| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى محمد غريب

mousga@online.no

 

 

 

                                                                                  الأحد 4/9/ 2011

 

مشروع قانون الأحزاب خلل في المبادئ الديمقراطية

مصطفى محمد غريب

عندما أُعلن عن مشروع قانون للأحزاب أعدته الحكومة وقدم إلى البرلمان وبعدما أنهى البرلمان القراءة الأولى في الأول من آب 2011 لاحظنا أن مسودة المشروع لن تكون أفضل من قانون الانتخابات فذلك القانون شرع لا من أجل ترسيخ الديمقراطية والاعتراف بحقوق الجميع بل من أجل الكتل المهيمنة على السلطة وبالمثل فإن مشروع قانون الأحزاب قدر له أن يكون تقريباً على شاكلة ذلك القانون الانتخابي ولن نطيل بالشرح والتفصيل فقد سبقنا العديد من القانونيين والمثقفين والأحزاب في ذلك وهم محقون في آرائهم وملاحظاتهم الانتقادية فقد دل المشروع على دعمه للكتل والقوى التي هيمنت على السلطة والحفاظ على مصالحها وبالضد من تشكيل الأحزاب أو الهيمنة عليها من خلال جعلها تابعاً لوزارة العدل من خلال ما يسمى " دائرة شؤون الأحزاب السياسية " ولا بد من الإقرار أن البعض من بنود المشروع تقف عائقاً أمام تحقيق الديمقراطية بما تحمله من ثغرات إذا لم يتم معالجتها فسوف تكون بالضد من طموحات المواطنين حول تشريع قانون للأحزاب ديمقراطي شفاف يساعد على تنظيم قيام الأحزاب لا أن يعرقل تواجدها ويهيمن عليها.

في خضم الصراع الجاري بين أقطاب السلطة واتجاهاتهم السياسية ومؤشرات تأثير القوى الخارجية على البعض منها نلاحظ أن هذه الخلافات تتجمد لحين ونقول لحين لوجود تهديد لمواقع ومصالح الكتل فعند ذلك تبدأ المواقف تتوحد وإن لم يعلن عنها، وما يميز المواقف والخلافات المستمرة على كل شاردة وواردة أنها تتذلل في القضايا التي تمس مصالحهم أو في قضية ما وهم يتناسون خلافاتهم ليكونوا يداً واحدة ضاربة من اجل الحفاظ على وجودهم في قمة السلطة والأمثلة كثيرة بخاصة في ما يُشرع من قوانين مهمة وأكبر مثال قانون الانتخابات الذي ذكرناه في البداية وبواسطته حافظوا على أكثرية مواقعهم وباتجاه الاستحواذ على أصوات الناخبين للقوى الأخرى التي أضرها قانون الانتخابات أشد الضرر وبهذا يجعلنا متأكدين 99% بأن ما جرى لقانون الانتخابات سوف تسعى هذه القوى لتشريع قانون الأحزاب ذو القياسات الموضوعة له على نهج قانون الانتخابات لكي يتم تمرير مفاهيم الكتل المهيمنة وإخضاع القانون لهيمنة الحكومة وتلاعباتها في المستقبل إذا ما وجدت نفسها محرجة أمام الأحزاب التي تقف في صف المعارضة أو التي تختلف بالرأي معها.

اليوم وبعد القيل والقال ومثلما اشرنا قدمت الحكومة العراقية مشروع متفق عليه وإن كانت هنالك بعضاً من التصريحات والانتقادات صدرت من قبل أعضاء تحالف العراقية أو التحالف الوطني العراقي لكنها مجرد تصريحات وانتقادات إعلامية للاستهلاك ولا تصب بمجرى قيام قانون للأحزاب ديمقراطي المحتوي يقوم بمراعاة القوى الاجتماعية وتأسيس الأحزاب بدون أية قيود إلا اللهم ما أشير حول الموقف من الطائفية والتكفيرية والعنصرية والنهج الشوفيني والتعصب القومي والعرقي ومع ذلك فإنه غير واضح تماماً ومن الممكن خضوعه لاجتهادات وتفسيرات لا تحقق المراد من الفكرة ، إلا أن ما يؤسف له فقد لمسنا أن القراءة الأولية من قبل البرلمان العراقي وبعد أن نشر المشروع في وسائل الإعلام انه يحمل نواقص وتجاوزات جدية، ومن هنا نرصد أن الحكومة والقوى المهيمنة على القرار لا تريده قانونا ديمقراطياً يحمل روح الشفافية والتعاون أي بصريح العبارة تريده قانونا يتماشى مع مصالحها وتوجهاتها ومضايقة القوى إن كانت معارضة أو لا تتفق مع النهج الذي تسير عليه البعض من هذه القوى، ومنذ البداية فقد تعالت الأصوات المعارضة حزبية أو منظمات المجتمع المدني والكثير من المواطنين العراقيين مطالبة بضرورة تعديل البعض من بنوده وبخاصة المادة رقم ( 2 ) ثالثاً والمادة رقم ( 19 ) ثانياً التي كما اشرنا لها في المقدمة إنشاء " دائرة شؤون الأحزاب السياسية في وزارة العدل" وهي تابعة لهذه الوزارة وبرئاسة موظف بدرجة مدير عام، كما توجد مواد أخرى عديدة تتدخل في شؤون الأحزاب أو تمنح الحق في إلغاء الإجازة لجهات رسمية تابعة للحكومة أو عدم منحها لتشابه البرامج وهذا يعني الخضوع لاجتهادات الموظف المسؤول أو الجهة الرسمية التي يمنحها القانون حق التدخل فتصبح الآمر الناهي، وهذا لا يعني التخلي عن الضوابط المتعارف عليها في العالم وفق معايير الديمقراطية وحرية التنظيم والانتماء كما أن الفلتان الذي أسسه قانون بريمر الأمريكي في تشكيل الأحزاب بدون ضوابط ينظم عملها أضر ويضر العملية الديمقراطية ويجعلها مضطربة لا يمكن أن تدر فائدة على قيام الدولة المدنية الديمقراطية والتي تكون فيها حماية حقيقية للأحزاب وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وفرض مفاهيم السلطة على تأسيسها أو عملها المباشر والمستقبلي

قد نتفق على ما جاء في نهاية المشروع في " الأسباب الموجبة : انسجاماً مع متطلبات الحياة السياسية الجديدة والتحول الديمقراطي ، ولغرض تنظيم الإطار القانوني لإقامة الأحزاب السياسية على أسس وطنية ديمقراطية تضمن التعددية السياسية وتحقق مشاركة أوسع في الشؤون العامة "

والسؤال هنا ـــ كيف يمكن تطبيق هذه النهاية أو الخاتمة مع المواد التي وضعت لتقييد إقامة وعمل الأحزاب في البعض من المواد والتدخل في شؤونها وإقامة الرقابة التي لها وجهان ممكن استغلال الأسوأ منهما ضد من يختلف معهم كما حدث مثلاً لمقر الحزب الشيوعي العراقي الذي كان قانونياً في تعاقداته لكن رئيس الوزراء وجد في الموقف الوطني المساند لمطالب الجماهير الشعبية والمضاد لموقفه ذريعة لتوجيه البعض من القوات المرتبطة به باعتباره القائد العام وبقرار أخلاء الحزب الشيوعي لمقره في الأندلس، وأكثرية المواطنين يعرفون أن حزبه والأحزاب المهيمنة الأخرى استحوذت على العديد من ممتلكات الدولة أو استأجرتها بأثمان بخسة، أن مهمة جميع الوطنيين العرقيين وعلى اختلاف مشاربهم الفكرية والأحزاب الوطنية والديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني التي تسعى لإقامة الدولة الديمقراطية المدنية هو النضال لتعديل مشروع قانون الأحزاب الجديد في العراق انسجاماً مع متطلبات عدم التجاوز على الحريات واحترام الرأي الآخر والكف عن التدخلات بغرض خدمة المصالح الحزبية الضيقة للبعض من القوى المتنفذة والا سوف يكون هذه القانون وبحلته الحالية عائقاً أمام تحيق المبادئ الديمقراطية مثلما كان قانون الانتخابات غير العادل.





 


 

free web counter