| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

 

الأثنين 6/11/ 2006

 

 

الأزمة والحرب الأهلية الطائفية

 

مصطفى محمد غريب

جرى تناول ألازمة الحالية التي تعصف بالبلاد والحرب الطائفية الأهلية أو حرب المليشيات المسلحة من قبل بعض المحللين والسياسيين " وبالرغم من كرهي وقرفي للتسميات الطائفية " وكأنها حرباً بين الشيعة والسنة بشكل عام وواسع، أي بالمعنى أنها حرباً طائفية في جميع المواقع والمناطق، وتوصل البعض مؤكداً بأنها واقعة فعلاً على الرغم من تصريحات المسؤولين والبعض من خارج الحكومة أنها حرباً محدودة وليس على نطاق واسع وشامل .

بالحقيقة ليس بمقدور أي عاقل إنكار الأزمة التي تتفاقم كل يوم والحالة المزرية والوضع المأساوي الذي تعيشه الجماهير العراقية بمختلف الانتماءات الدينية والعرقية والسياسية والقومية وما تعاني من تدهور مستمر في الأوضاع المعيشية والأمنية ومن الحرب والقتل على الهوية والصراعات الدائرة لأهداف ضيقة لأن الجميع (وأقصد هنا أكثرية الشعب العراقي) تبدو مستهدفة لزجها في حرب طائفية قذرة لا يستفيد من إشعالها إلا أولئك الذين يسعون جهد إمكانياتهم من أجل عدم استتباب الأمن وبقاء متعددة جنسيات ليتسنى لهم تمرير المشروع الكبير والخطير وهو التقسيم الجغرافي الطائفي بحجج غريبة وبعيدة كل البعد عن العقل والمنطق، وانطلاقاً من الواقع والوقائع والصراعات الحزبية وبخاصة الأحزاب الدينية السياسية من جميع الأطراف أن الذي يجري الآن هو حرب بين هذه الجهات لجر الجماهير خلفها للوصول إلى الحرب الشاملة ومنها تأتي خطورة الوضع، فلحد الآن بقت هذه الحرب محصورة بين الأحزاب والمليشيات والقوى الإرهابية بما فيهم فلول النظام الصدامي، هذه المجاميع التي تبذل جهوداً غير طبيعية للهيمنة على الجماهير بالنفس الطائفي التحريضي أو دجلاً وخداعاً الوطني والقومي وهي تتناسى أنها قادة البلاد ( منذ انقلاب شباط الدموي عام 1963 حتى السقوط والاحتلال ) ولم تحقق لا المشروع الوطني أو المشروع القومي التي تطرح شعاراته الآن وبعد خراب البصرة، إلا أن أعداد الضحايا المتزايد من الأبرياء ممن يسقطون في كل يوم يدل على مدى استهتار هذه الأطراف بأرواح الناس وبالقيم الوطنية والقومية والدينية الشريفة والروح الإنسانية والاختلاف الجوهري ما بين أعمالها الوحشية والدموية ووصايا الدين الإسلامي أو الأديان الأخرى، وإذا ما استمر الحال على هذا المنوال وعدم وجود القدرة الفعلية لوضع حلول واقعية وسريعة ومن منظور وطني للأزمة الحالية ولتطبيق القانون والنظام لحماية أرواح الناس والتخلص من الاضطرابات الأمنية وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة بين جميع الأطراف (طبعاً ما عدا المجرمين الذين استهدفوا الجماهير وتلطخت أيديهم بدمائها) فان ذلك لن يبقى محصوراً بين هذه الأطراف بل سوف يأخذ بالتوسع وعند ذلك قد ينتقل الحال إلى الاسوء حيث يؤدي ليس إلى تقسيم العراقي سكانياً فحسب بل جغرافياً أيضا حيث تعيش كل جغرافيا فيه حسب أهواء ومصالح وسياسة هذا الطرف أو ذاك بدون النظر إلى مصلحة البلاد ووحدتها، ومع كل هذه التداعيات والآراء التي تطرح وهي منقسمة ما بين وجود الحرب الأهلية الطائفية الشاملة وبين اعتبارها بين الأطراف والمليشيات المسلحة غير القانونية والتي تحمل فكراً طائفياً تحاول من خلاله الانتقام من الأعداء ولا نعرف في الحقيقة من هم هؤلاء الأعداء ! نجد أن بعض المسؤولين في الإدارة الأمريكية يغذون الاتجاهين بمختلف التصريحات غير السليمة والمتناقضة وقد نسوق تصريحاً أطلقه نائب مدير الاستخبارات في القيادة المركزية الجنرال " نيل دايل " بان القتال الدائر بين هذه المجموعات هو عنف بين السنة والشيعة كأنه يؤكد أن العنف الحالي هو شامل بين فريقين لا استثناءات فيه وبمجرد قراءة الواقع نجده يتناقض مع نفسه حيث يشير في الموضوع نفسه أن العشائر في الانبار تنظم نفسها وتقاتل القاعدة ومنعها من دخول مناطقها وكما هو معلوم بان تنظيم القاعدة ليس تنظيماً شيعياً. أما التصريحات الطائفية والذين يغذون الحقد والعداء فهي كثيرة وتصب بالمجرى نفسه.

الحرب الطائفية الأهلية الشاملة التي يحلم بها أعداء الوحدة والاستقلال والديمقراطية على الأبواب بسبب الممارسات غير المسؤولة من قبل البعض من داخل السلطة أو من خارجها وستكون وبالاً على الجميع ولن يسلم أحداً من شرورها لكن الغباء كل الغباء لمن يصور الانتصار دائما وكأنه بحد السيف والعنف والقتل والتصفيات يكمن الأساس للهيمنة وإخضاع الآخر لمشيئة المنتصر والادعاء بالانتصار كذبة يُجيدها البعض من القادة العرب وبعض المسؤولين العراقيين وفي الذاكرة صدام حسين وكيف كان حكم التاريخ عليه.. فهل تفيد العضة والعبرة؟