|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء 8/8/ 2012                               مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مخاطر التهديد بالسلاح الكيميائي والبايلوجي

مصطفى محمد غريب

لقد عانينا نحن العراقيون وبالأخص إقليم كردستان من الأسلحة الكيماوية التي كانت بحوزة النظام السابق ودفعنا ثمناً باهظا لعنجهية صدام حسين بتصريحاته عن الكيمياوي المزدوج وتهديداته بمحو نصف إسرائيل ،بل طبق تهديداته بصدق وضرب مدينة حلبجة وأهلها الكرد المسالمين ومناطق أخرى من بينها مواقع قوات الأنصار للحزب الشيوعي العراقي وباقي الأحزاب فكان بحق في قمة النذالة من رئيس بلاد يضرب شعبه ليس بالأسلحة التقليدية فحسب بل بأسلحة الدمار الشامل، ولم يشهد التاريخ قائداً أو زعيماً أن وَجّه حقد تجاه شعبه بهذا الشكل الشاذ عن القيم الإنسانية بما فيها الشرائع الدينية وما يحمل من كراهية مزدوجة للوطن وأكثرية شعبهِ إلا اللهم نيرون الطاغية الذي حرق روما وهو يعزف القيثارة تلذذاً حسب ما قيل عنه، ومن ذلك التاريخ المؤلم الذي راح ضحيته الآلاف أصبح العراق قُبلة للاحتلال لحماية أمن إسرائيل والمصالح الأمريكية الثابتة وهذا ما حدث عندما دخل المارينز الأمريكي في 9 / 4 / 2003 وكأنما التاريخ يعيد نفسه ولكن بأشكال مختلفة، فاحتلال بغداد للمرة الثالثة يعيدنا لتذكر ما جاء في كتب التاريخ عن سقوط بغداد عام ( 1258 ) بيد المغول وبخيانة الوزير العلقمي، وفي عام ( 1920 ) دخل الجنرال الإنكليزي مود إليها محتلاً، وهكذا وللمر ة الثالثة احتل العراق كله بحجة أسلحة الدمار الشامل المحرمة دولياً والتي اعترف صدام حسين بعظمة لسانه عنها وكان ما كان.

اليوم وبشكل يعيد لأذهان كل إنسان شريف مأساة العراقيين جراء تسلط وإرهاب النظام السابق ونتائج الاحتلال الأمريكي وما سببته سياسة المحاصصة الطائفية من أذى وتفرقة بين المواطنين العراقيين، وفي خطوة مفاجئة اعترف النظام السوري بامتلاكه أسلحة كيماوية وبيولوجية بل أضاف حسب وسائل إعلامية رسمية بأنها ستستخدم " ضد إي تدخل خارجي على البلاد " وهذا أمر خطير وبخاصة أن سوريا لم توقع عام ( 1992 ) على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، أما المخاوف الأخرى ليس من استعمالها من قبل قوات النظام السوري بل من ما بعد هذه المرحلة، فهناك احتمالات كثيرة ودعايات يروجها البعض ومنها إذا ما سقط النظام وسيطر الجيش الحر على السلطة وحسب التقارير الرسمية وجود تنظيمات تكفيرية وتنظيمات إرهابية تتحرك بحرية في هذه الظروف، وبالأخص أن هذا التنظيمات تحاول ومنذ زمن امتلاك مثل هذا السلاح الفتاك لاستعماله في أي مكان وخاصة في العراق وهذا ليس بالمستحيل في ظروف الفوضى التي تعم سوريا وعدم قدرة النظام السوري وقواته السيطرة على الوضع الأمني مثلما كان سابقاً، وقد تتحرك في الوقت المناسب قوى من داخل النظام وبعدما ترى خسارتها وفقدانها للامتيازات الواسعة وتسلم البعض من الأسلحة الكيمياوية إلى القوى الإرهابية والقوى المتطرفة متمثلة بالقول " عليَ وعلى أعدائي " وهنا تكمن خطورة الأوضاع ليس على سوريا أو العراق فحسب بل المنطقة برمتها، وليس من المستبعد أن تندلع شرارة الحرب الشاملة بما فيه تدخل إسرائيل وإيران وكلنا نعرف أن لهؤلاء حلفاء ومناصرين داخلياً وخارجياً.

نحن نعرف جيداً العلّة الحقيقية للبعض من الحكام العرب والمسلمين وكأنهم لا يرون ما يدور حولهم وفي العالم، وكأنهم يعيشون ظرفاً استثنائياً هم قاعدة له ويتصرفون على أساس أنهم باقون وخالدون مدى الزمان، وكأنهم لم يدركوا أن هذا البقاء الخالد عبارة عن كذبة، ولمجرد أن يواجهوا حقيقة الرد والرفض الجماهيري لا يتورعون في الخوض بدماء حتى الأبرياء من المواطنين على أمل استمرارهم في الكرسي بدون رادع ضمير، ومثلما يقال وهم كاذبون " مخافة الله والله بريء منهم ومن جرائمهم" وإذا نتتبع القتل المبرمج على الصعيد الرسمي وغير الرسمي الذي يقتل المعارضين فيه بشكل علني وسري وتحت عشرات الحجج الواهية لتيقنا أن هؤلاء الحكام والتنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة للقتل على الهوية لا يتورعون عن ممارسة أي رذية يزينونها بالقانون أحياناً والمصالحة العامة وامن البلد أو بالدين والشريعة أحياناً أو الحفاظ على التقاليد التي يصورونها وكأنها جزء من الأيمان والدين، متصورين أن الناس سيبقوا مصدقين هذه الترهات، وفات عن بالهم أن هؤلاء الناس عرفوا أن القتلة والمجرمين ليس لهم أية علاقة لا بالقانون ولا بشرائع السماء، ولهذا من يصنع أو يستخدم الأسلحة التقليدية من اجل البقاء في قمة السلطة لا يختلف عن الذي يصنع ويستخدم الأسلحة المحرمة دولياً فكلا الصنفين صنعا بهدف القتل وان قيل عن الصنف الأول للدفاع فمن يطلق النار على الناس العزل هدفه القتل وليس الدفاع عن مئات الآلاف من المواطنين المحرومين من ابسط سبل العيش والبقاء.

إن تصنيع وإنتاج واستخدام الأسلحة الكيمياوية والبايلوجية والنووية جريمة بحق الحياة، بحق البشر بحق الحيوانات والحشرات والأشجار والزرع والمياه والبحار وما بداخلها فأي جريمة تضاهي هذه الجريمة، ولهذا نقول إن الدول الإمبريالية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية تتحمل المسؤولية التاريخية لتصنيع وتطوير واستخدام هذه الأسلحة، ومن الطبيعي جداً أن تنتقل هذه الآلات الجهنمية إلى الدول الأخرى فبعد صنع القنبلة النووية واستخدامها في اليابان والحرب العالمية شبه منتهية دُفع الاتحاد السوفيتي السابق بإنتاجها مخافة من استعمالها ضده ثم انتقل التصنيع إلى بريطانيا وفرنسا ثم الصين الشعبية ولا بد من الإشارة وحسب وسائل إعلام ومصادر رسمية امتلاك إسرائيل لهذه السلاح الفتاك وأخيراً فقد حصلت عليه الهند وباكستان وكوريا الديمقراطية وها هم حكام إيران يسعون للحصول عليه وهناك احتمالات عديدة أن تسعى دول أخرى لامتلاكه وقد يكون استعماله ليس ضرباً من الخيال، أما أسلحة الدمار الأخرى الكيمياوية والبايلوجية والنابالم والمزدوج على قول الهمام صدام حسين فان عدد الدول التي تمتلكه غير معروف والمسؤولية تقع على عاتق الدول الرأسمالية الكبيرة التي تهيمن على اقتصاديات وأسواق العالم أيضاً في تصنيعه وإنتاجه واستخدامه، والعودة للحرب الفيتنامية فسوف ندرك أن أمريكا استعملته على نطاق واسع كما استعمل النابالم في العديد من مناطق العالم بما فيها العراق.

ـــ هل سيستعمله النظام السوري فعلاً؟ سؤال من الصعب الجواب عليه لكن إذا ما تعرضت سوريا مثلما الحال في ليبيا إلى تدخل خارجي ـــ هل سيبقى الأمر معقولاً بعدم الاستعمال أم أن مبررات استعماله ستكون أقوى؟ والسؤال الآخر والأهم ـــ هل ستستخدمه إذا استطاعت المنظمات التكفيرية والإرهابية والقوى المتطرفة التي تتضرر من رحيل النظام والتي تتحرك في العديد من المواقع في سوريا ؟ الجواب وبكل صراحة ـــ نعم ونعم وبالتأكيد نعم، فالتجربة في العراق وغيره من البلدان بما فيها دول غربية تبرهن إن لا محدودية للتدمير والقتل بالجملة من خلال عملياتها الإجرامية وتفجيراتها المختلفة واستعمال مختلف السبل لتدمير وقتل اكبر عدد ممكن من العراقيين ومن مختلف مكونات الشعب عرب وكرد وتركمان وكلدو آشورين إسلام ومسيحيون وصابئة وأزيديون، شيعة وسنة وغيرهم، وليس كما تدعي أنهم بالضد من الشيعة فقط، وما تفجيرات دمشق على الرغم من الادعاء أنها موجهة لدوائر أمنية رسمية فان العشرات من السوريين الأبرياء راحوا ضحيتها والكل يعرف أن السنة يشكلون حوالي 85% من الشعب السوري، إذن ـــ هل سيستعمل هذا السلاح المحرم ضد أية معارضة سورية تخالف توجهات وأهداف القوى الإرهابية بعد رحيل نظام بشار الأسد؟ الجواب بالتأكيد ـــ نعم وثم نعم..

وبهذه الحالة يجب على الذين يدركون هذه المخاطر وبخاصة الضباط والجنود وهم الأكثر والسياسيون الوطنيون وكل الشرفاء السوريون الحريصون على سوريا وشعبها أن يحافظوا على هذا السلاح الخطير الذي سيتوجه أليهم قبل غيرهم وسيجعل سوريا هدفاً للتدخل والاحتلال فضلاً عن المخاطر التي ستلحق بدول الجوار دون استثناء وسيكون حجة قوية بيد حكام إسرائيل ودول الناتو في شن الحرب وبأي حجة ؟ حجة أسلحة الدمار الشامل ومخاطره على امن واستقرار وسلام المنطقة والعالم، لقد عانينا نحن العراقيون من الحجة الموما إليها على الرغم من تخلص النظام السابق منها حسب نتائج البحث الدقيق بعد الاحتلال، وكانت بلادنا هدفاً للاحتلال والتدمير ثم المحاصصة التي أصبحت سمة من سمات العداء والاستقطاب ثم مرتعاً للقوى الظلامية التي تجاهد إلى إرجاع البلاد للعصور المظلمة.

 

 



 

 
 
 
 
 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter