|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت 4/8/ 2012                               مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الإصلاح وتجربة المفاوضات

مصطفى محمد غريب

التجربة خير برهان أي بالعربي الفصيح المجرب حكيم لأنه قد يستفيد ولا يكرر الخطأ ومن باب أولى أن يكون حذراً وحريصاً في الوقت نفسه وان لا يركبه التفاؤل الساذج فيقع في الخطأ ثانية وهو ملزم لنا بعدما شبعنا من إطلاق التصريحات والوعود والتعهدات غير المسؤولة والتي ليس لها أول ولا آخر وبالأخص حول إيجاد حلول للمشاكل عن طريق الاتفاقيات والمفاوضات أو ورقة الإصلاح التي أعدت من قبل التحالف الوطني وبرئاسة إبراهيم الجعفري للمساهمة في إنقاذ رئيس الوزراء من دعوة الاستجواب أو حجب الثقة عنه في البرلمان ، ورقة الإصلاح التي لوح بها منذ بدء التهديدات ما بين الأطراف المتصارعة لم يطلع عليها لا الفرقاء ولا القوى التي خارج الصراع على الكراسي ولا الشعب العراقي وبقيت مثل طلسم موضوع في قنينة مرمية في البحر ولحين خروجها والإطلاع عليها سوف يشيب الولدان لأن المشكلة ليست فقط ما بين ائتلاف القانون ونوري المالكي والآخرين إنما هي مرتبطة أيضاً بالخلافات السياسية داخل التحالف الوطني نفسه فلكل جهة في التحالف رأي سياسي مخالف ونظرة تختلف على نوعية التحالف وتقاسم السلطة بما فيها الانصياع لإيران ومصالحها أو الانتماء الطائفي وخير مثال الموقف من اتهام حسن نصر الله اللبناني بالكذب من قبل احد نواب العراقية احمد العلواني وحسب تصورنا هي ردة فعل طائفية حول تصريح النائب عن التحالف الوطني سامي العسكري بوصفه القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين " بأسوء عمامة " وعلى ما يبدو أن الطامة الكبرى وصف العلواني لقائد فيلق القدس ومسؤول الملف العراقي في الحرس الثوري قاسم سليماني بأنه عدو وعلى اثر ذلك انبرت التهديدات والسجالات فتدخل إبراهيم الجعفري وغيره وخطب سلمان الجميلي وكأن الدنيا انقلبت لدى البعض فماجوا وهاجوا مثل أمواج البحر في عاصفة قوية وكأن القرضاوي أو حسن نصر الله معصومان ونبيان من الأنبياء والمرسلين مع الاعتذار " بينما هناك يومياً منْ يسيء سراً وعلانية حتى للأنبياء والأئمة والصالحين " هكذا الوضع فبينما شعبنا ينوء تحت هذا الثقل من سوء الحياة المعاشية والأمنية ويتطلع لحل المشاكل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وهو محاط بشكل يومي بالتفجيرات الإرهابية والاغتيالات المجرمة والتجاوز على المواطنين وبدلاً من توجه هؤلاء النواب وغيرهم من المسؤولين للكارثة والمأزق فهم يثيرون القضايا لمجرد الإثارة وخلق المشكلة تلو الأخرى، وكان الأجدر بهؤلاء ومن منطلق المصلحة العامة حث الهمم للإطلاع على ورقة الإصلاح وطرحها على الناس وليس كما حصل لاتفاقية اربيل التي سرعان ما جرى إهمالها وعدم الاعتراف او عدم تنفيذ ما جاء فيها من البنود، وعلى ما يبدو وما عاد سراً أن هناك مشاكل حتى بين الذين اعدوا ورقة الإصلاح أي التحالف الوطني، ولا ندري كيف سيجري طرحها على الآخرين من خارج التحالف الوطني، وكيف يمكن القبول بها والكتل السياسية المتنفذة منقسمة على نفسها فالذي يدعو للإصلاح لديه هو الآخر مشاكل وخلافات ليست بالقليلة والبقية التي تريد حجب الثقة عن نوري المالكي من خلال الاستجواب في البرلمان ليس لها وضوح تام عن نهاية هذه العملية مما خلق شكوكاً بعدم الجدوى او النجاح، وأمام هذه الحالات للتخلص من الاستجواب وحجب الثقة سارع التحالف الوطني برئاسة إبراهيم الجعفري في الحديث عن إجراء إصلاحات وكأن الإصلاحات تحتاج إلى أوراق لا تحصى وآليات ليس لها حدود، وبينما الأكثرية مشغولة ومهتمة ينبري البعض بالتأكيد والقول أنها مضيعة للوقت وفق مناورة لإطالة الزمن وتسويف مطالب الكتل الأخرى بتأثيرات داخلية وتأثيرات خارجية ومنها إيرانية فقد لاحظنا تراجع مقتدى الصدر عن الاتفاقات في اجتماعات اربيل والنجف.

ورقة الإصلاح

لنعد إلى ورقة الإصلاح التي أُعلن عنها منذ أكثر من شهر، ماذا تحتوي ولماذا لا تعلن بنودها! وفي أي مكان سيجري الإصلاح ؟ هذا الاستفسار ليس ما طرحه رئيس مجلس النواب إسامة النجيفي فقط ودعا فيه إلى الكشف عن مضمونها بل أيضاً رئيس المجلس الإسلامي عمار الحكيم الذي طالب بكشف مضمون ورقة الإصلاح وكأن لسان حاله يقول حتى أنا لا اعرف مع العلم انه ركن أساسي من أركان التحالف الوطني، إلا أنه يصطف إلى جانب إسامة النجيفي في دعوته واستفساره ليدعو أيضاً الكشف عن مضمون ورقة الإصلاح، فإذا كان عمار الحكيم لا يعرف المضمون فكيف ستقدم باسم التحالف الوطني وبإشراف إبراهيم الجعفري؟ أليس ذلك نوع من الغرابة حتى على العلاقات ما بين التحالف الوطني ودليل على أن هناك من يستأثر وينفرد بالقرارات؟ وانصياع البعض من مكونات التحالف الوطني سببه تخويفهم بمختلف الوسائل منها ضياع السلطة عن الشيعة وهي ورقة يتلاعب بها البعض من أحزاب الإسلام السياسي الشيعي وكأنهم يريدون بها تحريك وإثارة الطائفية بين أبناء الشعب العراقي لكي يستمروا في قيادتهم وكسب أصواتهم، في جانب ثاني نجد الكثير من الحريصين يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً من فشل آخر يصيب ورقة الإصلاح وبذلك تضاف إلى مخاوف جديدة تزيد عدم القناعة بإنهاء الأزمة وأن من يدعي الخروج منها هو الذي يساهم في تعميقها في مناورة للخداع والهروب من مواجهة الكتل المعترضة بشكل صريح وواضح، وفي المضمار نفسه هناك احتمال أن يُحمل إبراهيم الجعفري مسؤولية فشل ورقة الإصلاح وتحرق أوراقه مثلما حرقت أثناء الصراع على رئاسة الوزراء بينه وبين نوري المالكي الذي أبعده بشكل لا يمت لروح رفقتهم الحزبية مما أدى إلى خروجه من حزب الدعوة وتأسيس حزب آخر.

إن اللجوء للمناورات السياسية عبارة عن تضييع للوقت لأن المسألة لا تتحمل مثل هكذا مناورات فكلما يمر الوقت تبرز على الساحة العراقية خلافات جديدة تضاف للقديمة وهي مقصودة ولها أهداف مرسومة، والمتابع المهتم بالأوضاع يدرك أن رفع وتيرة التصريحات النارية والتهديدات العسكرية دليل على محاولات ترمي إلى صرف الأنظار عن الأزمة الحقيقية التي تمر بها البلاد، والتصعيد مع الإقليم بهذا الشكل ليس دليل على الحكمة والتعقل لحل المشاكل وإنهاء الخلافات، والجميع بحاجة إلى أن يكشف التحالف الوطني وإبراهيم الجعفري مضمون ورقة الإصلاح ويعممها على الشعب لكي يعرف الغث والسمين، يعرف أين الخلل وكيف ستتم معالجته، يعرف هل ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء نوري المالكي جاد في إيجاد الحلول الصحيحة لحل الإشكاليات وإنهاء الخلافات وتنفيذ الإصلاحات، أم انه سيناريو جديد يضاف إلى السيناريوهات السابقة لفبركة الموضوع وتحقيق مآرب تنفع الحكومة وائتلاف القانون وحزب الدعوة بالذات إلى حين ولكن ليس لأمد بعيد، وعسى أن يفك اجتماع قادة الكتل السياسية مع نوري المالكي عقدة التردد من المفاوضات المباشرة وبخاصة قد أعلن أن وفداً سوف يزور اربيل واللقاء برئيس الإقليم مسعود البرزاني لإيجاد حل على الأقل بالنسبة للخلاف بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم فيما يخص المناطق المتنازع عليها ومهمات الجيش العراقي ومهمات قوات البيشمركة ونزع فتيل الانفجار العسكري بين الطرفين، كما جرى التأكيد على ضرورة عقد اجتماع بين رئيس الوزراء نوري المالكي وبين رئيس الإقليم مسعود البرزاني لحل الإشكال ولتفادي أي مشكلة قد تكون خطرة تضر مصالح البلاد، ونحن بدورنا نحث على التوجه لقيام مفاوضات مباشرة تكون قاعدة لردم الخلافات لا إلى تأجيجها المضر والوصول إلى حلول منطقية تساعد على المضي في دعم الجهود لبناء الدولة ومعالجة النواقص والأخطاء وتحقيق المطالب العادلة للجماهير العراقية.

 
 

 

 

 



 

 
 
 
 
 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter