| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

الأحد 4/10/ 2009



أهداف مريبة غير ودية خلف تجفيف أنهار العراق

مصطفى محمد غريب

منذ حقبة تاريخية طويلة أكد الكثير من الخبراء والمختصين الدوليين والمحلين من أن الحرب القادمة ستكون حرباً على المياه الصالحة للشرب والزراعة ودعوا لإيجاد تفاهم مشترك بين الدول حول الحصص المقررة حتى أثناء وجود خلافات بينها وعدم التجاوز أو الضغط والابتزاز وإلى الالتزام بالقوانين والاتفاقيات الدولية لحل هذه المشكلة المعضلة التي سوف يترتب عليها إذا استمرت بدون الحلول المنطقية الإنسانية والبيئية طريقها للتطبيق، مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى حروب طاحنة يخسر فيها الجميع تقريباً، وقضية المياه في العراق التي لم يحسب لها الحساب الواقعي الأفضل منذ تأسيس الدولة العراقية أصبحت هذا الأيام أكثر من معقدة، وإيجاد الحلول للوقوف بالضد من تجفيف الأنهار في العراق تكاد أن تكون في الوقت الراهن من الأوليات أمام الحكومة العراقية، ونشير أن هذه القضية ليست قضية عابرة ممكن حلها بواسطة " بوس اللحى الدينية و السياسية " لأنها لا تخص مجموعة دون أخرى بل تخص حياة الملايين من البشر وخطورتها تكمن في تعريض البلاد إلى كارثة إنسانية وبيئية لا تختلف عن كوارث الحروب إذا لم نقل أنها أكثر من ذلك بكثير وهاهي الوقائع تظهر جلية وكيف تحول العراق إلى بلد يشكو من العطش وملوحة المياه وسبخ الأرض بعدما كان يلقب بابو الأنهار والأرض المعطاء، ولذا يزداد السخط الشعبي يوما بعد يوم بسبب سياسة عدم التوازن والإسراع في حل هذه المعضلة وبالضد من سياسة إيران وتركيا المائية، اللتان تعملان من اجل إقامة المزيد من السدود على الروافد التي تصب في انهر العراق، فمنذ سنوات طوال لم تشهد انهار العراق وفي مقدمتها دجلة والفرات من تركيا ونهري الكرخا وكارون اللذين ينبعان من إيران هذه النقص في المياه بسبب حبسها خلف سدود من قبل الدولتين مما أدى إلى تصحر أراضي عراقية من الشمال وحتى مناطق الوسط والجنوب وكذلك إلى جفاف واسع للاهوار التي كانت مساحتها تقارب العشرة آلاف كم مربع، لقد أشار أكثر من متخصص بقضايا المياه وتقليص الأراضي الزراعية وزيادة التصحر بأن العواصف الترابية تتداخل مع لقمة العيش للمواطنين وهي مضرب الأمثال لحالة العراق وأراضيه السيئة وما كان يكنى به بأرض السواد فانقلبت أراضية بسبب إهمال الحكومات المتعاقبة في وضع دراسات علمية واستشراق المستقبل الإروائي وإمكانيات وضع خطط تحسبناً للمخاطر التي تواجه البلاد زراعياً وبيئياً وسكانياً ذلك الإهمال وما رافق التغيرات الجديدة وسقوط دولة البعثصدامي واحتلال العراق وسياسة الدولة الإيرانية والتركية في حجب كميات من المياه بدون توخي الحذر في حصة العراق حسب القوانين الدولية جعلت الكارثة تقترب أكثر من جميع التوقعات السابقة، كارثة توسع التصحر والملوحة لتشمل الكثير من الأراضي وبالتالي كارثة نكبة المدن التي تعتمد اعتماداً أساسيا على سقاية هذه الأنهار واستعمال مياهها للشرب وقضايا أخرى وهو ما يؤدي إلى الاحتقان والغضب وقد تكون ردة الفعل عفوية في بداية الأمر لكن بالتأكيد ستأخذ منحى أكثر خطورة وقد تكون البصرة من المدن التي تضررت وسوف تتضرر أكثر إذا استمر الحال على هذا المنوال كما يقال وليس بالمستغرب عندما أعلن بأن البصرة هي أول المتضررين وهناك توقعات ومخاوف من نزوح جماهيري واسع مما دعا المجلس السياسي إلى طلب اعتبارها " مدينة منكوبة " ولعبت سياسة إيران المائية ومحاولاتها