لها خصوصية في التكوين مثل العراق وإذا كان الحال كما يرون فلماذا لا يطبق القانون على العراق ككل؟ ويقسم مثلها على أساس شيعة وسنة وعرب وكرد ومسلمين وتركمان وكلدو اشوريين وآزيديين ومسيحيين وصابئة وهلم جراً ووضع نسب لكل تجمع موجود مثلما وضعوا النسب على كركوك، ثم هل كركوك هي المحافظة الوحيدة التي تتعايش فيها مختلف القوميات والأديان والأعراق؟ فلماذا لا يطبق قانون آخر على الموصل وبعقوبة وبغداد مثلاً؟ ففي بغداد ما يقارب أكثر من نصف مليون كردي ونسب كبيرة من التركمان والمسيحيين بمختلف مشاربهم وغيرهم، أم لأن العرب هنا هم الأكثرية ؟ وهو حس قومي متطرف ومعه حساسية بعض الأحزاب التركمانية المرتبطة خارجياً وهي بالضد من مصالح التركمان، أم السبب الأهم الذي ليس له ارتباط بكل الادعاءات هو وجود النفط ومعه سبب آخر يهدف إلى عرقلة مشروع منح القوميات الحقوق المشروعة وخلق حالة من عدم الاستقرار وخلق مزيداً من المشاكل لتفجير الأوضاع الداخلية.

لقد زكت الحياة رأينا بخصوص أضرار المحاصصة و أثبتت الخمس سنوات المنصرمة أن طريق المحاصصة الطائفية والحزبية أي نوعها فاشل وقصير فسرعان ما تتصادم المصالح على أرضية الفائدة الحزبية أو الطائفية وتتحول التحالفات ليس فقط إلى خلافات نظرية وفكرية بل إلى صراعات مسلحة عنفية كان وما زال وقودها المواطنين الأبرياء، وبدلا من هذه الصراعات غير المبدئية فإن الطريق الأسلم هو العمل بطريقة التوافق على الرغم من انه ليس المشروع الوطني الديمقراطي واعتباره أفضل من طريق المحاصصة وتكتيكاً يخدم المرحلة الراهنة التي يجري فيها إعادة بناء المؤسسات بشروط المواطنة عراقية ليس لها صلة بالمحاصصة وبعد إنجاز هذه المرحلة والاعتماد على ألذات بما فيها عدم التدخل في الشؤون الداخلية من قبل بعض دول الجوار وبعد إنجاز مرحلة التوافق السياسي يجري :

1ــ التخلص من المحاصصة أي كان نوعها بشكل تام
2ـ الرجوع إلى مبدأ الأكثرية في البرلمان كما هو في الكثير من بلدان العالم المتقدمة

وهما شرطان ضروريان لتثبيت دعائم الدولة الديمقراطية التعددية بدستور يجمع بشكل منضبط ما بين الحقوق والواجبات وعلى أساسه تسن بقية القوانين التي تتكفل بتأمين أكثرية المستلزمات الحقوقية للمواطنين بما فيها تامين الحريات للجميع وبدن أية معوقات واحترام حقوق القوميات والأديان وفي مقدمتها حقوق الإنسان.


 

free web counter