| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأربعاء 4/2/ 2009



شهداء الشعب شهداء الوطن قيم في الفداء والتضحية
ونكران الذات

مصطفى محمد غريب

ذكرى يوم الشهيد و الشهداء عبارة عن ملحمة للتذكّر وواجب وطني وإنساني ولكي يتم الاستشهاد بقيمهم النضالية وصمودهم البطولي أمام عتاة المجرمين والقتلة من رجعيين وفاشيين ودكتاتوريين وعنصريين شوفينيين فالشهداء طرزوا الحياة بدمائهم من أجل الآخرين وهم أريج الحياة نفسها ومعناها الحقيقي على الرغم من عدمية الموت كحالة سكونية دائمة فهي قمة الاستعداد للدفاع عن مُثل الحرية والعدالة الاجتماعية ، والتذكرّ لا يعني الانفراد بالخاص فقط وإهمال العام حيث ينحصر الهدف فينحدر للذاتية والتفضيلية على الآخرين فلا فرق بين شهيد وشهيد وبخاصة الشهادة قمة العطاء النفسي والجسدي إذا كانت الشهادة من اجل الشعب والوطن من اجل الخير وتحقيق العدالة من أجل المبادئ الخيرة الإنسانية التي تعتبر البشر متساوين في الحقوق والواجبات وتقف بالضد من الاستغلال والظلم والاستعباد وإلغاء الآخر وملخص القول فإننا نعني بهذا القول الرجوع إلى الإهمال الذي أصاب شهداء القوى الوطنية والديمقراطية من جانب الحكومات العراقية المتتالية بعد السقوط والاحتلال فقد رأينا التمييز الواضح والتفريط بالشهادة كعام وتفضيل الخاص من اجل الاستفادة الذاتية التي تنحصر في حزبية ضيقة أو طائفية معينة لا يهمها سوى الكتلة التنظيمية ومصلحة الكسب الجماهيري من خلالها وهذا ما تجلى من خلال القرارات التي أصدرتها الحكومات وخصت الشهداء جميعهم لكن عند التطبيق ميّز شهيد عن شهيد آخر وميّزت جماعة عن جماعة أخرى وميّز حزب عن حزب آخر ففي الوزرات والدوائر اختلف التعامل مع عوائل الشهداء وخصوصية عوائلهم لأن الوزير أو المدير العام أو المسؤولين من الحزب أو التنظيم الفلاني خصوا جماعاتهم دون الآخرين فأسرعوا في التطبيق وتوفير اللازم والشهداء وعوائلهم يستحقونها لكن هذا التمييز أصاب العديد من عوائل الشهداء الغير بالضرر البليغ في تأخير معاملاتهم آو إحقاق حقوقهم بالاقتصاص قانونياً من القتلة المجرمين، ومثلما جرى التعامل منذ البداية مع السياسيين المفصولين حيث فضلت جهات سياسية دينية على جهات سياسية وتم إرجاع البعض وفق المحاصصة الطائفية ومنحوا كامل حقوقهم لا بل أكثر منها وبسرعة قصوى بينما خضع الآخرون إلى الروتين والبيروقراطية والمماطلة وتأخير واضح وعرقلت معاملات البعض منهم بشكل ملفت للنظر ولم تمنح حقوقهم كاملة كما الأولى ومرد كل ذلك لأنهم من القوى الوطنية والديمقراطية أو من غير تنظيم المسؤول الحكومي في الوزارة أو الدائرة الفلانية لا بل حتى في معاملات التقاعد جرى غبن واضح للبعض والضغط عليهم من أجل دفع الرشاوى أو تأخير معاملات التقاعد وعدم احتساب المدة القانونية للتقاعد بشكل صحيح كما تتخذ إجراءات لمجرد الاعتراض في مقدمتها قطع رواتبهم بحجة إعادة النظر في الاعتراض " وخذ ليل وجر عتابة " لأن عدم صرف الراتب التقاعدي لعدة شهور يعني موت بطيء محقق للمتقاعد وعائلته حتى يضع نفسه في كماشة دفع المطلوب وسحب الاعتراض، وقد أشير عند ذلك في وسائل الإعلام بعدما عجزوا في مناشداتهم ورسائلهم مع الحكومات وبخاصة حكومة الجعفري السابقة وحكومة المالكي الحالية.