لتجفيف الأنهار التي تروى مناطق واسعة دوراً غير ودي للشعب العراقي ولم تكتف في أذيتها في جوانب أخرى حتى بدأت بهذا الجانب الإنساني الذي يخالف القوانين الدولية والإنسانية وبالضد من الأعراف الدينية، وعجباً هم يلطمون ويزنجلون بسبب منع الحسين ع وعائلته من شرب الماء بينما هم يزاولون الطريقة نفسها ولكن بشكل آخر، يزاولون حجب المياه مع العلم أن هناك العديد من الاتفاقيات الأخرى قد وقعتها مع الحكومة العراقي تخص مناحي أخرى اقتصادية وتعاونية، الحكومة العراقية لم تفعل بما فيه الكفاية وقد سُرب أن أكثرية الجهود التي بذلت لم تفلح في الوصول إلى حلول منصفة في هذا الموضوع بسبب تعنت ألجاره!! ولا نعرف إلى متى ستستمر إيران في أذيتها والحكومة حائرة بين الموقف المتشدد والمتراخي والكارثة البشرية والبيئية تدق الأبواب وتجعل من مدينة محافظة النخيل والبعض من نواحيها وفي مقدمتها مدينة الفاو، محافظة بدون بشر أو نخيل بعدما حبست إيران مياه نهر الكارون وغيرت مجراه ليصب في نهر آخر داخل إيران هذه التحويل وغيره من الأمور أدى إلى قضية لا تقل خطورتها عن ما اشرنا إليه فقد ارتفعت نسبة الأملاح في مياه شط العرب " وهلاك بساتين النخيل والحناء والحيوانات الداجنة " أما تركيا ومن خلال سياسة بناء السدود الضخمة على مصبي دجلة والفرات فهي تلعب مع العراق لعبة القط والفأر ففي جانب يجري معها التوقيع على اتفاقيات تجارية وتعاونية وارتفاع في معدلات تصدير البضائع التركية إلى المليارات من الدولارات فضلاً عن أنبوب النفط الممتد عبر أراضيها وهي تستفيد منه لكنها في الوقت نفسه تقوم ببناء سد كبير على روافد نهر دجلة والتوقعات حبس المياه عنه تماماً وكما هو الحال مع إيران لم تنجح المحادثات المتعددة الأطراف في إقناع حكام أنقرة لإطلاق حصة العراق الطبيعية والمتعارف عليها في القانون الدولي، أن هذا التعنت من قبل إيران وتركيا ليس له إلا مبرر واحد هو روح العداء المتأصلة في حكام هاتين الدولتين وان قيل كثيراً عن علاقات مبنية على الاحترام المتبادل وإقرار الحقوق المشتركة، هذه المواقف تذكرني بموقف سابق حدث مع مصر حول مياه نهر النيل وقد كانت هناك محاولات للتجاوز على حصتها منه وعلى ما أتذكر ربما كان في أواسط أو نهاية الثمانينات حيث هددت مصر بشن حرب على تلك الدول التي تحاول المساس بحصتها وقالت أن ذلك يعني هلاك الشعب المصري وفعلاً تراجعت الدول التي حاولت بناء سدود إضافية على منابع نهر النيل الذي ينبع من أوغندا على ما اعتقد، إلا إن وضع العراق والحكومة العراقية لا يحسد عليه وهي لا تستطيع فرض مبدأ القوة ضد السدود التي تقام لتدمير الأراضي الزراعية وقتل العراقيين مع سبق الإصرار ومن هذا الواقع لا طريق (وعسى أن تسرع الحكومة العراقية وان تكون جادة إذا لم تنفع الجهود في ردع الدولتين عن تنفيذ الخطط المريبة ) اللجوء إلى المحاكم الدولية لتفعيل القانون الدولي الذي يُحمل المسؤولية لجميع الدول التي تشترك في الأنهار والبحيرات ومن حيث منابعها أو مصباتها وتعرية السياسة اللاإنسانية التي تهدف إلى الخراب والدمار البشري والبيئي، والا ستوغل الدولتين أكثر فأكثر في السير في هذا الاتجاه من اجل مصلحتهما الأنانية دون الاعتبار لا لحسن الجوار ولا لمبدأ الصداقة والعلاقات المشتركة والمتعددة الجوانب التي تربط بين شعبيهما وشعبنا وعند ذلك سيكون العراق وشعبه الخاسر الوحيد في هذه الخطة القذرة التي ظهرت كما توقعها الجميع ولم يحسب لها لا في الوقت ولا الزمان ذلك الحساب الوطني المسؤول


 

 

free web counter