| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

                                                                                  الخميس 5/5/ 2011

 

هل حقاً أن المنطقة مُلْكٌ لإيران ؟

مصطفى محمد غريب

اطل علينا بقامته المديدة الجنرال الإيراني بتصريحات نارية تناقلتها وسائل الإعلام في يوم السبت 30/4/2011 بأن " جبهة الدكتاتوريات العربية " التي تعاديهم وكأنه يقول بأنهم الديمقراطيون الوحيدون في المنطقة وأن هذه المنطقة " كانت دائماً ملك إيران " لسنا بحاجة للدفاع عن الدكتاتوريات ولا الحكام الدكتاتوريين إن كانت عربية أو غير عربية فنحن الشعب العراقي عانينا طوال عقود من الدكتاتورية ومن الدكتاتور الفردي الذي كان يحكم بالظنّ ولم نكن وحدنا فحسب بل ابتلت به شعوب المنطقة وحتى أن شروره طالت الشعب الإيراني الصديق الذي نرتبط به بروابط كثيرة وهي قاعدة للتفاهم والتعاون وبدلاً من أن يستفيد حكام طهران من تلك التجربة القاسية لحرب الثماني سنوات ونتائجها البشعة، ومن مصير الدكتاتور صدام ومن نهاية ومصير الدكتاتوريين وغيرهم، فهم يوغلون في المضي نحو طريق الهاوية المسدود بتصرفاتهم وتصريحاتهم وتدخلاتهم في شؤون البلدان المجاورة وفي مقدمتها العراق ودول الخليج، معتقدين أنهم يستطيعون تصدير أفكارهم وتصوراتهم وسياساتهم وعلى الآخرين السمع والطاعة والمشي في ركابهم وهذه الحالة جعلت الكثير من الدول تترقب تصرفاتهم وتتحذر من علاقات قد تؤدي إلى توسع التدخل الإيراني والعمل على خلق مشاكل ليس على المستوى الخارجي بين الدول فحسب وإنما على المستوى الداخلي لكل شعب من الشعوب، والتدخلات الإيرانية متنوعة وكثيرة ولها شعارات موضوعة لكل حالة من الحالات فهي تدعي محاربة الولايات المتحدة ودول الاستكبار لكن في الوقت نفسه تحاول زعزعة استقرار الدول بالتحريض الطائفي والادعاء به ولكنه ذو أهداف سياسية طائفية تحت مظلة الإسلام وليس كما يقال في حب الله ولكن لمآرب يٌكفر الناس بالله مثلما هو حال أكثر من حوالي ( 8 ) ملايين إيراني فارسي وكردي وتركي وبلوشي وعربي هربوا من طغيان الحكم وابتعدوا عن الدين الإسلامي بسبب السياسة القمعية التي انتهجها حكام طهران بعدما جرى حرف الثورة الإيرانية باتجاهات تخدم التطرف وتصدير الثورة إلى بلدان وشعوب المنطقة.

ان تصريحات حكام طهران على " على قفا من يشيل " وتهديداتهم لا حصر لها ولكن أغرب تصريح أو تهديد سُمع لحد الآن على الأقل بالنسبة لي ولبعض الأخوان الذين ناقشوه هو تصريح العنجهي " الجنرال حسن فيروزبادي " رئيس أركان الجيش الإيراني الذي ادعى بأن المنطقة هي ملك إيران وأن الخليج العربي هو ملك إيران بالقول " أن الخليج الفارسي انتمى وينتمي وسينتمي دائماً لإيران " وحسب رأيه واعتقاده أن دول الخليج تتآمر على إيران ليس مثلاً بتشكيل خلايا سرية مسلحة أو تحريضية أو تمويل بالمال والسلاح أحزاب معارضة وهي غير قليلة، أو تحريض ضباط كبار للقيام بانقلاب أو التحريض على المظاهرات والاحتجاجات وتمويل البعض بملايين الدولارات لكن حسب رأيه عن طريق تشكل هوية خاصة بها على " حساب الهوية الإيرانية " إذن ممنوع على كل من يريد أن يشكل هوية خاصة به وعليه أن يشكل هويته حسب مشيئة الجنرال أو غيره من حكام إيران على شاكلة الهوية الإيرانية.. كيف يتم ذلك وبأي طريقة بالسمع والطاعة والتنفيذ وزرع خلايا التجسس وألا سوف يعاقب اشد العقاب إن كان شخصاً أو جماعة أو قومية أو دين أو دولة، وهذا أيضاً يرتبط بتحريف تاريخ الخليج العربي وعدم المطالبة بإعادة الجزر العربية طمب الصغرى وطمب الكبرى وأبو موسى أو التطرق إلى التضييق على الحريات المدنية أو الاعتراض على الاعتقالات الكيفية وخرق لوائح حقوق الإنسان أو أي حديث عن معارضة حتى لو كانت سلمية، هذا التوجه السياسي العدواني يبدو أنه أصبح ملازماً للضغط والهيمنة ولا يمكن نسيان ذلك التصريح الرنان بأن البحرين يجب أن تعود إلى إيران لأنها كانت إيرانية على حد قول ذلك المسؤول الإيراني.