لقد شهدت شوارع ومناطق وأحياء بغداد والمحافظات بعد السقوط والاحتلال تسميات لعديد من الشهداء ولم تبادر مثلاً أية محافظة من تخليد شهداء معروفين بوطنيتهم وإخلاصهم للشعب مثل يوسف سلمان يوسف "فهد" مؤسس الحزب الشيوعي العراقي وعضوي المكتب السياسي الشهيدين زكي بسيم وحسين الشبيبي الذي اعدموا عام 1949 بأوامر من الحكومة البريطانية عبر سفارتها في بغداد وبأيدي الحكومة العراقية حينذاك وعلى ما يبدو أن مجرد اسم شيوعي يشكل بعبعاً مخيفاً للبعض فكيف إذا كان يوسف سلمان يوسف مسيحياً أيضاً مما يرعبهم قول الحق والتسليم به كمناضل لم يساوم لا على مبادئه ولا على وطنيته وهو الذي أشار انه عندما أصبح شيوعاً صار أكثر وطنيةً من السابق، فمن منطق التأكيد على قيم تضحيات الشهداء نطالب بوضع حد للتمييز بين شهيد وآخر ولهذا لا يمكن أن يضاهي في التضحية والفداء ونكرات الذات أي عمل بطولي وموقف مبدئي مثلما هي الشهادة التي تعتبر قمة العطاء والفداء ونكران الذات، أما الموقف الآخر فنجد أن المحاكمات التي عقدت ضد ازلام النظام السابق بما فيهم صدام حسين لم تشر الحكومات أو الجهات المسؤولة عن إحقاق حق الشهداء من الحركة الوطنية والديمقراطية وعلى رأسهم الحزب الشيوعي العراقي بينما تجلت فيها فكرة الاستباقية لحزب الدعوة في قضية الدجيل ونحن هنا لسنا بالضد منها بل العكس من المؤيدين لهذه المحاكمة لكن بقدر أنها تكاد أن تكون ثانوية مقارنة مع الكثير من القضايا الأخرى مثل الأنفال والمقابر الجماعية وشهداء الحركة الوطنية والديمقراطية وهنا نسأل ما هو مصير أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الدكتور صفاء الحافظ وعائدة ياسين وصباح الدرة الذي تم تغييبهم عام 1979 ولم يعرف مصيرهم لحد هذه اللحظة والشهداء الذين أعدمهم النظام بحجة التآمر للقيام بانقلاب عسكري وهم مواطنين موزعين ما بين الخدمة الإلزامية ولاعبي كرة القدم ومواطنين عادين آخرين وعشرا من الذين غُيبوا أو اعدموا أو تمت تصفيتهم بأساليب وحشية بربرية. فلماذا يعتبر السيد الصدر رحمه الله شهيداً والآخرين غير شهداء؟ لست ممن يبالغون عندما أقول منذ 1934 لم يقدم أي حزب أو تنظيم سياسي أو ديني من التضحيات والشهداء مثلما قدم الحزب الشيوعي العراقي حتى الوقت الراهن فقد كانت كل مرحلة من مراحل الصراع تحمل المشانق والإعدام بالرصاص ثلة من قيادته وكوادره وحتى أصدقائه والجميع يعرف ما فعله حزب البعث العراقي أبان انقلاب 8 شباط 1963 حيث تم تصفية سكرتير الحزب الشهيد سلام عادل والعديد من أعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية ولم تمر فترة أخرى حتى تم تصفية عضو المكتب السياسي الشهيد جمال الحيدري وثلة من قادة الحزب وسجل التاريخ العشرات من الإعدامات والتصفيات حتى بعد انقلاب البعث الثاني 17 تموز 1968 فقد اغتيل عضو اللجنة المركزية شاكر محمود وعضو اللجنة المركزية ستار خضير ومحمد الخضري ثم تلت ذلك التصفيات والقتل تحت التعذيب في المعتقل السيئ الصيت قصر النهاية، أما مرحلة ما بعد السقوط فسيل الشهداء بقى مستمراً والحقد الدفين من قبل أعداء الشعب، أعداء الحياة، أعداء الديمقراطية والحرية تأجج في صدور غلاة الرجعيين والتكفيريين والاصوليين وبدأت الاغتيالات تطال الكوادر والأعضاء وحتى أصدقاء الحزب وهاهو عضو المكتب السياسي الشهيد سعدون والشيوعي الكادر النقابي هادي صالح أبو فرات والمثقف الشيوعي كامل شياع ولم تسلم حتى النساء الشيوعيات والديمقراطيات من عمليات الاغتيال وعلى الرغم من مطالبة القوى الوطنية والديمقراطية وعشرات الآلاف من المواطنين العراقيين مثقفين وعمال وفلاحين وكسبة كادحين بإجراء تحقيق عادل للكشف عن الجناة وبعضهم كما هو معروف مشارك في العملية السياسية لكن دون جدوى فقد بقيت هذه القضايا طي النسيان، أننا نطالب بوضع حد للتمييز واعتبار الشهداء متساوين ولهم الحقوق نفسها بالتخليد ووفق قوانين تسن لهذا الغرض ثم إجراء محاكمة عادلة من أجل الاقتصاص القانوني من القتلة والمجرمين أسوة بتلك المحاكمات التي جرت في قضايا أخرى.


 


 

free web counter