نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

 

السبت 5/8/ 2006

 

 

الفدرالية الطائفية طريقاً يؤدي للحرب الأهلية وتقسيم العراق

 

مصطفى محمد غريب

عادت تصريحات البعض من قادة الائتلاف العراقي وعلى رأسهم نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ورئيس كتلة الائتلاف العراقي عبد العزيز الحكيم حول قيام فيدرالية الجنوب والوسط وبحجة عدم عودة الدكتاتورية والظلم وكأن الشعب العراقي بجميع أطيافه لم يكن يعاني من الإرهاب والقمع والتسلط أثناء سلطة صدام حسين وبهذه الحجة الهزيلة يحاول هؤلاء القادة جر البلاد من الأوضاع المتردية الحالية إلى أوضاع اشد تعاسة مما هي عليه الآن ولا نستبعد أبدا بأن هذا التوجه والتصعيد في هذه الظروف ما هو إلا تصعيد لإشعال حرباً طائفية تقوم على أساس مظلومية طرف دون الأطراف الأخرى .. ولا نعرف وبكل صراحة لماذا هذا الحث والضغط المستمر من قبل هؤل! اء القادة في هذه الظروف التي تحتاج إلى اللحمة دون التفرقة ، ظروف مسلسل التفجيرات والتفخيخات والعبوات الناسفة والقتل وإصابة الآلاف من المواطنين الأبرياء ويبدو أن كل ذلك لا يهز مشاعر الذين يدفعون بالأمور نحو الاسوء بحجة الحفاظ على الوحدة العراقية وعلى أعتاب هذا الوضع الخطير فقد صدرت تحذيرات غير قليلة من عراقيين مسؤولين وعرب وأجانب من خطر اندلاع حرب أهلية إذا استمر مسلسل القتل الطائفي وفي مقدمة هذه التحذيرات ما أعلنه الجنرال الأمريكي يوم الخميس أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأمريكي " في حال لم يتوقف ذلك العنف فان العراق قد يغرق في حرب أهلية " وفي هذا الخصوص فقد سربت الإذاعة البريطانية البعض من مذكرات السفير البريطاني المنتهية ولايته حيث أشار " كفة احتمال ! نشوب حرب أهلية محدودة وتقسيم العراق بشكل واقعي ربما تكون أكثر ترجيحاً من كفة التحول الناجح الكبير إلى نظام ديمقراطي مستقر في هذه المرحلة" ثم يضيف حول المليشيات ودورها في الانزلاق نحو الحرب الأهلية كونها تشكل دولة داخل الدولة ومن هنا تظهر خطورتها على الوضع الحالي.

أمام كل هذه التحديات وهذا الوضع المنفلت امنياً الذي يبدو على شفة حرب تؤججها قوى سياسية وعصابات مسلحة سياسية بعضها ذات نهج طائفي ومرتبطة بقوى خارجية تتحول دعوات بعض قادة الائتلاف العراقي وكأنها تسعير للوضع أكثر مما هو عليه وكلما تخف مثل هذه الدعوات والبدء في معالجة نواقصها بالوصول إلى التهدئة والحوار والمصالحة مع الذين لم تتلطخ أيديهم بدم العراقيين ، تتصاعد صرخات تشكيل فيدراليات على أساس طائفي تؤدي إلى تقسيم القومية الواحدة دون الشعور بالمصالح المشتركة والتداخلات العائلية والعشائرية وهي دائماً تعود بثوب جديد وخطاب سياسي يقفز على المراحل همه تحريك التعصب الطائفي وتشديد الخلافات لكي تصل الأمور إلى التطاحن بين الطوائف وبخاصة الرئيسية في البلاد وبال! تالي خطورتها القصوى على وحدة المجتمع وهدفها ليس مصلحة البلاد بل تقسيمها في آخر المطاف، ولا نعرف أيضا كيف يفكر هؤلاء وهم الذين عاشوا التجربة الإيرانية ومن اشد مناصريها لماذا إيران لا تمنح ابسط الحقوق القومية للقوميات غير الفارسية وهي بالضد من الفيدرالية مع العلم أن هناك مناطق كبيرة بمساحاتها ونفوسها تجمع قوميات وأعراق مختلفة مثل العرب والكرد والبلوش والتركمان وغيرهم؟ ولماذا يصر هؤلاء على هذا التقسيم الطائفي وهم يعلمون علم اليقين ان هناك في الطائفة نفسها التي ينتمون إليها العديد من القوى السياسية الوطنية الديمقراطية والقومية والقوى السياسية الدينية والملايين من المواطنين يعارضون هذا التقسيم ويقفون ضده باعتباره خطراً يهدد الوحدة الوطنية .

إن خطاب الفيدرالية الطائفي بهذا الشكل وفي هذه الظروف يأتي معاكساً لرغبات الملايين الملحة من اجل الاستقرار ونبذ العنف والتهجير الطائفي والخلاص من المليشيات وفرق الموت ومن عموم الإرهاب وإلغاء القوانين غير الديمقراطية التي صدرت في عهد الحاكم الأمريكي بريمر والحكومات التي تلته وبالتالي التخلص من القوات الأجنبية لكي يعود العراق حراً معافى وعند ذلك من الممكن أن تطرح العديد من القضايا بما فيها الفيدراليات أو المحافظات أو أي شكل وطني غير طائفي يؤدي إلى زيادة اللحمة وتحقيق البناء والاستفادة من ثروات البلاد لتطوير المناطق المتخلفة التي أصيبت بالأضرار بسبب السياسات غير العادلة للحكومات السابقة وبخاصة الحكم الشمولي السابق ومخلفات الاحتلال والفترة العنفية الرهيبة التي مازالت المعوق الرئيسي لحل المشاكل المورثة من السابق.

! كلما تهدأ الأمور وتخفت المطالبة بالتقسيم تبرز فجأة التصريحات والخطابات والتحليلات حول الفائدة المرجوة بما فيها تعزيز الديمقراطية والدفاع عن حقوق الطائفة وعدم الالتزام بالمركز الذي ربما ونقول " ربما " وعلامة استفهام كبيرة حولها، تعود الدكتاتورية إذا لم تتحقق الفيدرالية الطائفية ويعود الظلم مجدداً، مع العلم والجميع يعرف وقادة الائتلاف العراقي في مقدمتهم أن لا أحداً سلم من القمع والإرهاب مهما كان انتمائه الحزبي أو الديني أو القومي إلا جلاوزة النظام وأجهزته القمعية وهم من مختلف الفئات، فأين هي المعادلة؟ ولماذا هذا الإصرار بتقسيم المضطَهدين ومساواة الجميع مع الاستبداد ما عدا قسم يسير.