إن الجنرال حسن فيروزبادي الذي له وظيفة أخرى كعضو في المجلس الأعلى للأمن القومي بإيران يطالب بكل صراحة أن تتخلى الدكتاتوريات عن الحكم "" ووضع حد لجرائمها الوحشية وترك شعوبها تقرر مستقبلها بحرية " ونحن وجميع من يؤمن بقضايا الشعوب نتفق معه ونضع يدنا بيده بشرط أن يبدءوا هم بالتخلي عن حكمهم للشعب الإيراني بالنار والحديد ويَدَعوا هذا الشعب أن يقرر مصيره وحريته ومستقبله بنفسه فليس على ما قيل " واوي حرام واوي حلال " حيث ينهون عن المنكر ولكنهم ماكرون واشد مكراً، ولسنا بالمدافعين مثلما أسلفنا عن الدكتاتوريين والحكام الذي ينتهجون النهج نفسه تحت أية يافطة للاستهلاك والخداع ولطمس حقيقتهم وحقيقة طغيانهم وتمسكهم بالكرسي حتى لو كان التمسك على آلاف الجماجم من مواطنيهم ولا يمكن التساهل معه، ولا نتفق مع من يدعي بأن هناك شر سيء وشر حسن فالشر هو الشر لكن قد يختلف الاسلوب وفي النتيجة يلتقي الشران على طاولة احتقار الإنسان وقتل المعارض حتى ولو بالكلام ونهب البلاد وإشاعة الإرهاب والخوف وتوسيع وبناء السجون والمعتقلات بدلاً من المصانع والمزارع والحدائق وأماكن الراحة وحل المشاكل الاجتماعية والمعيشية، ففي كل بلد نرى مئات الآلاف من العاطلين عن العمل ومئات الآلاف بل الملايين تحت خط الفقر بينما هناك شلة صغيرة تتمتع بالثروات الهائلة بدون أي تعب أو حتى عمل مستفيدة من كراسي الحكم أو من يجلس عليها من حلفائهم، ومن نافل القول أن يدعي الجنرال حسن فيروزبادي وغيره أن الشعب الإيراني يعيش في جنةّ عدن مثلما يدعي أي دكتاتور آخر وقد يجد المرء في إيران من المشاكل والفقر والعاهات الاجتماعية إذا لم تكن أكثر من غيرها فقد تساويها وتتشابه معها حتى بالمفردات الصغيرة، وعلى حكام إيران وغيرهم من الحكام الالتفات إلى شعوبهم وتوفير الحياة الكريمة لها، أما التهديدات والمطالبات غير الحقوقية فلن تجديهم نفعاً فها هو البعض من الحكام العرب الذين كانوا يتصورون أنهم مخولين إلهياً بالحكم والقرار وعلى العبيد الطاعة يسقطون الواحد تلو الآخر وقبلهم كان الدكتاتور صدام حسين على الرغم من أننا كنا وما زلنا بالضد من الطريقة التي أقصي فيها لكن هذه هي النهاية غير المحزنة وهو مصير أي دكتاتور ومهما تحجج بالدين الإسلامي الخاص به أو بالديمقراطية التي يضعها لنفسه أو الاشتراكية التي تفقر الناس أو القومية التي شوهوا جانبها الإنساني التقدمي بعدما حولوها إلى شوفينية وعنصرية من اجل إذابة القوميات الأصغر في بوتقتها أو السيطرة عليها وعدم تحقيق حقوقها القومية المشروعة.

أن لغة التهديد ومحاولة التدخل في الشؤون الداخلية سياسة فاشلة لن يجنى منها سوى الخذلان والانعزال وعدم الثقة والتوجس في العلاقات وخلق عداء وبؤر قابلة للانفجار في أية لحظة وهذا بالتأكيد لا يخدم شعوب المنطقة التي يجب أن تكون في علاقات يسود فيها حسن الجوار والاحترام المتبادل وبخاصة أن هذه الشعوب تمتلك من المقومات السليمة تاريخياً وحاضراً وبين الكثير منها روابط متشعبة وبالامكان أن تعيش بأمان وسلام وتعاون في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتجارية والثقافية ونجد من باب النصيحة لإعادة الثقة أن يكف حكام إيران وغيرهم من التدخل في شؤون الآخرين ونبذ لغة الاحتقان بما فيها التهديد للاحتواء الذي يكون في الكثير من الأحيان بأنه تهديد بالعنف وان لم يقل المهددون عنه بصراحة، لنا الثقة بقدرة الشعوب في تحقيق طموحاتها بما فيها حقوقها في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.





 

free web counter